السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نهر موسيقي جار من المغرب إلى أبوظبي

نهر موسيقي جار من المغرب إلى أبوظبي
15 مارس 2018 20:30
لكبيرة التونسي (أبوظبي) تعكس الفرق الموسيقية المشاركة في «المغرب في أبوظبي» تراكما غنيا لمعطيات دينية، وتاريخية، وجغرافية، واقتصادية، واجتماعية تعكس الحياة المغربية في أبهى صورها. ويومياً تمتع الفرق زوار المعرض، الذي يستمر حتى الـ19 من الشهر الجاري، تحت شعار «المغرب يفتح أبوابه لكم»، بعروض فنية تنهل من فيض الموروث الثقافي والحضاري للمغرب العريق. تشنيف الآذان وتحرص النسخة الثالثة من المعرض، الذي تنظمه وزارة شؤون الرئاسة، على تقديم باقة واسعة من الفنون التقليدية التي تبرز جانباً من تاريخ المغرب، الذي احتضن عبر 12 قرناً مضت، حضاراتٍ وثقافاتٍ متنوعة. وتشنف الألوان الموسيقية المشاركة، والتي لا تتجاوز 10% من المنتج الموسيقي المغربي الذي صاغته الحضارات والثقافات المختلفة التي مرت بالمملكة، أسماع الزوار بأغان صوفية ومدائح نبوية، والتغني بالطبيعة الخلابة، وبث رسائل الحب والتسامح بين الشعوب، حيث يحلّق الزوار يوميا في عوالم من الطرب الأصيل. وتتناوب الفرق المتمركزة في الزوايا الأربع للصرح العمراني، المقام على طراز البيوت الفاسية بأرض المعارض، على أداء وصلات موسيقية تراثية تعزف بآلات تقليدية، وقد ارتدى أعضاؤها اللباس التقليدي لبعض المدن المغربية، فيما يجتمع الفنانون في ختام البرنامج للإنشاد بالشمائل المحمدية في فقرة بعنوان «الموسم العيساوي». تنوع وثراء عن مشاركته، يقول الملحن والعازف المغربي نبيل الخالدي إن العرض الموسيقي لهذا العام يشهد إقبالا كبيرا من الزوار الذين يستمتعون بالاطلاع على الموروث الثقافي والحضاري للمملكة من خلال الوصلات الموسيقية، مشيراً إلى أن دورة هذه السنة تشهد إضافة فرقتين موسيقيتين، وهما فرقة اللون الأمازيغي للرايسة فاطمة تيحيحت، وفرقة الطرب الغرناطي للفنانة بيان بلعياشي، بالإضافة إلى الألوان الموسيقية الأخرى المتمثلة في الطرب الأندلسي، والملحون، وعيساوة، وكناوة، والموسيقى الصحراوية للفنانة باتون مرواني، والموشحات مع ليلى البراق. ويوضح «عَبَرَت الفرق الموسيقية التي تقدم وصلات غنائية تتنوع بين الروحاني والاجتماعي والعاطفي بالجمهور إلى عمق التراث الموسيقي المغربي المتنوع، فهناك الموسيقى التي تعيدنا إلى العصر الأندلسي بما فيه من غناء مميز تمازج فيه الموروث العربي مع الطابع الأندلسي، بالإضافة إلى برامج موسيقية تمثل المملكة من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها». ويذكر الخالدي، المدير الفني للمعرض، أن «الفرق الموسيقية في «المغرب في أبوظبي»، لا تمثل إلا 10% من الأساليب الفنية في المملكة، وهي الغرناطي من الشمال الشرقي للمملكة، والحضرة الشفشاونية من الشمال وهي فرقة نسائية صوفية متخصصة في المدائح النبوية، وفرقة كنارة من مراكش والصويرة، وفرقة عيساوة من مكناس وفاس وسلا، وفرقة الجوق الوطني بالرباط والفرقة الأندلسية وفرقة الملحون لعائشة الدكالي، والفرقة الصحراوية لباتول المرواني»، مضيفاً «نحاول في كل دورة جلب فرق جديدة تبرز غنى الموروث الثقافي المغربي الموسيقي». وعن أهمية الحفاظ على هذه الفنون، يقول الخالدي «حركة التوثيق التي يقوم بها باحثون وتعاطي الشباب مع هذه الفنون القيمة في عمقها الروحي والمعرفي والفلسفي ينبئان بأنها ستستمر». فن الصحراء تنحدر فرقة «الفن الحساني» من مدينة العيون بالصحراء المغربية، والمتميزة بلباسها الصحراوي، الذي يطلق عليه «الضراعة»، وهو زي فضفاض غالبا ما يكون بالأبيض والأزرق انسجاما مع مناخ الصحراء الجاف والحار. وتقدم الفرقة لونا صحراويا بامتياز، تتنقل فيه بسلاسة من لحن لآخر، فيما تتعالى صيحات مغنيها لتضفي على الأجواء بعدا روحيا فريدا، وينغمس أعضاؤها في أداء رقصات تعتمد أغلبها على حركات الأيادي، وتتغنى بالخيام والترحال. وتقول بتول المرواني، قائدة الفرقة، إن الفن الحساني يعتمد على إتقان الشعر وأوزاينه سواء باللغة العربية الفصحى أو باللغة الحسانية، أو باللهجة البدوية المشتقة من العربية التي كانت تتحدث بها قبائل بني حسان بالصحراء المغربية، مشيرة إلى أنه حين يرتفع حماس الإيقاع داخل «الكارة» تدخلها إحدى الفتيات وهي تغطي وجهها على استحياء، لتبدأ بالرقص بحركات بطيئة، فيما يتعالى دق الطبول وتصفيق المتحلقين حولها. وتعبر نجمة الأغنية الحسانية الأولى عن سعادتها بالمشاركة للمرة الثالثة في فعالية المغرب في أبوظبي، وبتفاعل الزوار الذين يعشقون هذا اللون الذي تستعمل فيه أدوات بسيطة مثل الطبل والصينية والكؤوس. ألم الفراق وتتكون فرقة «كناوة» من تسعة أشخاص، وهي تتسيد الساحة الفنية في المعرض، صادحة بأجمل أغانيها، ويقول المعلم باقبو، قائد الفرقة، إن هذه الأغاني تعود جذورها إلى غانا، وتمزج في أدائها بين اللونين الإفريقي والمغربي، وهي تنحدر من سلالة العبيد الذين جلبوا في العصر الذهبي للإمبراطورية المغربية من أفريقيا السوداء الغربية، التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي أو إمبراطورية غانا، موضحا أن حركة تكناويت الموسيقية دخلت المغرب أيام السلطان مولاي إسماعيل من كينيا ومالي وغانا، حيث كانوا يرددون أغاني الشجن حزنا على فراق الوطن والأهال، مستعملين الطبل والسنتير والكنبري. وأوضح باقبو أن هذا اللون الموسيقي المشهور في المغرب، وصل إلى العالمية حيث يتدفقون مريدوه للمغرب لحضور مهرجان «الصويرة» العالمي، الذي احتفل بمرور 21 سنة على انطلاقه. فن الملحون ولعشاق فن الملحون مساحة فسيحة يستمتع من خلالها مريدوه بقصائد أغلبها غزلية. ويتمتع فن الملحون بقيمة فنية عالية جعلت باحثين يفردون له المؤلفات حفاظاً عليه من جهة، ولنشره على نطاق واسع من أخرى. وتقول عائشة الدكالي، أستاذة الموسيقى بالمعهد الجماعي بالرباط وعضو لجنة الأنطلوجية بأكاديمية المملكة المغربية، إنها بصدد تحضير أطروحة حول علم وجود الملحون، حيث سيتم تسجيل 100 قصيدة ملحون بأشكال مختلفة وأنغام متنوعة، وأغراض شعرية متباينة. وتوضح الدكالي، رئيسة أول مجموعة عيساوية نسوية بالمغرب والعالم، أن فن الملحون تراث مغربي أصيل ظهر في عهد الدولة الموحدية في القرن الحادي عشر الميلادي، ويعود لمنطقة سجلماسة (في تافيلالت حاليا)، وهو يعتمد على التراث الشفهي، ويتخذ من اللغة العامية أداة لقصائده الطويلة، مشيرة إلى أنه سمي ملحونا لأن اللحن يوضع قبل القصيدة، وله أغراض شعرية تتنوع بين المدح والاستغفار والطبيعة والغزل والفكاهة، ومن أشهر قصائده «الزردة»، و«الغزال فاطمة». وتذكر أن الملحون اشتهر بين رجال الصناعة التقليدية، وتغنى به في البلاط الملكي في عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ، وازدهر في عهد الدولة العلوية. الفرقة العيساوية.. تنوير روحاني تقدم الفرقة العيساوية يومياً خلال البرنامج الموسيقي برئاسة المقدم ياسر الشرقي، عرضاً خاصاً من خلال المدح بصوت عالٍ واستخدام الموسيقى في مسارات التنوير الروحاني، حيث إن النسيج الموسيقي للفرقة العيساوية له وقع خاص على المستمعين، كما أن حفلات عيساوة تقام في المناسبات الدينية كذكرى المولد النبوي الشريف، كما تتجلى الموسيقى العيساوية في الموسم العيساوي، وهي الفقرة التي تختتم يومياً المعرض، حيث تجتمع الفرق كلها وتصدح بشمائل النبي عليه الصلاة والسلام. تحيحيت.. نموذج كفاح تعد الفنانة المغربية الأمازيغية فاطمة تحيحيت، نموذجاً للكفاح والنجاح رغم الظروف الصعبة التي واجهتها وهي لا تزال طفلة، حيث تزوجت في السابعة من عمرها، لتقودها الصدفة للغناء والموسيقا، وتواجه نظرة المجتمع قبل أن تصبح نجمة عالمية، تشارك في مهرجانات حول العالم. وعن مشاركتها، تقول إنها تقدم يومياً أغاني أمازيغية تتغنى بالوطن والطبيعة والحب والتسامح، وتعبر عن القضايا الاجتماعية. وتلفت إلى أنها تصمم الأزياء التي ترتديها وفرقتها، وهي ملابس خاصة بالمرأة الأمازيغية، وتم تطويرها لتصبح علامة خاصة بفرقتها الموسيقية. فرقة نسوية لفتت الفرقة النسوية «الحضارات» الانتباه بأزيائها الشفشاونية التقليدية، وبالآلات الموسيقية المستعملة التي أضفت على الإنشاد فسحة روحية تشد إليها المستمعين، وقدمت الفرقة أكثر من 12 أغنية تتغنى بالعشق الإلهي ومحبة الرسول من ضمنها أغنية «أنا سيدي عند الطبيب»، و«الطلبة يا ساداتي»، بالإضافة إلى أغان مقتبسة من التراث الفني، وقصائد بالعامية المغربية. وتقدم الفرقة الشفشاونية فناً متخصصاً بالنساء بالأفراح والمناسبات، وتتميز الحضرة بكونها فناً يقتصر على النساء فقط، ولها طقوسها ورموزها وأمكنتها ومناسباتها الدينية والاحتفالية والاجتماعية، حيث تلتقي نساء المدينة في مثل هذه المناسبات داخل البيوت والزوايا لصلة الرحم وإقامة طقوس الأذكار والمديح والتقرب إلى الله بابتهالات يغلب عليها الطابع الصوفي. طرب أندلسي تتحف فرقة جوق الطرب الأندلسي، التي يرتدي أعضاؤها الجلباب والطربوش والبلغة، الجمهور بوصلات غنائية كلماتها مستمدة من قصائد شعرية صوفية شهيرة، قبل أن يطعمها روادها بألوان شعرية أخرى تستوحي مادتها من الحياة اليومية في المجتمع المغربي، وتمزج بين الموعظة والمزاح، وبين المدح والغزل الرقيق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©