الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وجه حنظلة

وجه حنظلة
15 يناير 2009 00:48
وحده حنظلة لم يلتفت لأحد·· وحده مازال واضعا يديه خلف ظهره غير مكترث لوجوهنا، لملامحنا، لصراخنا وحتى لحزننا الميت، وحده مازال صامدا في رفضه، تماما كما مبتكره، كما من وضعه في المشهد، من خلق تفاصيله على الورق·· كما ناجي العلي الذي ظل صامدا لم يلتفت لأحد، صامدا بنضاله، بريشته، بحبه العميق لفلسطين، لروح فلسطين، لحليب الأمهات الفلسطينيات ودفئهن وخبزهن، لمحبة الأطفال وللرمل الذي لم يغب عن روحه·· لم يهادن ولم يستسلم ولم يخضع، ولذلك رحل ناجي العلي مغدورا برصاصة متآمرة غير معروفة حتى اليوم، هل هي من صديق أم من عدو؟!·· رحل مغدورا في أحد شوارع لندن عام 1987 ودفن في بردها دون أن يتحقق حلمه بدفنه في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث يرقد والده·· رحل ناجي مصابا بثمن الحرية ومغسولا بدم روحه من أجل فلسطين· رحل ناجي تاركا حنظلة ذا العشرة أعوام والذي لم يكبر منذ ولادته في الكويت عام 1969 ليكون كما قال عنه ناجي العلي ''هو الأيقونة التي تحفظ روحي من الانزلاق وهو نقطة العرق التي تلسع جبيني إذا ما جبُنت أو تراجعت'' منذ 1973 أدار حنظلة ظهره لنا ومنذ ذلك التاريخ لم يلتفت إلينا، فمن يا ترى وبعد رحيل ناجي سيجرؤ أن يعيد بوصلة وجه حنظلة ليحدق فينا·· من؟! وناجي القائل حين سُئل عن الوقت الذي يمكن فيه رؤية وجه حنظلة '' عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته''· لكن هل فعلا يمكن أن يتوقف التهديد الدائم للكرامة العربية؟ وماهي شروط استعادة الشعور بالحرية؟ وهل فعلا الإنسان العربي يفتقد حريته؟ إن شروط الشعور بالحرية ووقف التهديد للكرامة العربية، ليست كثيرة، بل هي تكمن في شرط واحد فقط، وهو أن يؤمن العربي بأنه إنسان له حرية يجب أخذها ممِن سلبها منه، وبذلك يتمكن من وقف التهديد الدائم لكرامته· أما هل فعلا يفتقد الإنسان العربي حريته وكرامته؟ أعتقد ليس هناك من دليل ابلغ من ما يحدث في غزة كل يوم، ليس هناك ابلغ من الموت اليومي والخسائر الفادحة، ليس هناك ابلغ من هذا الإذلال الذي لا ينتهي·· سواء لطابور المتفرجين أو الفاعلين· إذا، بهذا الوضع الذي تشكله الصورة التي نشاهدها على الصحف وعبر شاشات التلفزة وهي تعرض علينا الأشكال المتعددة للموت في غزة، لن يلتفت حنظلة ولن يكبر ولن يجد حتى من يتأسف عليه سوى تلك الأرواح التي تهدر، وستبقى هذه الصور ببشاعتها اليومية تشكل عامل إذلال للمشاهد العربي الذي سيبقى يحدق ويغضب لكنه لن يستطيع تحريك قشة في سبيل وقف تكرار المشهد اليومي المليء بالخراب· في حالة كهذه على الحشود المتألمة والباكية والحزينة، التي ما زالت ترى بأنه لا حول لها ولا قوة أن تتوقف عن التحديق في المشهد، عليها ان تعلن هزيمتها وتعتذر لحنظلة· سعد جمعة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©