الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا: تضارب الأرقام حول الأزمة الإنسانية

24 فبراير 2013 23:01
روي جوتمان إسطنبول تشير أول دراسة مسحية لرصد الأزمة الإنسانية في شمال سوريا أن الأمم المتحدة أخطأت في التقدير بتقليلها من عدد المدنيين السوريين الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدة، وهو الوضع الذي يقول الخبراء إنه لا يصب في مصلحة التقييم الصحيح لحجم الكارثة الإنسانية المستفحلة في سوريا، هذا الأمر تؤكده «كلير سبوريل» من مركز رصد النازحين قائلة: «تعتبر سوريا أكبر أزمة للنازحين في العالم، وكلما قللنا من حجم المأساة ابتعدنا أكثر عن سبل حلها والتعامل الفعال معها». وكان مكتب المفوضية الأممية العليا للاجئين، قد نشر أرقاماً جديدة يوم الإثنين الماضي تظهر أنه ما لا يقل عن 2.08 مليون شخص في المحافظات الست الشمالية لسوريا يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، وهو رقم أقل بكثير من الدراسة البحثية التي قامت بها المحافظات نفسها، والتي أجرتها المعارضة السورية في شهر يناير الماضي على مدى أربعة أسابيع ومعها عشر منظمات دولية متخصصة في تقديم المساعدة للنازحين. هذه الدراسة التي أشرف عليها فريق من الباحثين الذين التقوا بلجان الإغاثة المحلية وبالقادة الدينيين والشرطة وباقي المتدخلين قدرت عدد الأشخاص المحتاجين إلى مساعدات بحوالي 3.2 مليون على الأقل في محافظات إدلب وريف حلب واللاذقية والرقة والحسكة ودير الزور، وهي مساحة تمثل فقط ثلاثة أرباع من إجمالي سكان يصل إلى 4.3 مليون نسمة يقطنون تلك المحافظات. ومن بين هؤلاء الذي يحتاجون إلى دعم إنساني عاجل، أشارت الدراسة إلى أن 1.1 مليون هم من الأشخاص الذين اضطروا لمغادرة بيوتهم، ما جعلهم معتمدين على غيرهم في الحصول على الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والماء الصالح للشرب. ويبدو أن الوضع أسوأ من ذلك، لأن الباحثين الذين قاموا بالدراسة لم ينتهوا سوى من 40 في المئة من مساحة المحافظات المعنية، مستثنين من ذلك مدينة حلب، كبرى المدن السورية، التي شهدت أعنف المعارك منذ شهر يوليو الماضي. وبالطبع ما أن تُستكمل الدراسة وتمتد لتشمل باقي المناطق التي تمثل 60 في المئة من الشمال السوري حتى يتصاعد عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية العاجلة. وفي هذا السياق يقول «غسان حيتو»، مدير لجنة الإغاثة في الائتلاف الوطني السوري أن «حجم الأزمة كبير، بل أكبر مما يتوقعه العديد من المراقبين»، وأضاف حيتو أن رقم 3.2 مليون مدني الذين يحتاجون إلى الدعم الإنساني، 40 في المئة منهم موجودون فقط في المحافظات الست التي شملتها الدراسة «ما يعني أن الأرقام الأخرى التي تتداولها الهيئات الأممية غير دقيقة ولا تمثل حقيقة الكارثة الإنسانية في سوريا». ويذكر أن الدراسة التي كشفت الأرقام الحقيقية تم تضمينها في تقرير بعنوان «تقييم سريع ومشترك لشمال سوريا»، صدر في 27 يناير الماضي، لكن المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، «ستيفاني بانكر» قالت إن الأرقام التي جاءت بها الدراسة لم تتضمن في تقريرها الصادر يوم الإثنين الماضي، قائلة إن أرقام المفوضية تأتي من التقديرات الصادرة عن الهلال الأحمر السوري المرتبطة قيادته بالحكومة السورية. أما «مارك بارتوليني»، المدير السابق للمكتب الأميركي لتقديم المساعدات الخارجية الذي تقاعد في السنة الماضية، فإنه يرى بأن الأمم المتحدة «قللت بشكل كبير من حجم الأرقام الحقيقية للسوريين المحتاجين إلى مساعدات». وإنْ كان قد حذر أيضاً من أن الدراسة التي مولتها المعارضة السورية قد تضخم من الوضع، قائلا «لن تكون التقديرات مثالية في جميع الأحوال، لكن في هذه الحالة تبقى أقل بكثير من الحقيقة على الأرض». ومن ناحيتها، قالت الولايات المتحدة إنها تعتمد على الأرقام التي تقدمها الأمم المتحدة، ولم تجرِ دراسات خاصة بها لتقييم حجم المأساة الإنسانية للأزمة السياسية المستشرية في سوريا منذ أكثر من عامين. واعتماداً على التقديرات الحالية للاحتياجات الإنسانية في سوريا، منحت واشنطن 355 مليون دولار من المساعدات. ومع أنه من غير المعروف السبب الذي يدفع الأمم المتحدة للتقليل من حجم المعاناة الإنسانية في سوريا، إلا أن الأمر لا يتعلق فقط بالمفوضية العليا للاجئين التابعة لها، بل يمتد أيضاً لهيئة أخرى مثل مكتب نائب الأمين العام للشؤون الإنسانية والإغاثة الذي جاء في موقعه الإلكتروني أن من يحتاج إلى مساعدة إنسانية عاجلة في سوريا هم 4 ملايين شخص لا أكثر وأن عدد النازحين لا يتجاوز مليوني سوري في جميع أنحاء البلاد. وفي حين اعتمدت «فاليري آموس»، المسؤولة الأممية عن الشؤون الإنسانية، على الأرقام التي وفرتها الدراسة في عرضها خلال مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في 30 يناير الماضي بالكويت، حيث سعت إلى جمع 1.5 مليار دولار من المساعدات للشعب السوري، إلا أنه وحتى في عرضها لم تشر إلى أن عدد 3.2 مليون نسمة الذين رصدتهم الدراسة كانوا فقط في أقل من 50 في المئة من المحافظات الست المشمولة بالدراسة، وهو ما عبر عنه خبير في الشؤون الإنسانية من أوروبا الغربية رفض الإفصاح عن هويته لحساسية الموضوع، قائلاً: «كان أرقامها خارج السياق تماماً». وفي جميع الأحوال يصعب تحديد الرقم الدقيق لعدد السوريين الذين يحتاجون لمساعدات عاجلة، لكن بإجراء حساب رياضي يتبين أنه إذا كان 3.2 مليون شخص في المناطق الخاضعة للدراسة يحتاجون لمساعدات فورية، فإن البلاد عموماً قد تضم 15 مليون شخص من الجوعى الذين ينتظرون الغذاء وباقي المساعدات بصفة عاجلة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©