الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بكين وجديد سياستها

1 مايو 2008 03:24
بقرار الحكومة الصينية إعادة سفينتها التجارية المسماة ''آن يو جينانق'' من ميناء ''ديربن'' في جنوب أفريقيا إلى الصين، بدون إفراغ حمولتها من شحنة السلاح المتعاقد عليها مع حكومة زيمباوي، استطاعت الصين الشعبية -ولو إلى حين- أن تظلل سماء ''علاقاتها الأخوية'' في منطقة الجنوب الأفريقي التي تعول عليها كثيراً في بناء تحالفاتها وشراكاتها الاقتصادية في أفريقيا، فجنوب أفريقيا وزيمبابوي وأنجولا وغيرها من بلدان الجنوب الأفريقي هي الأكبر وأهم شركاء الصين الجديدة في مسيرتها الأفريقية· أزمة السفينة ''آن يو جينانق'' بدأت عند وصولها الأسبوع الماضي إلى ميناء ''ديربن'' في جنوب أفريقيا محملة بشحنة من الذخائر والقنابل، قالت الصين إنها ضمن عملية تجارية بحتة تعاقدت عليها مع حكومة زيمبابوي العام الماضي، وأن ليس لها صلة بالأحداث التي تجري هنالك، نقابات عمال الشحن والتفريغ في الميناء رفضوا بإصرار تفريغ حمولة السفينة من الأسلحة محتجين بأنها سترسل إلى الحكومة (حكومة موجابي) التي ستوجهها إلى صدور أشقائهم المناضلين من أجل استعادة الديمقراطية وحقوق الإنسان في زيمبابوي، مؤيدين بواقع يقول بأن أكثر من خمسين في المائة من العاملين في الميناء هم من نازحي زيمبابوي الفارين من عسف ودكتاتورية حكومتهم· العلاقات السياسية والعلاقات النقابية بين الجنوب أفريقيين والزيمبابويين علاقات راسخة، وزعيم المعارضة اليوم في زيمبابوي أحد القادة النقابيين المرموقين في المنطقة، ورئيس الحزب الحاكم، ورئيس الجمهورية القادم في جنوب أفريقيا هو أيضاً نقابي مرموق في بلده وفي المنطقة· موقف عمال الميناء الرافض تفريغ سفينة السلاح الصينية في ''ديربن'' سرعان ما نال تأييد ودعم بقية النقابات والمنظمات والجماعات الداعية لحقوق الإنسان، وسرعان ما انتظمت حركة معارضة تعدت جنوب أفريقيا إلى البلدان الأفريقية المجاورة، دعت حكوماتها إلى رفض إنزال شحنة الأسلحة الصينية في موانئ بلدانهم، وحتى حكومة ''أنجولا'' الصديقة للصين أعلنت أنها ستوافق على رسو السفينة ''آن يو جينانق'' في مينائها، لكنها التزمت بعدم السماح بترحيلها براً إلى زيمبابوي، وفجأة وجدت الصين الشعبية أن هذه الشحنة التجارية البائسة ورفض ''الطبقة العاملة الأفريقية'' الصديقة سيؤثر على علاقاتها الأفريقية التي ظلت تنسجها بصبر وتضحيات كبيرة على مدى الخمسين عاماً الماضية، مما مهد لها أن تكون في نظر كثير من الثوريين الأفارقة الصديق الوفي الذي يعتمد عليه، وبحسب تصريح رسمي صيني حول أزمة السفينة، فإن هنالك من يريد ويسعى لخلق واصطناع خلاف وانقسام بين الصين والبلدان الأفريقية الصديقة! وكما قالت الصين في تصريحها الرسمي أيضاً، إن هذه الشحنة المتعاقد عليها بين زيمبابوي وشركة صينية تمت في الإطار التجاري الواضح والشفاف، وأنها لا تخرق أي قانون وأنه ليس هنالك قرار دولي بحظر تصدير السلاح إلى زيمبابوي، ومع ذلك فإن الشركة الصينية مالكة السفينة ''آن يو جينانق'' قد قررت إعادة سفينتها بدون تفريغ حمولتها، لأن زيمبابوي لم تتمكن من استلامها حسب الجدول الزمني المرسوم· الدرس المستخلص من هذه القصة القصيرة -وسط القصص الكبيرة الكثيرة التي ستواجه الصين إلى قيام وانتهاء الدورة الأولمبية- أن جماعات المجتمع المدني الأفريقي وغيرها عندما تتوحد حول قضية عادلة، فإن ضغوطها ستثمر حتى لو كانت حكوماتها في واد آخر؛ وأن الصين الشعبية عندما تريد قيادتها أن تتصرف كقوة دولية كبرى ومسؤولة، فإنها ستفوت على خصومها وأعدائها الفرصة تلو الفرصة لإعادة عزلها عن المجتمع الدولي وتحجيم دورها· إن أزمة السفينة ''آن يو جينانق'' والتي لم تستمر طويلاً تصلح نموذجاً للدرس والمقارنة ولفهم الصين وسياسات الصين الجديدة في أفريقيا ونحو بقية العالم· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©