أبو الشعثاء.. أول من جمع الحديث في ديوان

أحمد مراد (القاهرة) ولد جابر بن زيد اليحمدي الأزدي، المعروف بـ «أبو الشعثاء» سنة 21 هجرية في منطقة الجوف بمدينة «نزوى» - تابعة لسلطنة عُمان حالياً - ورحل إلى مدينة البصرة وعاش واستقر فيها. يعد أبو الشعثاء أحد أئمة الحديث والتفسير والفقه، وقد روى أحاديث النبي عن عدد كبير من الصحابة، وفي مقدمتهم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وكان من أبرز تلاميذ حبر الأمة عبد الله بن عباس، الذي مدحه بقوله: لو نزل أهل البصرة عند قول جابر بن زيد لأوسعهم عما في كتاب الله علماً. كما روى عن صحابة آخرين أمثال، أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، ومن شدة حرصه على طلب العلم كان يحج كل عام للالتقاء مع العلماء والصحابة، الأمر الذي جعله وثيق الصلة بأبرز علماء عصره، مثل محمد بن سيرين، وعكرمة، والحسن البصري. حظي أبو الشعثاء بمنزلة علمية مرموقة في مختلف البلدان الإسلامية، وقد وصفه ابن تيمية بأنه أعلم الناس في زمانه، وتتلمذ على يديه العديد من كبار الأئمة أمثال ضمام بن السائب، وقتادة، وأيوب بن أبي تميمة، وعامر بن شراحيل الشعبي، وإبراهيم النخعي، وشعبة بن الحجاج، وعمرو بن دينار، وإسماعيل بن ثوبان الأسدي، وجامع بن شداد المحاربي، وخالد الحذاء البصري، وسالم بن أبي الجعد الأشجعي، وسليمان بن طرخان التيمي، وسماك بن حرب الذهلي. وضع أبو الشعثاء موسوعة علمية ضخمة في مختلف فنون وفروع الشريعة تعرف باسم «ديوان جابر»، وهو من أوائل المؤلفين في الإسلام، وأول من جمع الحديث في ديوان. وكان لأبي الشعثاء مجهودات دعوية ملموسة، ولم تقتصر على الرجال، بل تجاوزتهم إلى النساء، فتقول هند بنت المهلب: كان جابر بن زيد أشد الناس انقطاعاً إليَّ وإلى أمي، وكان لا يعلم شيئا يقربني إلى الله - عز وجل - إلا أمرني به، ولا شيئاً يباعدني عنه إلا نهاني عنه، كما كان على اتصال بالكثير من تلاميذه وأصحابه في مختلف المدن والبلدان لتذكيرهم بالآخرة، ولتعليمهم المواعظ الدينية، وأرسل العديد من الرسائل إلى العلماء ليأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر. وعرِف أبو الشعثاء بالزهد والورع، وقد وصفه ابن سيرين: كان همه الدعوة إلى سبيل الله وطلب العلم ونشره، وكثرة الأسفار في سبيله، وكان غاية في الأخلاق وحسن العشرة. توفي أبو الشعثاء سنة 93 هجرية.