السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عشرات الآلاف يحتجون على سياسات التقشف في إسبانيا

عشرات الآلاف يحتجون على سياسات التقشف في إسبانيا
24 فبراير 2013 23:35
مدريد (أ ف ب، د ب أ) - شارك عشرات الآلاف من الإسبان في مسيرات بأنحاء متفرقة من البلاد أول أمس ضد سياسات التقشف التي ينتهجها رئيس الوزراء ماريانو راخوي، وضد فضائح فساد. وشارك المحتجون بمسيرات في 80 منطقة تحت شعار “لا للانقلاب المالي”. وذكرت تقارير إعلامية أن عشرات الآلاف تظاهروا في مدريد وحدها، وتم نشر نحو 1400 شرطي في العاصمة. كما تم الإبلاغ أيضاً عن مظاهرات كبيرة في برشلونة وجران كناريا ولاكرونا في الشمال. ورفع المتظاهرون في مدريد شعارات مثل “الرعاية الصحية ليست للبيع” و”راخوي، قلد البابا واستقيل”. وتبنت الحكومة تخفيضات صارمة للإنفاق في مجالي الصحة والتعليم في محاولة لخفض عجز الموازنة، علاوة على ضخ عشرات المليارات من اليورو لإنقاذ البنوك المتعثرة. في الوقت نفسه، مازال الاقتصاد ينكمش مع وجود 26% من القوة العاملة من دون عمل، كما تعصف فضيحة فساد كبيرة بحكومة راخوي. ويحقق القضاء فيما إذا كان راخوي وقيادات أخرى في حزبه تلقوا مدفوعات سرية من القطاع الخاص لنحو عقدين. واجتاحت حشود من عشرات الآلاف وسط مدريد، وسط هتافات وتنديد بالتقشف والفساد، فيما تعاني البلاد الانكماش والبطالة، ويجري البحث عن سبل لتنقية المؤسسات التي تنخرها الفضائح. النظام الصحي ووسط أصوات الصفارات وقرع الطبول، توجه المدرسون والأطباء والممرضات والحركات النسائية والجمعيات البيئية وتجمعات حركة “الغاضبين” أو عمال مناجم شمال إسبانيا، باللباس الأسود نحو ساحة نبتونو قرب مبنى مجلس النواب. وهتف الحشد “استقالة”، وسط لافتات بيضاء تحمل كلمة واحدة “لا”. وكتب على اللافتات “لا لديكتاتورية المصارف”، بينما رافق فريق من رجال الإطفاء بين المتظاهرين الحشد على طول الطوق الذي أقامته الشرطة لحماية مقر مجلس النواب. وقال لويز ميغيل هيرانز فرنانديز، وهو طبيب في الثامنة والثلاثين “لقد طفح الكيل”، مندداً “بسياسة الاقتطاع من الموازنة والفساد وخفض نوعية خدمات النظام الصحي”. وأكد الطبيب الشاب “في أي بلد، يؤدي هذا الأمر إلى شيء ما، لكن هنا، لا يصلح لشيء. الحكومة لا تستمع إلينا”، وقال أيضا “نحن هنا موحدون جميعاً، الأطباء ورجال الإطفاء وعمال المناجم، وهذا سيان بالنسبة إليهم”. وتكثر الشعارات في التظاهرة ليوم الثالث والعشرين من فبراير الذي يصادف ذكرى محاولة الانقلاب العسكري الذي زرع الرعب في الديمقراطية الإسبانية الشابة في 23 فبراير 1981. ومن هذه الشعارات “لا لانقلاب الأسواق”، ومن أجل “ديمقراطية حقيقية”، دفاعاً عن مؤسسات الخدمات العامة. وبعيد انتهاء التجمع، حصلت بعض المواجهات في شوارع قريبة بين شرطة مكافحة الشغب ومجموعات صغيرة من الشبان الذين تفرقوا وأضرموا النيران بحاويات القمامة. وتم توقيف 12 شخصاً للتحقيق معهم بحسب الشرطة. وكما في مدريد، يتوقع أن تنظم تظاهرات في عشرات المدن الإسبانية. وقالت كريستينا مارتن بينيتو الممرضة البالغة الخامسة والثلاثين “نحن غاضبون جداً”. وأضافت “جئنا لأن كل حركات الاحتجاج في القطاعات الحرفية التي توحدت منذ أن ضربت الأزمة الاقتصادية الجميع، دعت إلى هذه التظاهرة”. وأضافت الشابة التي ارتدت القميص الأبيض “نطالب بضرورة أن يتوافر لنا مزيد من الحماية، نحن المواطنين لا المصارف”. وبين الحشود، موظفو شركة ايبيريا للطيران التي ستلغي 3800 وظيفة، وعمال المناجم الذين كانوا يسيرون وراء لافتة كبيرة كتب عليها “إقفال المناجم دون نشاط بديل”. أما غضب المتظاهرين، فيستهدف سياسة التقشف التي تنتهجها الحكومة اليمينية برئاسة ماريانو راخوي منذ سنة التي ترمي إلى جمع 150 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات بحلول 2014 لتقليص العجز في موازنة البلد. النهوض الاقتصادي لكن سياسة التقشف هذه التي تجاوزت الحدود، تعتبر بمثابة كابح للنهوض الاقتصادي في حين تعلن إسبانيا الغارقة في الانكماش عن معدل بطالة يفوق 26%. وبالنسبة إلى عام 2013، تبقى الآفاق غامضة للغاية مع توقع وصول البطالة إلى 26,9% وتراجع إجمالي الناتج الداخلي بواقع 1,4%، بحسب المفوضية الأوروبية. وفي حين وصلت كل المؤشرات الاجتماعية إلى الخط الأحمر، يتزايد الغضب من المساعدة الأوروبية التي تفوق قيمتها 41 مليار يورو التي منحت للقطاع المالي الذي أنهكه انكشافه على الرهونات العقارية، ذلك أن العديد من الإسبان يعتبرون أن المصارف مسؤولة عن الأزمة. وما يزيد أيضاً من حجم هذا الغضب والاستياء، ما تكشف حول قضايا فساد تتفجر داخل كبرى مؤسسات البلاد. والملكية التي بقيت سمعتها حتى الآن بمنأى عن أي شبهة، تجد نفسها غارقة في فضيحة غير مسبوقة تتمثل في تحقيق حول اختلاس الملايين من الأموال العامة، ما جعل صهر ملك إسبانيا ايناكي اوردانغارين يمثل مجدداً السبت في جزر الباليار أمام قاض مكلف التحقيق في فضيحة فساد. وبلغت هذه الفضيحة حداً دفع الديوان الملكي الإسباني الجمعة إلى نشر نفي لشائعات حول احتمال تخلي الملك البالغ من العمر 75 عاماً والمنهك بسبب مشاكل صحية متكررة عن العرش. وفي يناير، ظهر اسم ماريانو راخوي في لائحة نشرتها صحيفة الـ باييس تشمل مستفيدين محتملين من قبض مبالغ مالية سراً. ورد رئيس الوزراء مؤكداً أنه لم يتلق يوماً أي مبلغ من المال سراً، ونفى في خطاب أمام النواب الثلاثاء أن يكون الفساد في إسبانيا “معمماً”. حتى أنه نشر في التاسع من فبراير بياناً بمداخيله وميراثه. وكان راخوي نفى معلومات صحفية أوردت اسمه في لائحة مسؤولين في حزبه السياسي، الحزب الشعبي، قد يكونون تلقوا مبالغ مالية سراً، مصدرها شركات خاصة. ونشر راخوي على صفحة الحكومة الإلكترونية بيانات بعائداته من 2004 إلى 2011 وبممتلكاته حتى عام 2007. واختصر لويز مورا الموظف في قطاع البناء الذي يبلغ من العمر 55 عاماً، الوضع بالقول “إنها مسألة تراكمية. البطالة والفساد وفقدان المستقبل بالنسبة إلى الشباب”. وجاء مورا يحيط به أشقاؤه وشقيقاته الثلاث، وكلهم موظفون في الصحة العامة، للتظاهر وهو يرتدي قميصاً أبيض لصق عليه مغلفات أصبحت في إسبانيا رمز الغضب من الفساد، حيث كتبت أرقام “10 آلاف يورو” و”20 ألف يورو”. وفي محاولة لاستعادة المبادرة أمام المعارضة التي تطالبه بالاستقالة، أراد ماريانو راخوي أن يضمن هذا الخطاب الذي ألقاه أثناء نقاش تقليدي حول حال الأمة، لهجة إيجابية. فقال إن إسبانيا تمكنت وبفضل إجراءات التقشف أن تتجنب “الغرق”، لكنه لم يخف أن الطريق الذي لا يزال يتعين سلوكه يبقى “طويلاً وشاقاً”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©