الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد في مصر

إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد في مصر
24 فبراير 2013 23:36
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - انتهت وزارة العدل المصرية من إعداد مشروع قانون جديد يستهدف إنشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد في مصر باسم “المفوضية العليا” استنادا إلى بعض المواد التي تضمنها الدستور. وتتركز أهداف الهيئة الجديدة في حصار كافة أشكال الفساد في الجهاز الإداري للدولة وعمليات الاحتيال الاقتصادي المرتبطة بالمال العام ووضع مجموعة من المعايير الخاصة بسلامة القرار الإداري والتصرف في المال العام وفقا للمعايير العالمية الأمر الذي يترتب عليه تخفيف حدة عمليات الفساد المالي والإداري التي انتشرت بقوة خلال السنوات الأخيرة وتسببت في عرقلة النمو. ومن المنتظر أن تدفع وزارة العدل بمشروع القانون الجديد إلى مجلس الشورى خلال شهر مارس المقبل لإقراره عقب إجراء مناقشات موسعة بشأنه في اجتماعات مجلس الوزراء في الأسابيع القادمة. وتأتي التحركات الحكومية في هذا الشأن رداً على أحدث تقرير صدر عن منظمة الشفافية الدولية مؤخرا ووضع مصر في مرتبة متقدمة بين الدول التي تعاني الفساد بكافة أشكاله وتزايد هذا الفساد بعد انتفاضة 25 يناير 2011. وكان تقرير منظمة الشفافية الدولية قد كشف عن تراجع مصر بمعدل 6 درجات في إجراءات مكافحة الفساد حيث ذكر المؤشر الدولي للفساد أن مصر تراجعت ستة مراكز لتحتل المركز رقم 118 من بين 176 دولة شملها تقرير المنظمة العالمية وذلك فيما يتعلق بمستويات الرشاوي وإساءة استغلال السلطة والتعاملات السرية وظلت - وفقا للتقرير - متساوية مع جمهورية الدومنيكان والاكوادور واندونيسيا ومدغشقر بحصولها على 32 نقطة. ورغم عدم تحديد التقرير لحجم الأموال التي فقدتها مصر بسبب عمليات الفساد على مدار السنوات الماضية فإن تنوع أشكال الفساد وانتشاره في معظم القطاعات الاقتصادية يجعل من فاتورة هذا الفساد مرتفعة للغاية وكانت أبرز أشكال الفساد في السنوات الأخيرة تتمثل في توزيع أراضي الدولة ومنح تراخيص المصانع الجديدة وبعض أنواع حقوق الامتياز وبيع الشركات العامة في إطار برنامج الخصصة. بينما امتدت قبل ذلك إلى الجهاز المصرفي فيما عرف بالقروض السياسية وقضايا نواب القروض وبعض أنواع التلاعب المالي في البورصة إلى جانب احتكار استيراد بعض أنواع السلع الحيوية للجماهير في اطار مجموعة من شبكات المصالح المنظمة. تشريعات جديدة ويرى خبراء اقتصاديون أن تقرير جهود مكافحة الفساد سواء من خلال إصدار تشريعات جديدة أو من خلال إنشاء مفوضية عليا جاء في توقيته تماما لاسيما مع ارتفاع تكلفة الفساد في الفترة الأخيرة على خلفية اهتزاز سلطة الدولة وتفشي روح الاستهانة بالقانون وبالتالي فإن الإعلان عن إنشاء هذه المفوضية يبعث برسالة إيجابية الى مجتمع الأعمال المحلي وللمستثمرين الأجانب الراغبين في العمل في مصر في الفترة القادمة. وقال هؤلاء الخبراء إنه من الضروري أن تتسم هذه الخطوة بالجدية الكاملة وألا تكتفي بالشكل عبر تأسيس كيان منزوع الصلاحية وبشرط ألا يتم عمل المفوضية على أسس سياسية بمعنى أن تستند أعمالها على صحيح القانون من ناحية وبموضوعية كاملة من ناحية ثانية وبغض النظر عن توجهات السلطة أو موائماتها لان ذلك هو الضمانة الوحيدة لنجاح جهود مكافحة الفساد في مصر في المرحلة المقبلة، لاسيما بعد أن تجذر هذا الفساد وبدأ يأخذ أشكالا غير تقليدية الأمر الذي من شأنه أن يزيد من صعوبة جهود المكافحة. ويؤكد الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد المصري الأسبق أن قضية مكافحة الفساد في مصر أصبحت ضرورية جدا لإطلاق قوى الاقتصاد المصري في المرحلة القادمة حيث إن عمليات الفساد في السنوات الماضية أهدرت على البلاد اكثر من مئة مليار جنيه سواء في عقود فاسدة أو بيع شركات أو تخصيص أراض على غير أسس قانونية أو اقتصادية. وبالتالي فإن التوجه الجاد نحو مكافحة الفساد من شأنه أن يخفف أعباء العملية الإنتاجية حيث إنه اصبح من المعروف أن تكلفة الفساد تضاف إلى تكلفة إنتاج السلعة ومن ثم فإن مكافحة الفساد سوف يؤدي إلى خفض تكلفة الإنتاج وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية وفتح المجال أمام المنافسة الشريفة والمتكافئة بين مختلف الأطراف الاقتصادية. وأضاف “هناك تجارب دولية في مكافحة الفساد يجب الاسترشاد بها في هذا المجال وحتى لا يتم البدء من الصفر أو الوقوع في أخطاء البداية، كما أن هناك منظمات دولية معنية بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة المالية وهذه المنظمات مستعدة لتقديم خبراتها إلى مصر وبالتالي لا مانع من الاستعانة بمثل هذه الخبرات الدولية”. مكافحة الفساد وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن إنشاء مفوضية عليا لمكافحة الفساد في مصر يستهدف تعزيز جهود مكافحة الفساد من خلال تشديد القوانين الخاصة بملاحقة القضايا من هذا النوع وتغليظ العقوبات الجنائية وزيادة الغرامات المالية وإصدار “بروتوكول قومي” تلتزم به كافة الوزارات والشركات والهيئات العامة لتعزيز الشفافية والإفصاح في كافة عملياتها المالية والإدارية، لاسيما على صعيد المناقصات والمزايدات وعمليات طرح المشاريع وتوقيع العقود مع القطاع الخاص والأفراد بما يحول دون إتمام عقود فاسدة أو تنطوي على شبهة تواطؤ أو انحياز لطرف دون آخر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©