الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قبرص تعوّل على الأموال الروسية لتفادي شبح الإفلاس

قبرص تعوّل على الأموال الروسية لتفادي شبح الإفلاس
24 فبراير 2013 23:36
ليماسول (قبرص) (رويترز) - بدأ المسؤولون عن السياسات في أوروبا تسليط الضوء على العلاقات بين روسيا وقبرص للبحث عن إجابة على السؤال عما إذا كانت قبرص مركزا لغسل الأموال الروسية، وفي الوقت نفسه يحثون موسكو على تقديم قرض بقيمة 2,5 مليار يورو لمساعدة قبرص على تفادي الإفلاس. وتروح مبالغ طائلة وتجيء بين البلدين كل عام تعادل الدخل الوطني لقبرص البالغ 18 مليار يورو عدة مرات إذ يسعى الروس للاستفادة من اتفاقية تتيح لهم سداد الضرائب بالمعدلات المنخفضة في قبرص. لكن هذه المبالغ تثير الريبة بين بعض دول الاتحاد الأوروبي خشية استخدام التحويلات المعقدة في غسل أموال تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة أو التهرب من الضرائب. ومازالت قبرص تنتظر مساعدة من الاتحاد الأوروبي بعد ثمانية أشهر من طلب العون. ومن الأسباب التي تعطل تحرك الاتحاد الأوروبي لنجدة قبرص مخاوف لدى ألمانيا من أن يتدخل الأوروبيون عن غير قصد لإنقاذ أثرياء روس نقلوا أموالهم إلى مؤسسات مالية في قبرص. منطقة اليورو وطلب وزراء المالية لدول منطقة اليورو تقريرا خاصا هذا الشهر عن سبل الحماية التي تطبقها قبرص للوقاية من عمليات غسل الأموال. لكن مجرد التلميح إلى احتمال وجود أموال غير مشروعة تتدفق عبر قبرص يثير مشاعر مختلطة من الحيرة إلى الغضب في ليماسول حيث يرى بعضهم أن الاتحاد الأوروبي يبحث عن أعذار للتهرب من تقديم العون لقبرص. ويطلق أهل مدينة ليماسول القبرصية الساحلية على مدينتهم اسم “ليماسولجراد” إذ تنتشر فيها اللافتات بل والمدارس الروسية ويقيم فيها أكثر من 30 ألف روسي بدأوا يفدون على قبرص بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كما تستقبل المدينة أعدادا متزايدة من السياح كل عام. وتنفي قبرص بشدة ادعاءات غسل الأموال وتقول إنها حصلت على أعلى الدرجات في تقييم مؤسسات مستقلة مثل مؤسسة موني فال التابعة لمجلس أوروبا. وقال أندرياس نيوكليوس وهو محام قبرصي بارز يشارك في إبرام صفقات روسية منذ أسس مكتبا في موسكو عام 1991 “إنهم يظلمون قبرص ظلما كبيرا”. وأضاف “في هذا الحي الصغير جدا والمجتمع المحدود جدا يعرف الكل بتحويل مبلغ نصف مليون دولار. فأين إذن غسل الأموال؟”. مساعدات أوروبية ورفضت قبرص ما أشارت إليه وسائل إعلام دولية من احتمال فرض خسائر على البنوك كشرط للمساعدات الأوروبية. لكن نيوكليوس قال إن بعض الروس رأوا علامة خطر وبدأوا سحب أموالهم وذلك رغم أن آخرين لم يروا أي بادرة على نزوح جماعي. وهو يتهم الأوروبيين بالنفاق شأنه في ذلك شأن كثيرين في قبرص ويقول إن نصيب أوروبا والولايات المتحدة من النشاط الروسي أكبر كثيرا من نصيب قبرص. ويقول نيوكليوس “الأعمال الروسية كعكة كبيرة جدا. وما تأخذه قبرص من هذه الكعكة لا يذكر. بل إنها ليست من الجالسين أصلا على المنضدة. إنها تأخذ بعض الفتات مما يسقط على الأرض.” وتتركز الهواجس الأوروبية على سبب جذب قبرص الصغيرة للأموال الروسية. وفي نهاية عام 2011 كانت البنوك الروسية تحتفظ بتسعة مليارات من ودائعها في الخارج في قبرص. وخلال السنوات الخمس الأخيرة كانت كيانات قبرصية وراء 60 مليار دولار أي 23? من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة على روسيا بينما تركز 30? من الاستثمارات الروسية في الخارج في قبرص وذلك وفقا لبيانات البنك المركزي الروسي. وأظهرت بيانات البنك المركزي التي وردت هذا الشهر في تقرير أعده بنك مورجان ستانلي أن قبرص التي مثلت 28? من الاستثمار الأجنبي المباشر في روسيا في نهاية 2011 تستثمر خمسة أمثال حجم اقتصادها في روسيا. وهذه الروابط على أرض الواقع افتراضية أكثر منها حقيقية وأصحاب الاستثمارات الخارجية المتجهة إلى روسيا هم في أغلب الأحوال من الروس إذ أنهم يؤسسون شركاتهم على أنها شركات قبرصية تمتلك وحدات في روسيا حسبما ورد في تقرير مورجان ستانلي. وبمعنى آخر فإن قلة فقط من الروس تستثمر في أصول فعلية في قبرص فيما يتجاوز شراء بعض الفيلات واليخوت كما أن قلة فقط من القبارصة تستثمر أموالا بقدر يذكر في روسيا. وتعكس هذه الأرقام ببساطة تدفق الأموال من روسيا إلى قبرص ثم عودتها إلى روسيا. ويقول الطرفان إنه لا شيء مريب في ذلك. ومن العوامل المحفزة لذلك اتفاقية ضريبية بين البلدين أبرمت عام 1998 تسمح للروس بدفع ضريبة منخفضة تبلغ 5% على الأرباح بالإضافة إلى ما تتمتع به قبرص من سمعة أن لوائحها التنظيمية متساهلة وإلى المخاطر السياسية في روسيا. ويقول محللون إن الروس الذين مازالوا يخشون الدولة بعد أن أمضت 70 عاما في ظل الحكم الشيوعي بوسعهم أيضا حماية أرصدتهم من خطر المصادرة باستثمارها من خلال قبرص. لكن التحويلات المعقدة تغطي الأصول وملكية الأموال بطريقة يألفها المحققون في قضايا غسل الأموال في مختلف أنحاء العالم وأثارت ريبة الدول الأغنى في الاتحاد الأوروبي خشية ألا يكون اهتمام الروس بقبرص سليم النية. البنك المركزي الروسي وفي الأسبوع الماضي شكا رئيس البنك المركزي الروسي من أن نحو 50 مليار دولار تعادل 2,5? من الدخل القومي خرجت من روسيا العام الماضي في صفقات غير مشروعة بعضها رشاوى أو صفقات مخدرات أو تهرب من الضرائب. ويقول رجل الأعمال الروسي رومانوف في مكتبه الأنيق ذي الجدران الزجاجية إن أسباب الاهتمام بقبرص بسيطة. ويضيف أن قبرص أفضل من غيرها من الدول بفضل الكفاءة الضريبية وقصر المسافة بينها وبين موسكو إذ تستغرق الرحلة بالطائرة أربع ساعات فقط وسهولة الحصول على تأشيرة أو إقامة دائمة عند شراء عقار بما يتجاوز 300 ألف يورو (400 ألف دولار) إلى جانب استقرار الجالية الروسية ووجود أربع مدارس روسية ومحطتين إذاعيتين روسيتين. ويقول “منذ الخروج من شقتي في موسكو إلى دخول مكتبي هنا تستغرق الرحلة كلها نحو خمس أو ست ساعات. أما رحلتي من شقتي في موسكو إلى بيتي الريفي فتستغرق وقتا أطول”. وقال رومانوف إن زبائنه الروس مازالوا يبدون اهتماما كبيرا بقبرص ويتوقعون أن تعمل دول منطقة اليورو على بقائها في وضع الأمان وأبدى حيرته حول الضجة المثارة بشأن غسل الأموال. وأضاف أنه إذا كان أي من الروس يتهرب من الضرائب بجلب الأموال إلى قبرص فهذه مشكلة روسيا لا قبرص أو ألمانيا التي ستتحمل العبء الأكبر من أي صفقة لإنقاذ قبرص. تهرب ضريبي لكن رومانوف مقتنع بأن زبائنه لا يتهربون من الضرائب. وعلى أي حال فإنه يقول إن أغلب الروس الذين يشترون العقارات في قبرص من الطبقة المتوسطة تتراوح ميزانياتهم بين 250 ألفا و500 ألف يورو وليسوا من المليارديرات. ويضيف “عن أي غسل أموال يتحدثون إذن... إذا أرادوا الإطباق على الأثرياء الروس فعليهم التوجه إلى لندن أو ألمانيا”. وتعد لندن بصفة خاصة وجهة مفضلة لكبار الأثرياء الروس الساعين لشراء عقارات بعشرات الملايين من الدولارات. ومظاهر الأموال الروسية واضحة للعيان في ليماسول حيث تنتشر الإعلانات باللغة الروسية عن شقق وفيلات تطل على البحر. ويقول خريستوس باناجي وهو مستثمر قبرصي في مجال العقارات الراقية “بنفس المبلغ الذي تشتري به شقة في موسكو يمكنك أن تشتري فيلا قرب الشاطئ هنا.” وهو متزوج من روسية مثل كثير من القبارصة ويعمل لديه موظفون يتحدثون الروسية. وتقول ناتاليا كارداش رئيسة تحرير جريدة فيستنيك كيبرا الأسبوعية وهي إحدى صحيفتين روسيتين تصدران في قبرص “الجالية الروسية هنا تشعر إنها جزء من قبرص. وسيتعذر عليك أن تجد قبرصيا لا يعرف كلمة روسية واحدة على الأقل”. ويقول فاديم رومانوف وهو مستثمر عقاري روسي يبلغ من العمر 28 عاما “قبرص مكان رائع لأداء الأعمال فالناس ودودون وهي مناسبة للروس جدا لان كل فرد فيها تقريبا يتحدث بشيء من اللغة الروسية”. ويضيف “وكأني لم أغادر روسيا”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©