الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أرقى مسابقة·· في أرقى ميدان

أرقى مسابقة·· في أرقى ميدان
1 مايو 2008 04:08
على الرغم من أن الهيئة لم تعلن حتى الآن عن التفاصيل المتعلقة بالموسم الجديد، سواء من ناحية أعداد المتقدمين وأسماء لجنة التحكيم وموعد الانطلاق الفعلي للمسابقات على الهواء إلا أن أنظار ألوف الشعراء العرب ومعهم ملايين المشاهدين من ذواقة الشعر تترقب بشغف حلقات البرنامج لتتابع من خلاله أرقى منافسة في أرقى ميدان· وبهذه المسابقة التي باتت تقليدا سنويا تستلهم القصيدة تاريخها وما مرت به من مراحل منذ أن بدأت تتكون على حد قول الجاحظ ''إن تاريخ القصيدة العربية يتراوح بين 150 إلى 200 سنة قبل الإسلام''·· ومن تلك الحقبة التي تشكلت فيها من أبيات قليلة تؤنس البدوي وهو يرددها لم يتجاوز طولها 7 أبيات فسميت بالمقطعات حتى جاء المهلهل بن ربيعة فطولها وهلهلها فقال فيه امرؤ القيس ''ومهلهل الشعراء ذاك الأول''· ثم ظهر الشعراء في قبائلهم متنافسين على موقع الإبداع حتى اختارات قريش 7 قصائد سميت فيما بعد بالمعلقات· ولأن الاختيار والتنافس قديم، فذلك ما جعلها طريقة تعاقبت في العصور اللاحقة عند العرب فقدموا هذا الشاعر وأخروا ذاك· وبين اكتمال ونقصان وتعدد في الأغراض ابتدأت رحلة القصيدة العربية عبر عصور ستة عرفها الشعر العربي، خبت فيها أغراض وتسيدت أخرى، حتى وصلت إلينا من عمق تاريخها قوية، صلبة، لم تتزحزح عن قوالبها الكلاسيكية الصارمة التي جعلتها موروثا يعتز به كل عربي، إلا أن الكثيرين هذه الأيام قد هجروا القول فيها أو كادوا، فلابد أن تعاد لها صرامتها وهيكلها وكيانها الذي جبلت عليه· مشترك الأمة وفي زمن قل من يقول بضرورة أن يعاد مجد القصيدة تعبيراً عن مجد اللغة التي كتبت فيها انطلق من أبوظبي قرار تقصد بعث الحياة فيها من أجل أن يعيد لهذا الكيان حياته ونفَسه الذي كاد أن يخبو· جاء قرار إطلاق مسابقة أمير الشعراء ليجمع ما اشتركت فيه الأمة، شعراً يعبر عن وجودها، شعراً يذيب كل حاجز بين أبنائها· ولأنها المبادرة الأوحد، ولأنها المبادرة الأولى، فكان المتوقع أن تكون المشاركات محدودة، والالتفاف حول هذه المسابقة بسيطاً لكن الحقيقة أثبتت أن الثقافة العربية لابد أن تلتم حول صدق المغزى وصفاء النية وجمالية التوجه، ولهذا جاءت المشاركات من كل العرب حتى غطت الجغرافية العربية بشكلها الشامل، بل وتجاوزتها لبعض الدول الآسيوية والأفريقية كإيران وتشاد وكذلك بعض الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا· وتشكلت لجنة تحكيم تفحص كل ما وصل من نصوص من هذه البلدان، واضعة الصرامة في المقاييس والمعايير التي اختطتها اللجنة العليا المشرفة منهاجاً لها، وبهذا أدرك الجميع أن من أجيز للمرحلة اللاحقة من الشعراء فذاك يعتبر بمثابة حصول على وسام أكاديمي شعري متميز، لأن عملية مقابلة لجنة التحكيم لـ 300 شاعر تمت بعد عمليات طويلة ودقيقة من الفرز والتصنيف والاحتكام الى الجودة والجمالية في التعبير معنى ولفظاً· وقد كانت عملية الفرز هذه أولية أشرف عليها 10 أدباء من أهم وأبرز النقاد في الوطن العربي الذين اطلعوا على أعمال أكثر من 5400 شاعر· ونتيجة لذلك قابلت اللجنة 80 شاعراً من صفوة الصفوة من الـ 5400 شاعر وهؤلاء لابد أن يدخلوا المسابقة النهائية بشكل عملي يعتمد على جدة المعاني في القصيدة وحسن السبك في العبارة والتجديد في الصورة والتحسين في النطق والتحكم في مخارج الكلمات، هذا ناهيك عن براعة في اختيار البحور الشعرية بما يناسب المعاني المطروقة وتمكن في الأداء التعبيري عن روح الكلمات في معنى ومبنى· من 80 شاعراً لابد من اختيار أفضل 35 شاعراً سيدخلون في منافسة تعيد للقصيدة العربية مجدها وللحرف صولته، وسيظهرون الى الناس علانية في تجربة فريدة سمعها الملايين من العرب والناطقين بالعربية في كل أنحاء العالم على الهواء مباشرة من خلال قناة أبوظبي التليفزيونية· القصيدة قبل الأسماء لقد شارك الآلاف وكانت مشاركتهم في معظمها جيدة من مختلف الدول العربية، ولأن الحيادية عالية، صادقة، والنوايا تريد مجد الشعر العربي فلم ينظر الى أسماء الأعلام المشاركين، بل توجهت الأبصار الى القصيدة ذاتها، وهنا لابد أن تبرز أصوات شعرية غير معروفة إعلامياً إلا على مستويات محلية ضيقة رغم ما تملك من بعد إبداعي متميز وأصيل وكبير· هنا تكمن أهمية مسابقة أمير الشعراء التي اكتشفت عبر رحلتها الأولى المواهب الشعرية المتميزة آخذة هذه المسابقة على عاتقها إشهار هذه المواهب إعلامياً· وللمرأة نصيب في أن تعلي من شأن القصيدة العربية، ولم يكن هذا بغريب على مسابقة أمير الشعراء التي فتحت الباب واسعاً لكل العرب المبدعين رجلاً كان أم امرأة، حيث وصلت مشاركة المرأة في المسابقة الى نسب جيدة على مستوى الكم والكيف، وقد تمثل ذلك حتى المرحلة الأخيرة التي وصلت إليها شاعرة عربية بكل كفاءة واقتدار وكل ذلك يعكس رغبة أنثوية بالتواجد بقوة في مسابقة ''أمير الشعراء''، أسوة بالمشاركة الذكورية الكثيفة· ومن الملفت أيضاً أن المشاركات الخليجية كانت كبيرة وفاعلة وقد أثبتت أن خارطة الشعر العربي غير محصورة في مجتمع بعينه، ولا بجغرافيا خاصة، ولكن الأغرب والأجمل أن شعراء من الخليج كانوا قد اشتركوا في مسابقة ''شاعر المليون'' الخاصة بالشعر النبطي وهي التي سبقت مسابقة ''أمير الشعراء'' والتي أطلقتها وأشرفت عليها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أيضاً قد تقدموا للمشاركة في مسابقة ''أمير الشعراء'' مما يعكس البعد الإبداعي المزدوج لديهم في نظم الشعر النبطي والشعر الفصيح في آن واحد في تجاربهم الشعرية، وهذا إنما يدل على أن الامتزاج بين هذين النمطين من الشعر يصب في بوتقة الشعرية وهاجسها المفعم بالصور المجددة واللامألوفة في استحضاراتهم لعوالم الصورة ومركباتها· أما المشاركة الإماراتية فقد كانت من أهم المشاركات لفتاً للنظر حيث تقدم للمسابقة شعراء معروفون ولهم مكانة أدبية متميزة في خارطة الشعر الإماراتي وفي الساحة الثقافية الإماراتية والخليجية والعربية فجددوا بذلك روح الأمة في تواصلها من المحيط الى الخليج· التصفيات النهائية بعد أن خلص النقد بالتمييز والفحص الدقيقين من أن 35 شاعراً لابد أن يتنافسوا على لقب أمير الشعراء قدموا في 5 حلقات هي الأخيرة في المسابقة تجمع كل حلقة من هذه الحلقات 7 شعراء يتأهل بينهم بعد المنافسة أمام الجمهور الذي احتشد في قاعة مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي وأمام ملايين المشاهدين الذين يترقبون برنامج المسابقة الشعرية على قناة أبوظبي الفضائية 3 شعراء وبذلك يتجمع من تلك الحلقات الخمس 15 شاعراً يتنافسون في 3 حلقات جديدة ليتأهل منهم 6 شعراء، وذلك ما حصل فعلاً حيث تأهل للمسابقة الأخيرة يوم التتويج الشعراء روضة الحاج من السودان وكريم معتوق من الإمارات ومحمد ولد الطالب من موريتانيا وحازم التميمي من العراق وتميم البرغوثي من فلسطين وجاسم الصحيح من السعودية، فتنافس الشعراء في شتى الأغراض ومختلف البحور وارتجالية القصيدة وحسن القصيدة، خرجت بتصويت الجمهور خارج القاعة وداخلها الشاعر حازم التميمي من العراق ليبقى 5 من الشعراء المتنافسين في نهاية الحلقة الأخيرة التي فاز فيها كريم معتوق من الإمارات أميراً للشعراء، وقطف الشاعر محمد ولد الطالب من موريتانيا المركز الثاني، والشاعر جاسم الصحيح من السعودية المركز الثالث والشاعرة روضة الحاج من السودان المركز الرابع والشاعر تميم البرغوثي من فلسطين المركز الخامس·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©