الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتفاقية «الأسلحة النووية»... أوباما وتجربة نيكسون

اتفاقية «الأسلحة النووية»... أوباما وتجربة نيكسون
7 ابريل 2010 21:47
حقق أوباما انتصاره الأول في مجال السياسة الخارجية من خلال إقناعه الروس بالانضمام إليه في إجراء خفض جوهري للأسلحة النووية. ولكن إذا أُريد لهذا الجهد النجاح، يتوجب على الرئيس الحصول على دعم شريك آخر متشكك ومساوم هو الكونجرس. ويمكن القول إن مصير الرئيس في فترة ولايته الثانية، قد يعتمد على المسار الذي سيتخذه من أجل الحصول على الموافقة التشريعية. وأمام أوباما خياران في هذا الشأن: الأول، أن يطلب من ثلثي أعضاء مجلس "الشيوخ" الموافقة على الاتفاقية بموجب المادة الثانية من الدستور. والخيار الثاني، أن يطلب من أغلبية بسيطة من مجلسي الكونجرس(النواب والشيوخ) الموافقة على تلك الاتفاقية، باعتبارها "اتفاقية تنفيذية- تشريعية" وفقا للمادة الأولى من الدستور. ويُشار إلى أن نيكسون قد اتبع المسار الثاني، عندما تفاوض بشأن توقيع أول اتفاقية للحد من الأسلحة النووية مع الاتحاد السوفييتي السابق عام1972. وبإحياء موضوع الحد من الأسلحة النووية في عصر جديد، يتوجب على أوباما أن يتبع مثال نيكسون الدستوري، وإلا واجه احتمال لجوء "الجمهوريين" إلى الأساليب التعطيلية المعتادة لضمان عدم تمرير مشروع قرار الاتفاقية. لقد وجد أوباما صعوبة كبيرة في إقناع الـ60 سيناتورا الذي كان سيحتاج إليهم لمنع الأساليب التعطيلية التي كان يمكن أن يلجأ إليها البعض، لتأخير تمرير مشروع قانون الرعاية الصحية. ولو اتبع المسار الثاني الذي اتبعه نيكسون، وهو التفاوض لتوقيع أول اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي، فسيحتاج في مثل هذه الحالة إلى أصوات 67 سيناتورا من أجل الموافقة على الاتفاقية الجديدة. ولو قام أوباما بتسليم مشروع الاتفاقية لمجلسي الكونجرس للموافقة عليها، فسوف يحتاج إلى أصوات 60 سيناتورا من أجل تفادي الأساليب التعطيلية، وهو عدد يمكن تدبيره إلى حد كبير، حيث تحتاج الموافقة النهائية على الاتفاقية الجديدة في مثل هذه الحالة إلى أغلبية بسيطة. في هذه الأوقات التي تتقدم فيها الاعتبارات الحزبية على ما عداها، لن يكون تمرير مثل هذه المعاهدة ميسورا بحال، بيد أنه يمكن القول مع ذلك إن هناك فرصة نجاح متاحة أمام مبادرة أوباما. من المؤكد أن المعارضين في الكونجرس سوف يشتكون من ذلك، ويحاولون تصوير خيار مجلسي الكونجرس بأنه عبارة عن خدعة ماكرة، لحرمان مجلس "الشيوخ" من سلطته الحصرية في تقديم المشورة والموافقة على الاتفاقيات الدولية... وسوف يحتجون بأن جميع الرؤساء الأميركيين منذ أيام نيكسون قد استخدموا "مسار الاتفاقية" فيما يتعلق بكافة اتفاقيات الأسلحة النووية الرئيسية. يمكن لأوباما الرد على هذه الاتهامات باستدعاء مبدأين أساسيين لتبرير اختياره للطريق الذي انتهجه. المبدأ الأول: أن إجراء يشارك فيه المجلسان هو أكثر ديمقراطية. فإذا أخذنا في الاعتبار الخلل في التمثيل النسبي للأعضاء بمجلس الشيوخ، حيث يمكن لأعضاء في مجلس "الشيوخ" يمثلون ما لا يزيد على 8 في المئة من الأميركيين أن يقدموا الـ 34 صوتاً المطلوبة لرفض المعاهدة، فسوف نجد أن الـ 41 صوتاً المطلوبة لتنفيذ عملية تعطيل ناجحة ضد "اتفاقية تنفيذية كونجرسية" تبدو إجراءً يصب في الاتجاه الديمقراطي السليم. المبدأ الثاني، أن عملية مجلسي الكونجرس ليست أكثر ديمقراطية فحسب، وإنما هي أكثر كفاءة أيضاً. فحتى إذا وافق مجلس "الشيوخ" على المعاهدة، فإن عملية صنع القانون بكاملها، يجب أن تبدأ منذ نقطة البداية مرة ثانية للموفقة على التشريع اللازم لوضع المعاهدة موضع التنفيذ. وعند هذه النقطة يتطلب الدستور من مجلس النواب العمل كشريك على قدم المساواة مع مجلس "الشيوخ". وعلى الرغم من أن المادة الثانية من الدستور تخول مجلس الشيوخ التصديق على المعاهدات، فإن المادة الأولى منه تستلزم مرور التشريع بأكمله عبر المجلسين. على النقيض من ذلك، إذا دعا أوباما إلى "موافقة كونجرسية تنفيذية"، فإن مجلس النواب سيكون منخرطاً في المسألة منذ البداية في مثل هذه الحالة. وسوف يمكنه هذا الوضع من وضع الاتفاقية مع الروس والتشريع التنفيذي في حزمة واحدة وتقديمها للتصويت-بحيث يتمكن الرئيس والكونجرس من المضي قدماً نحو الاهتمام بمسائل أخرى ملحة. مع ذلك، يمكن أن يُقال بشكل عام أن مقاربة الاتفاقية الكونجرسية التنفيذية أكثر ديمقراطية وسرعة وأقل استهلاكاً للوقت بالتالي من مقاربة المعاهدة، وهو ما جعلها وعلى نحو متزايد الأداة المفضلة لأنواع عديدة من الاتفاقيات الدولية. لتوضيح ذلك يمكننا النظر إلى النموذج الخاص باتفاقية الـ"نافتا"(اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا) فبعد مناقشات مكثفة جرت في مختلف أنحاء الولايات المتحدة بتحفيز من" روس بيروت" صوت مجلس الشيوخ على الاتفاقية بأغلبية 61 إلى 38 صوتا للموافقة على مبادرة كلينتون. وقد قدم الأخير اتفاقية "النافتا"كاتفاقية (تنفيذية- كونجرسية)، وهو ما جعل تلك النسبة التصويتية كافية لتأمين التمرير النهائي، لأن مجلس النواب أيضاً مرر الإجراء بأغلبية 234 إلى 200 صوت. ولو كان كلينتون قد اقترح "النافتا" كاتفاقية لكان تصويت مجلس "الشيوخ"، قد قتل الجهد بأكمله. من خلال القيادة الخلاقة، يمكن لأوباما بمساعدة من زعيم الأغلبية في مجلس "الشيوخ" السيناتور هاري ريد (ديمقراطي- نيفادا) كسب 61 صوتا من أصوات مجلس "الشيوخ" اللازمة لتمرير اتفاقية الحد من الأسلحة النووية. وسوف يتحول الأمر إلى مأساة لو تمت ترجمة نجاحهما السياسي إلى فشل قانوني، لمجرد أنهما أخفقا في اتباع مثال نيكسون وكلينتون حتى نهاية الطريق الدستوري. بروس أكرمان وأوونا هاثاوي أستاذا القانون بجامعة «يل» ينشر بترتيب مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©