الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

محللون سياسيون في لندن لـ «الاتحاد»: إقالة تيلرسون ضربة قوية للجناح المؤيد لقطر في أميركا

محللون سياسيون في لندن لـ «الاتحاد»: إقالة تيلرسون ضربة قوية للجناح المؤيد لقطر في أميركا
16 مارس 2018 20:09
أكد محللون سياسيون مخضرمون في العاصمة البريطانية لندن، أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون الذي كان معروفاً بمواقفه الداعمة للنظام القطري، يشكل ضربةً لا يُستهان بها للتيار المُناصر للدويلة المعزولة في أروقة المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، وتوقعوا أن يجعل ذلك من الصعب على الدوحة اللعب بورقة الخلافات بين أجنحة إدارة ترامب، خاصةً في ظل المواقف المتشددة التي يتبناها الوزير الجديد مايك بومبيو تجاه الحلفاء الإقليميين لقطر، مثل النظام الإيراني. فمن جانبه، قال المحلل السياسي البريطاني من أصل مصري عادل درويش في تصريحاتٍ لـ«الاتحاد»، إن عزل تيلرسون المفاجئ من منصبه يجعل «الجناح المؤيد لقطر (في الأوساط الحاكمة في أميركا)، أكثر ضعفاً وأقل تأثيراً»، مُشيراً إلى أن الأزمة القطرية الحالية - والمستمرة منذ أكثر من تسعة شهور - تشكل «واحدة من بين أربع قضايا رئيسة، مثلت محور الخلاف بين البيت الأبيض والوزير المُقال» الذي لم يقضِ في منصبه سوى أقل من 14 شهراً. وأبرز درويش في هذا الصدد الموقف الذي اتخذه ترامب حيال تلك الأزمة، والذي أبدى فيه دعمه الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، على صعيد التدابير الصارمة التي تفرضها على النظام القطري منذ مطلع شهر يونيو من العام الماضي، في مسعى لحمله على التخلي عن سياساته التخريبية، وتمويله للإرهاب، وتحالفه مع أنظمةٍ قمعية في الشرق الأوسط، مثل نظام الملالي الحاكم في طهران. ورغم إعلان الرئيس الأميركي موقفه بجلاء من الأزمة منذ أيامها الأولى، أبدى وزير الخارجية المعزول مواقف منحازة للدوحة بشكلٍ سافر، واضطلع بمهمتيْ وساطة باءتا بالفشل، في محاولةٍ مستميتة لإنقاذ نظام تميم بن حمد من العزلة الدبلوماسية والاقتصادية التي يعانيها على الصعيدين العربي والإقليمي. كما شملت مواقف تيلرسون المؤيدة للدوحة، ما بذله من جهودٍ لتأمين عقد ما وُصِفَ بالحوار الاستراتيجي الذي استضافته واشنطن قبل أسابيع بين مسؤولين أميركيين وقطريين، وهو ما اعتبره نظام تميم في ذلك الوقت مكسباً دبلوماسياً. ولكن المحلل السياسي البريطاني المخضرم شدد على أن إخراج ريكس تيلرسون من الإدارة الأميركية وتعيين المدير الحالي لوكالة المخابرات المركزية «سي آي آيه» مايك بومبيو في منصبه، سيؤدي إلى أن تنتهج واشنطن «سياسةً خارجيةً أكثر وضوحاً في تشددها، أي سياسة الصقور لا سياسة الحمائم»، وذلك في إشارة على ما يبدو إلى ما هو معروفٌ عن أن بومبيو يتبنى رؤىً، تتطابق مع تلك التي يؤمن بها ترامب على صعيد السياسة الخارجية، وهي توجهاتٌ لا تتلاءم بأي شكلٍ من الأشكال، مع السياسات الطائشة التي تنتهجها الدويلة المعزولة. وأشار درويش إلى أن إقالة تيلرسون تمضي على درب ما هو معروف في الولايات المتحدة من أنه «عندما يدلي وزير الخارجية بتصريحات مغايرة لنهج البيت الأبيض يستقيل»، وقال إن ذلك تكرر مرتين في العقود القليلة الماضية، من بينها إقالة الرئيس الراحل رونالد ريجان وزير خارجيته ألكسندر هيج في ثمانينيات القرن الماضي، عندما خالف أوامره بشأن التصويت في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يتعلق بالحرب التي خاضتها بريطانيا في جزر فوكلاند. ومن جهته، أبرز مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن د. مأمون فندي في تصريحاته لـ«الاتحاد» حقيقة أن الأزمة القطرية «قد تكون واحدةً من بين نقاط الاختلاف بين الرئيس الأميركي ووزير خارجيته المُقال»، رغم أنه يشير في الوقت نفسه إلى أن «هذه الأزمة تعتبر من وجهة نظر أميركا صغيرةً، في ضوء وجود أزمات عالمية أكبر، مثل الأزمة الكورية» الناجمة عن امتلاك النظام الشيوعي الحاكم في كوريا الشمالية برامج تسلح نووية وصاروخية. وتوقع فندي أن تتخذ وزارة الخارجية الأميركية في عهد بومبيو سياساتٍ أكثر تشدداً حيال النظام القطري، وذلك في ظل ما يُعرف عن الوزير الجديد من تبنيه مواقف متشددة إزاء نظام الملالي المهيمن على الحكم في إيران، والحليف القوي في الوقت الراهن للدوحة. وقال في هذا الصدد: «وزير الخارجية (الأميركي) الجديد معروفٌ بتشدده تجاه إيران.. بما أن هناك ارتباطاً بين قطر وإيران، فبالتالي سيكون موقفه أكثر تشدداً» إزاء النظام الحاكم في قطر من سلفه تيلرسون. غير أنه يعرب في الوقت نفسه عن اقتناعه بأن القرار النهائي في إدارة ترامب بشأن قضايا السياسة الخارجية «يظل في يد الرئيس الأميركي لا وزير خارجيته». واستبعد المحلل السياسي المقيم في لندن أن يتسنى لحكام الدوحة مواصلة اللعب على ورقة الخلافات في أروقة الإدارة الأميركية، بعد أن أُزيح تيلرسون من منصبه، قائلاً إن تعيين وزير خارجية أميركي جديد بخلاف هذا الرجل سيجعل من «الصعوبة البالغة بالنسبة لقطر» القيام بذلك. وألمح د. فندي إلى أن رأس الدبلوماسية الأميركية الجديد بومبيو يختلف عن سلفه، في أنه لا ارتباطات سابقة له بمنطقة الشرق الأوسط، قائلاً إن تيلرسون «كان يعرف المنطقة لعلاقته بشؤون النفط والطاقة وغير ذلك من الملفات، وهو الأمر الذي لا يتوافر في الوزير الجديد»، الذي وصفه بأنه «مختلفٌ وغير معروف لدى القطريين، وبالتالي ستكون هناك صعوبةٌ في التعامل معه» من جانبهم. وفي تصريحاته لـ«الاتحاد»، استعرض مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في العاصمة البريطانية، المواقف المناوئة للنظام القطري التي يتبناها بومبيو - العضو لسنوات عدة في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي - قائلاً، إن وزير الخارجية الجديد «من بين من يرون أن شبكة (الجزيرة) التليفزيونية القطرية قناةٌ إرهابية». وأشار إلى أن بومبيو الذي يُوصف بأنه يشارك ترامب مواقفه المتشددة إزاء إيران وكوريا الشمالية، يعتبر أن «قطر حاضنةٌ للإرهاب، ويرى (الجزيرة) أداةً للترويج للإرهاب»، قائلاً إن وزير الخارجية الأميركي الجديد الذي ينتمي لما يُعرف بحركة حزب «الشاي» يمينية التوجهات، من بين الشخصيات ذات التوجهات المحافظة في الولايات المتحدة. وألمح فندي إلى أن إقالة تيلرسون قد تتيح الفرصة للرئيس الأميركي لاتخاذ مواقف أكثر تشدداً حيال «نظام الحمدين» المتسلط على الحكم في قطر. وقال في هذا الشأن، إنه قد يكون لترامب الآن «مساحةٌ أكبر» في التعامل مع الأزمة القطرية، «دون نصيحةٍ كانت تعتبر ناعمةً قليلاً حيال قطر من جانب تيلرسون». وشدد على أن توجهات وزير الخارجية الأميركي الجديد المتشددة على الصعيد الخارجي لا تقتصر على إيران وحدها «بل إنه ضد روسيا تماماً، ويناوئ أي نوع من التدخلات الروسية» في شؤون السياسة الأميركية، وذلك على الرغم من أن الرئيس ترامب «كان يدعو إلى إحداث تقاربٍ مع روسيا». أما المحلل السياسي العربي المقيم في بريطانيا عبد الوهاب همت، فقد اعتبر في تصريحاته لـ«الاتحاد» أن خروج تيلرسون من الإدارة الأميركية قد يُسقط - ولو مؤقتاً - الرهان القطري على وجود أي تناقضات بين أجنحة الإدارة المختلفة، فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة الراهنة بين قطر من جهة ومحيطها الخليجي والعربي من جهة أخرى. وأشار همت في الوقت نفسه إلى أن قرار ترامب عزل وزير خارجيته قد يشكل «جرس إنذار» بالنسبة للإدارة الأميركية فيما يتعلق بوجود خلافاتٍ داخلية فيها. وقال إن هذه الخطوة ربما تجعل أجنحة إدارة ترامب «تشعر بأن هناك أمراً ما، يجب التوقف عنده كثيراً، ويعني ربما وضع (الإدارة) على الطريق الصحيح، باعتبار أن ما تقوم به المكونات المختلفة لها هو عملٌ جماعيٌ». وشدد المحلل السياسي العربي على أن إقالة تيلرسون تنطوي على رسالةٍ واضحة مفادها بـ«أنني أنا (ترامب) الذي اتخذ قراراتي، فمن شاء فليبق ومن شاء فليذهب»، وأن هذه الخطوة تُبلغ كل مسؤول من مسؤولي الإدارة بأنه «إذا أردت أن تمضي معنا في طريقنا مرحباً بك. وإن لم تُرِدْ ذلك عزلناك غير آسفين عليك».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©