الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نصف ساعة تفصل الرياض عن «حديقة الموت»!!

نصف ساعة تفصل الرياض عن «حديقة الموت»!!
12 يونيو 2009 00:41
إن كنت ممن يقتفون أثر التاريخ، فإن بلدة الجبيلة (40 كلم شمال الرياض)، ستكون حتما على قائمة الأماكن المراد زيارتها، وهناك سيدلك ساكنو البلدة إلى الموقع الذي دفن فيه «مسيلمة الكذاب» بمحاذاة الشارع الرئيس لـ«الجبيلة»، في مقبرة محاطة بسور أبيض وبابها مشرع على الدوام. صحابة شهداء لا تظهر في الأرض المسورة علامات بارزة لقبور، وإنما حواف صخرية وجرف رملي وشجيرات باهتة الخضار ونخيل مهمل. وعلى مسافة قريبة من المقبرة التي دفن فيها مسيلمة، تنتصب مقبرة ثانية مطوقة بأربعة أسوار «لونها أصفر»، وأبوابها محكمة الإغلاق، تذهب بعض الروايات التاريخية إلى أنها مقر قبور الصحابة الذين استشهدوا في معركة «اليمامة» التي خاضها المسلمون ضد جيش مسيلمة ومن بينهم زيد بن الخطاب الذي اعتنق الإسلام قبل أن ينطق أخوه لأبيه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الشهادتين معلنا إسلامه، وكان زيد أكبر منه سنا واستشهد قبله. قتال شديد وكاد المسلمون أن ينهزموا في معركة اليمامة بعد أن سقط منهم شهداء كثيرون، فلما رأى زيد ذلك، صعد على ربوة وصاح: «يا أيها الناس، عضوا على أضراسكم، واضربوا عدوكم، وامضوا قدما»، ثم رفع بصره إلى السماء وقال: «اللهم إني أعتذر إليك من فرار أصحابي، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة وأصحابه»، ثم نذر ألا يكلم أحدا حتى يقضي الله بين المسلمين وأعدائهم فيما هم فيه مختلفون، «والله لا أتكلم اليوم حتى يهزمهم الله أو ألقى الله، فأكلمه بحجتي» فأخذ سيفه، وقاتل قتالا شديدا، وعمد إلى «الرجَّال بن عنفوة» قائد جيوش مسيلمة وقتله، وظل يضرب في جند مسيلمة حتى رزق الشهادة، فحزن المسلمون لموته حزنا شديدا، وكان أخوه عمر بن الخطاب أشدهم حزنا عليه، وحين بلغه نبأ موته قال: «رحم الله زيدا سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي، واستشهد قبلي». قبر ابن الخطاب دون الشيخ محمد بن عبدالوهاب معلومة تفيد بأن «بعض سكان القرى في (الجبيلة والعيينة) وما جاورهما بنوا عليه قبة وكانوا يتبركون به»، إلى أن تحرك جيش من 600 مقاتل، لم يقاومهم أهل الجبيلة، فهدمت القبة بمباشرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب نفسه. وفيما ظل قبر زيد بن الخطاب معروفا حتى القرن الثاني عشر الهجري، تذهب الروايات التاريخية إلى أن مسيلمة الكذاب قتل في حديقة الموت خلال معركة اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق، وكان عمره حينئذ يناهز مائة وخمسين عاما، وقتله وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب يوم معركة أحد، وعندما ادّعى «مسيلمة الكذاب» النبوة، قال له أتباعه: «إن محمدا يقرأ قرآنا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيئا مما يأتيك من السماء»، فقال لهم: «يا ضفدعة يا بنت الضفدعين..نُقي ما تنقين..فنصفك في الماء ونصفك في الطين»، فتقززوا مما سمعوه وعلموا أنه ليس وحي السماء بل هذيان مجنون، وانبرى له من بينهم أحد الأعراب قائلا: «والله إني لأعلم أنك كذاب، وأعلم أن محمدا صادق، ولكن كذاب ربيعة أحب إلي من صادق مضر»! اليمامة في معركة اليمامة التي نشبت بين جيش المسلمين وجيش الردة، حمي الوطيس واشتد ضرب سيوفها وطعن رماحها وسهامها بعد شروق الشمس حتى منتصف عصر اليوم نفسه، على أرض براح بالقرب من بلدة «الجبيلة»، وفض القتال باقتحام الجيش الإسلامي مزرعة كبيرة محصنة التجأ إليها بعض جيش الردة، وعلى رأسهم قائدهم مسيلمة بن حبيب الحنفي، الموصوم بالكذاب، والمزرعة التي تحصن فيها الجيش كانت تعرف باسم مزرعة الرحمن وترجع ملكيتها إلى مسيلمة، لكن المسلمين بعد أن رفعوا راية النصر أطلقوا عليها اسم مزرعة/ حديقة «الموت» لكثرة قتلاها من الجيشين. حدده المؤرخ الطبري بسبعة آلاف قتيل. ويروي الصحابي أبوسعيد الخدري الذي شارك في المعركة بعض تفاصيل المعركة على هذا النحو: «دخلت الحديقة حين حضر وقت الظهر، والقتال مستمر، فأمر خالد ابن الوليد المؤذن فأذن على جدار الحديقة لصلاة الظهر، والقوم يجزلون الضرب والطعن حتى انقطعت الحرب بعد العصر..فصلى بنا خالد الظهر والعصر معا». ووفقا لرواية وردت في كتاب الردة للكلاعي تُنسب لخالد بن الوليد، فإن القتال توقف تماما بعد أن صاح أحدهم معلنا مصرع مسيلمة الكذاب.
المصدر: الرياض
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©