الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كذبة أعداء الإسلام والأمَّة. . سبب الآلام والغُمَّة!

24 فبراير 2015 23:45
استطاع تيار الإرهاب والتطرف، وعلى رأسه بالطبع، تيار «الإخوان»، تسويق فكرة غريبة ومغلوطة على مدى عشرات السنين، وهي مصطلح، أو شعار (أعداء الأمة أو أعداء الإسلام)،وتوسع هذا التيَّار جداً في تسويق هذا المصطلح حتى أقنع الدهماء والعامة، وهم للأسف جل الجماهير والشعوب العربية. وشيئاً فشيئاً نجح هذا التيار الإرهابي في إقناع الناس بأن أعداء الأمة أو أعداء الإسلام هم كل الذين لا ينضمون إلى هذا التيار. وهي نفس فكرة «من ليس معنا فهو ضدنا»، وعندما حشد التيار الإرهابي الجماهير معه لتبني خطاب (أعداء الإسلام أو أعداء الأمة)، انتقلت الفكرة أو المصطلح من العدو الخارجي (إسرائيل وأميركا) العدو السياسي - إلى فكرة العدو الديني - (اليهود والنصارى والعلمانيين والديمقراطيين والقوميين والشيوعيين)، وتطورت فكرة العدو الديني إلى فكرة المؤمنين في مواجهة الكفرة، وتم اختزال معسكر الإيمان في فريقين، هما السُنة في مواجهة الشيعة، ثم السُنة في مواجهة السُنة والشيعة في مواجهة الشيعة - وبالتدريج أيضاً أصبح عدو أو أعداء الأمة في داخلها وليسوا من خارجها. وضمرَ تماماً أو تآكل العدو الإسرائيلي والعدو الأميركي والعدو الشيوعي، وبدلاً من معسكر التقدميين في مواجهة الرجعيين الذي ساد في منتصف القرن الماضي وحتى انهيار الاتحاد السوفييتي - انتقلنا إلى معسكر المتشددين في مواجهة المعتدلين، أو معسكر المؤمنين في مواجهة الكفرة، وبتسويق التيار الإرهابي لفكرة أو خطاب أعداء الأمة، أو أعداء الإسلام، وتبني الجماهير الساذجة لهذا الخطاب، اندلعت في كل أو جل دول الأمة حروب أهلية تحت راية الإيمان في مواجهة الكفر. ولم يعد العرب في مواجهة إسرائيل التي خرجت تماماً من معادلة العداء وخانة العدو. وأصبح العرب في مواجهة عسكرية دامية مع أنفسهم داخل كل دولة أو مع بعضهم في دول مختلفة - بمعنى أن العرب صاروا هم أنفسهم أعداء الأمة وأعداء الإسلام، أي العداء للعروبة باسم العروبة والعداء للإسلام تحت راية الإسلام. وأصبحت الحروب عربية عربية بامتياز بين دول - أو صارت حروباً أهلية داخل كل دولة، لا وقت لدينا للعداء مع إسرائيل أو غيرها، لأننا متفرغون للعداء لأنفسنا ولبعضنا، حتى أن جماعة تسمى نفسها أنصار «بيت المقدس» تناصر بيت المقدس بقتل المصريين وحرق وتدمير مساجدهم وكنائسهم ومنشآتهم، وتصاغرت جداً جداً جرائم إسرائيل ضد العرب أمام جرائم العرب ضد العرب، وأصبحت مذابح صبرا وشاتيلا ودير ياسين وقانا وغزة مجرد سطر صغير في كتاب التاريخ، بينما الكتاب كله عن مذابح العرب ضد العرب، أو حتى مذابح العرب ضد غير العرب، وصار العداء والكراهية بين دول وفصائل عربية ضد بعضها أضعاف أضعاف العداء والكراهية ضد إسرائيل، فالعداء مثلاً بين «حماس» و«فتح» أكبر بكثير من العداء بين «حماس» وإسرائيل أو بين «فتح» وإسرائيل..وقتلى العرب بأيدي العرب أكثر مئات المرات من قتلاهم بيد إسرائيل أو غيرها. ولو ارتكبت إسرائيل ألف مذبحة الآن ضد الفلسطينيين، فإن العالم لن يتعاطف معنا، لأن المشهد العربي العربي أكثر بشاعة ودموية من المشهد الإسرائيلي العربي. ومع الوقت سوف تتحول إسرائيل، وربما تحولت بالفعل إلى حل بعد أن كانت مشكلة، وإلى وسيط بعد أن كانت عدواً، وإلى شريك استراتيجي في الحرب على الإرهاب الذي أصبح، أو هو كذلك منذ مئات السنين عربياً بامتياز، فالإرهاب ليس ولم يكن أبداً إسلامياً، وإنما هو عربي..ولا يوجد إرهابي في العالم إلا ولا بد أن يكون عربياً، أو من أصل عربي - ويا للسخرية أن تصبح إسرائيل شريكاً استراتيجياً للعرب في مواجهة الإرهاب العربي! كل هذا الخراب الذي نحن فيه داخل الأمة سببه الأول والأخير خطاب (أعداء الأمة وأعداء الإسلام)، الذي انتقل من خطاب سياسي إلى خطاب ديني - وقد تغيرت اللافتات التي يمارس تحتها العرب الإرهاب، لكن الإرهاب هو هو لم يتغير. وبعد أن كان الإرهاب فدائياً تحت لافتة العروبة والقومية وقضية فلسطين أصبح جهادياً تحت راية الإسلام، والفرق بين الإرهاب القومي والإرهاب الإسلامي، هو أن الأول كانت له ميزة وهي أنه موجه إلى أعداء الخارج. أما الثاني، فهو الطامة الكبرى، لأنه موجه فقط إلى أعداء الداخل أو إلى الكفرة، بل إن الإرهاب الذي يرتكبه العرب تحت راية الإسلام وصل إلى حد التحالف مع أعداء الخارج ضد أعداء الداخل. بمعنى أن «داعش» مثلاً متحالف بشكل معلن أو استخباراتي خفي مع إسرائيل ضد أعداء الداخل الكفرة في الأمة العربية. كما أن «الإخوان» متحالفون بوضوح مع أعداء الخارج، مثل إسرائيل وأميركا والغرب والقوى الإقليمية الأخرى ضد الأمة العربية. فالمشكلة أن الجماهير العربية الساذجة والمغيبة شربت مقلب أعداء الأمة وأعداء الإسلام والمؤامرة المزعومة ضد الإسلام والأمة العربية..فتحولت بكل غباء وغفلة إلى أدوات لتنفيذ المؤامرة إن كانت هناك مؤامرة..وهكذا، فإن كذبة المؤامرة وأعداء الإسلام وأعداء الأمة هي سبب الآلام والغمة! محمد أبو كريشة* *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©