السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حسن شريف.. تجربة تشكيلية تتجاوز المحلية

حسن شريف.. تجربة تشكيلية تتجاوز المحلية
12 يونيو 2009 01:41
عُرض في بينالي البندقية في إيطاليا مؤخراً عدد من أعمال الفنان الإشكالي، أو الذي يوصف بأنه المؤسس لما بعد الحداثة في الفن التشكيلي في الإمارات، حسن شريف ضمن جناح هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، فهل من الممكن اعتبار هذا الأمر نوعاً من التتويج لهذه التجربة؟. ربما، لكن ما جرى عرضه بالأمس في مقر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة القديمة يشير إلى أن هذه التجربة جديرة بما هو أبعد من مجرد التكريم. وبحسب ما جرى بثه عبر تقنية «البروجكتور»، فإن الفنان حسن شريف بدأ تجربته نافراً ومغايراً تماماً، وهي تجربة تتصل بمشاغل فنية تفيض عن التجربة الفنية المحلية لتفضي إلى ما هو عربي في التشكيل وتشتبك معه في حوار حداثي وراهن ومغامر إلى حدّ المقامرة وليس حواراً مع ما هو سائد وراسخ. وبدءاً، فإن ما يعرف بالفن المفاهيمي الذي اشتغل من خلاله الفنان حسن شريف أغلب أعماله، تبعاً لما بدا على الشاشة، هو فن يقوم على الحدس بالضرورة؛ أي أن الفكرة القائمة على فلسفة ما أو وجهة نظر ما يوليها الفنان أهمية خاصة، بالتالي فإن علاقة العمل الفني بالمتلقي لا تتوقف عند الأثر الذي يشبه الأثر الذي تتركه اللوحة المسندية على الناظر إليه، بل لتبقى موجودة في المحيط والبيئة معاً، وتبقى على اتصال مع متلق من مستويات ثقافية واجتماعية متعددة، ما يعني أن هذه الأسلوبية في التعامل مع الفن والتلقي هي موقف من المعنى ومن العالم والمعرفة. وبحسب ما جرى عرضه، فإن الصور قد لا تشير إلى تجربة حسن شريف بالمعنى الكرونولوجي، أي وفقاً لسياقها التاريخي التتابعي، وما أُجري عليها من تطويرات تتماشى مع الأفكار ذاتها التي يبتدعها الفنان نتيجة لتأمله علاقته بالفن وبالمجتمع معاً، لكنها بالمقابل توحي بالعمق في التفكير بالعمل الفني، إجمالاً، وأسلوبيات إنتاجه سابقاً، في المخيلة التي تخص الفنان وحده، ثم تبعاً لما سيبدو عليه هذا العمل الفني في الواقع، بعد الفراغ منه. ومن هنا، فإن أعمال حسن شريف قد نَحَت نحو الهامشي والمهمل والعادي واليومي لتلتقطه وتعيد إنتاجه وتضعه في صورة أخرى وشأن آخر، فيبدو هكذا عملاً فنياً جديراً بالتأمل وخاصاً ومباغتاً على نحو ما لمن لا يعرف هذه التجربة من قبل. وهنا فإن الخامة الأساسية التي ينبني عليها العمل الفني، وفقاً لـ«مفهوم» حسن شريف عن العمل الفني ووفقاً لما تقوم عليه الحياة اليومية المباشرة للناس، هي سعي إلى بناء مغاير الاتصال بين الطرفين: ذلك الطرف الذي فوّض الفنان أن يقول ما يقوله أي المتفرج الناظر إلى العمل الفني ذاته، والفنان الذي يوّد أن يقول ما يقوله، أي أن فكرة العمل تتحقق بتجليات التأويل وإعادة التجربة الجمالية لغير مرة وليس للمرور العابر بها. هي، ومن وجهة نظر ما، تحتاج إلى اتصال المتلقي بثقافة موازية للثقافة التي صنعت هذا المنتج الفني، فلا تكفي أي مواقف مسبقة عن ما ينتجه أي فنان عموماً. بالمقابل، لا تستدر هذه التجربة كلاماً كثيراً عليها، على الأرجح، ربما لأنها أيضاً هي تجربة فكرية موازية لما يجري إنتاجه فنياً، وربما أيضا لأنها تجربة حسية وفطرية معاً إذا جاز التوصيف. الأمر الآخر الذي من الممكن الحديث عنه في هذا الصدد أن أعمال حسن شريف تعبير فردي خاص وخالص عن إحساسه بالعالم الذي يحيا فيه، فيشعر المرء أن مجمل التجربة هي دفق من المشاعر والأحاسيس تجاه تجربة العيش وما يتكون لدى المرء من أفكار حول هذا العالم، فهي تارة نقمة ثم فرح ثم شجن أو حنين لشيء ما أو لأمر ما من المستحيل وجوده الآن أو غداً؛ تجربة فيها من التجريد ما يأخذ الكلام ذاته إلى التجريد. وأخيراً، فإن تجربة الفنان حسن شريف جديرة بالتأمل في سياقها ما بعد الحداثي العربي، وليس بوصف الرجل الذي حرث تربة حمراء في هذا الحقل على المستوى المحلي.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©