الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان يغازل أميركا

3 مايو 2008 01:36
في الأسبوع الثاني من أبريل الماضي، بدأت في العاصمة الإيطالية محادثات بين حكومة السودان والإدارة الأميركية أعلن أن غرضها هو تطبيع العلاقات بين الطرفين وفتح الطريق إلى قدر من التعاون، انتهت جولة مفاوضات روما وأعلن أنها ستستأنف في الشهر القادم، وحقيقة الأمر أن العلاقات بين الخرطوم وواشنطن ظلت تتأرجح بين العادية والمتوترة وبالغة التوتر، إذ بلغ الأمر بالإدارة السابقة للولايات المتحدة برئاسة ''كلينتون'' إلى قذف مصنع لإنتاج الكيماويات في الخرطوم بصاروخ أطلق من داخل البحر الأحمر، لأن واشنطن كانت تقدر أن ذلك المصنع ينتج مواد كيماوية سامة يمكن استخدامها في الحروب، وخلال إدارة الرئيس ''بوش'' الحالية، فإن واشنطن كانت وراء عدد من القرارات المعادية للخرطوم كما أصدرت الإدارة الأميركية عدداً من قرارات المقاطعة الاقتصادية ضد السودان· ويرى المراقبون أن مفاوضات روما الحالية وما سيتبعها تهدف في تقدير الخرطوم إلى تطبيع العلاقات بين البلدين بمنظور أمني، ذلك لأن الواقع يقول إن الخطوة الوحيدة التي أعربت فيها واشنطن عن رضاها بما قدمته الخرطوم، هو عندما قدمت العاصمة السودانية للولايات المتحدة كميات من الوثائق السرية التي تتعلق بأنشطة جماعات لها أهداف وأنشطة معادية للغرب، أي تلك المنظمات التي يطلق عليها اسم (إرهابية) والتي كان السودان حاضناً لعدد منها خلال السنوات العشر الأولى لحكم الجماعة الإسلامية· ويعلل المراقبون تقديرهم هذا، بأن الوفدين السوداني والأميركي يضمان رجالا من قادة المخابرات في البلدين، فالوفـــد السودانــــــي يضــــم الفريـــق ''صـــلاح محمـــد عبداللــــه'' -رئيس جهاز المخابرات- وكذلك الدكتور ''نافـــع'' -مساعد رئيس الجمهورية- وهو الذي كان على رأس الجهاز الأمني خلال تلك السنوات العشر، أما الجانب الأميركي الذي يترأسه مبعوث الرئيس الأميركي للسودان ''ريتشارد وليامسون'' يضم عددا من كبار المسؤولين في وكالة المخابرات الأميركية (CIA) ومنهم مسؤول ملف الإرهــاب بالوكالة· أما الغطاء الذي أعلنته الخرطوم، فهو أن المفاوضات هدفها رفع العقوبات الاقتصادية عن كاهل السودان، وإلغاء الديون ودعم ترشيح السودان لمنظمة التجارة العالمية، والإطلاق العاجل للمعتقلين السودانيين في ''جوانتانامو'' وتقديم اعتذار عن قذف ذلك المصنع قبل سنوات بصاروخ أميركي، وبالطبع فإن الجانب الأمني من المحادثات لم يعلن عنه شيء، ولعله يظل سراً مكتوماً لحساسيته وما يمكن أن يجلب من مضار للحكم القائم في السودان· ولكن هناك قضايا أخرى ظهر فيها التوافق بين واشنطن والخرطوم بعد أيام معدودة من انتهاء جولة مفاوضات روما، وهي قضايا ثانوية ومنها السماح في الخرطوم بالإفراج عن عدد من (الحاويات) الأميركية التي أحضرت لإقامة مجمع ضخم للسفارة الأميركية في السودان، وذلك مقابل أن تسهل الإجراءات الأميركية بالنسبة لسفارة السودان في واشنطن· إن ما جرى في روما وما يتوقع أن يتم إحرازه في الجولة القادمة، أثار كثيراً من التعليقات من خارج الطرفين، ولعل أهمها النقد الذي وجهه السيناتور ''باراك أوباما'' -أحد مرشحي الديمقراطيين للرئاسة- الذي رأى خطأ في أن تقدم واشنطن على التطبيع مع السودان ومحنة ''دارفور'' ما زالت بدون حل· ومهما يكن من أمر فإن هذه المفاوضات بين الحكومتين إذا قدر لها النجاح، فستكون لها آثار مهمة، أولها الدعم غير المباشر الذي يقدمه التصالح والتطبيق مع الولايات المتحدة لنظام الإسلاميين في السودان وهم مقبلون على مرحلة انتخابات عامة ورغبة قوية في البقاء في الحكم· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©