السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام ينبذ الفرقة ويدعو إلى الوحدة

الإسلام ينبذ الفرقة ويدعو إلى الوحدة
8 ابريل 2010 21:35
إن الوحدة أساس كل خير في دنيا الناس وآخرتهم ، وإن الفرقة أخطر الآفات التي تقضى على سعادة الناس ، وترديهم في مهاوي التهلكة، وتجرهم إلى وحل المعصية، وتظل تفرقهم ?شيعاً حتى تجعلهم ينفصلون تماماً عن الدين ، وفي هذا المعنى يقول الحق تبارك وتعالى : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ? يَفْعَلُونَ } (سورة الأنعام الآية (159). ومن المعلوم أن قوة المؤمنين في وحدتهم ، وأن ضعفهم في تفرقهم لقوله – صلى الله عليه وسلم- : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) (أخرجه البخاري)، ومن أجل أن يكون المؤمنون قوة واحدة ، لا بد أن يتآلفوا ويتعارفوا وأن تسرى روح التعاطف والتراحم فيما بينهم ، ليصبحوا كالجسد الواحد فيشعر كل منهم بشعور الآخر يفرح لفرحه ويحزن لحزنه، ويشاركه في السراء والضراء ، ويخف لنجدته، ويبادر بمساعدته مصداقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: ( مثل المؤمنين في توادهم ?وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد? بالسهر والحمى )(أخرجه البخاري). إن أمتنا العربية والإسلامية أحوج ما تكون إلى الوحدة والمحبة، والتكاتف والتعاضد، ورص الصفوف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية والإسلامية، ولننظر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج مشرق للوحدة العربية، حيث نرى دولة الإمارات تحت قيادة واحدة ، تبني نهضتها ، وتصنع حضارتها، وترتقي بأبنائها لما فيه الخير. فالواجب علينا أن نكون أخوة متحابين، وأن نتعاون على البر والتقوى كما قال العلماء: (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه). إن وحدة أمتنا واجبة وضرورية لمواجهة التحديات والتكتلات والأخطار التي تحدق بالأمة من كل جانب ، ولو نظرنا إلى ما تملكه أمتنا الإسلامية والعربية من الثروة البشرية والمعدنية والبترول ، والعقول والحضارة والعلم والزراعة، إلى غير ذلك من أسباب القوة والمنعة ، لو نظرنا إلى ما تملكه أمتنا من هذا كله لكنا على يقين بأننا حين نتوحد ونتجمع نصبح أكبر قوة مؤثرة في العالم كله. وقد بين الله سبحانه وتعالى أن أساس هذه الوحدة التي يدعو إليها الإسلام هو الدين الإسلامي، والاعتصام به وبكتابه الذي هو سبب النجاة ، حيث وضح سبحانه وتعالى أن? الأمة الإسلامية واحدة ، وأن الرب واحد فقال جل شأنه : {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ ?فَاتَّقُونِ} (سورة المؤمنون الآية (52)، فالإسلام هو الضمان الوحيد لوحدة هذه الأمة، وهو الضمان الذي يبقى عليها، فلا تفترق ولا تتشتت ولا تتشرذم، ولا يعادي بعضها بعضاً ، ويقتل بعضها بعضاً، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (سورة الأنبياء الآية (92)، والله سبحانه وتعالى يبغض إلينا أن نختلف، لأن الاختلاف أول الوهن ، وباب الفشل والضياع، والفاشل الضائع لا وزن له في هذه الدنيا ، ولا مكانة له في الآخرة لقوله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (سورة الأنفال الآية (46)، ولقول الرسول- صلى الله عليه ?وسلم-: (لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخواناً) (أخرجه البخاري) ، بل إنه ليحذرنا ?من أن نسير على نهج المتفرقين ، أو أن نقتدي بهم ، لأنه أعد لهم أسوأ العقاب عنده جزاء? تفرقهم:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ? لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(سورة آل عمران الآية (105). كما ووضح سبحانه وتعالى أن وحدة الأمة تستوجب عليها ألا يتفرقوا في الدين وألا يختلفوا، فالمتفرقون فريسة لأعدائهم يتغلبون عليهم بسهولة، وتتداعى عليهم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فيعتدى عليهم في كل وطن، ويقاتلون في كل مكان، ويضيعون فرقة بعد أخرى، وجماعة بعد جماعة، كما يكونون في فرقتهم فريسة للشيطان ولكل عدوان ، لقوله- صلى الله عليه? وسلم- : ( الشيطان يهم بالواحد والاثنين فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم ) (أخرجه مالك ). إن عدو الله-إبليس- لا يرضى للإنسان أن يحب أخاه المسلم فيعمل جاهداً من أجل إفساد العلاقات الأخوية كما قال عز وجل : “إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً” (سورة فاطر الآية (6) . إن المؤمنين يعون هذه المهمة السيئة للشيطان فلا يطيعونه، وإذا ما غفلوا للحظة انتبهوا وبسرعة، وعادوا إلى جادة الصواب . ذكرى يوم الأرض شهدت الأراضي الفلسطينية، والمدن والبلدات العربية داخل الخط الأخضر قبل أسبوع، مسيرات ومهرجانات ومظاهرات وإضرابات إحياء لذكرى يوم الأرض الذي يأتي في الثلاثين من شهر مارس (آذار) من كل عام ، هذه الذكرى التي تأتي تعبيراً عن تمسك وتشبث الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه، حيث سياسة مصادرة الأراضي والاستيلاء عليها، وتشريد أهلها، واغتيالهم وقتلهم، وجدار الفصل العنصري الذي يلتهم الأرض، ويفرق الأهل. لقد أرشدنا ديننا الإسلامي الحنيف بأن الوطن غالٍ، والأرض غالية عندما جعل حب الأوطان من الإيمان ، فقد هاجر الرسول الكريم-صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى يثرب، وعلَّم الدنيا كلها حبَّ الأوطان، والأماكن المباركة والوفاء لمسقط الرأس، عندما ألقى نظرة الوداع على مكة المكرمة وهو مهاجر منها، وقال كلمته الخالدة: ‏(وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ)(أخرجه الترمذي ). وكان فراق مكة عزيزاً على الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة الكرام - رضي الله عنهم أجمعين - ، فهذا واحد منهم اسمه أصيل جلس يتكلم عن مكة فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم-: ( يا أصيل دع القلوب تقر فلا تذكّرنا)(كنز العمال 12/210) أجل فما من الوطن بدّ، وما للإنسان عنه من منصرف أو غنى، في ظله يأتلف الناس، وعلى أرضه يعيش الفكر، وفي حماه تتجمع أسباب الحياة، وما من ريب أن ائتلاف النّاس هو الأصل، وسيادة العقل فيهم هي الغاية، ووفرة أسباب العيش هو القصد مما يسعون ويكدحون، ?ولكن الوطن هو المهد الذي يترعرع فيه ذلك كلّه، كالأرض هي المنبت الذي لا بدّ منه للقوت والزرع والثمار. ولا تخفى مكانة فلسطين في الكتاب والسنّة على كل من له إلمام بالعلوم الدينية والدراسات الإسلامية، فيعرف حتماً -من غير شك ولا ريب- أن فلسطين جزء من بلاد الإسلام، وفيها المسجد الأقصى المبارك الذي شرّفه الله تعالى بالتقديس، وجمع فيه الأنبياء ليلة الإسراء والمعراج تكريماً لنبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(سورة الإسراء ، الآية(1). إن الواجب على الأمتين العربية والإسلامية مساندة هذا الشعب، ودعم المرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ولعدوهم قاهرين ?لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، قيل أين هم؟ يا رسول الله، قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”(أخرجه أحمد بن حنبل ). الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©