الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضرب الأطفال في الأماكن العامة ألم على الهواء

ضرب الأطفال في الأماكن العامة ألم على الهواء
4 مايو 2008 01:44
أب أو أم يضرب طفله في مكان عام، مشهد مؤلم قد تقع عليه العين في الحدائق أو مراكز التسوق أو حتى الشارع· وقد يترافق مع الضرب توجيه عبارات شتم أو تهديد فلا يجد الطفل ما يفعله سوى الصراخ أو البكاء أو الارتماء على الأرض تعبيرا عن الألم والاحتجاج أو طلبا للغوث· هذا المشهد الذي يتكرر كثيرا يثير سؤالاً مهماً عن وسائل التربية التي ينبغي التعامل من خلالها مع الطفل، والكيفية التي يتعاطى بها الوالدين مع مشاكل أطفالهم وعنادهم، ويؤشر على مدى إلمام أولياء الأمور ومعرفتهم بالسبل التربوية الصحيحة التي يجب أن نتعامل بها مع الأبناء· إذن، هل يحق للوالدين ضرب الأبناء بقسوة في الأماكن العامة؟ وكيف يمكن معالجة الموقف قبل اللجوء إلى الضرب؟ ميثاء احمد الترك لديها بنت وثلاثة أولاد، وهي من النوع العصبي جداً وتضرب أبناءها إن أخطأوا، ولا فرق لديها إن كان الضرب في الأماكن العامة أو في البيت، تقول بكل صراحة: كثيرا ما أضرب أبنائي في ''السوبر ماركت'' وأحيانا في السوق، فقد يصر احد الأبناء على الحصول على لعبة معينة لديه مثلها، أو أثناء المرور بجنب الرفوف قد يمد أحد أبنائي يديه فيسقط المعلبات من عليها مما يسبب لي الإحراج، أو تنكسر إحدى الزجاجات، مما يضطرني إلى دفع ثمنها، حينها ومن شدة غضبي انفعل وقد اضرب ابني حتى لا يعاود الكرة مرة أخرى· وأحياناً يبكي بكاء شديداً وبصوت عالٍ يشعرني بالإحراج أكثر، فيضطرني إلى توجيه بعض العبارات النابية أو تهديده بأنني سأضربه ضرباً مبرحاً إن لم يهدأ واستمر في شقاوته· الأولاد ''يرفعون الضغط'' وتعترف ميثاء أن ما تقوم به خطأ وربما لا يكون الأسلوب التربوي الصحيح، لكنها تبرر سلوكها بأن ''الأبناء يرفعون ضغطي، ويضغطون على أعصابي بتصرفاتهم وإصرارهم على تلبية كل رغباتهم· وفعلاً حدث كثيرا أن تدخل احد المارة حين شاهد هذا الموقف، وكانت ردة فعلي: لا أحب أن يتدخل أحد في تربية ابني''· وفي المقابل لا تفضل رولى عبد الغفور ضرب الأبناء خارج البيت أو في الأماكن العامة، والسبب كما تقول ''لأنني أعلم أن الضرب قد يؤثر على نفسية الأبناء مستقبلا· وسوف تتولد لديهم عقدة نفسية من جراء الضرب، ويشعر الأبناء أيضا بالحقد والكراهية، ولكن والده أحياناً يفقد أعصابه فيضطر إلى ضربه أو يمسكه من ''أذنية'' نتيجة طلبه المتكرر لشيء ما، وتكون ردة فعل ابني في الغالب، أنه يحاول إخفاء دموعه كي لا يعرف أحد أنه تعرض للضرب لأنه يشعر بالإحراج من الذين رأوه وهو يضرب، وحين يلجأ زوجي إلى الضرب يكون غرضه هو التخويف لا أكثر''· التفاهم أفضل أما ريم السعودي فتقول: الطفل بحاجة إلى أمه لتهذيبه وتربيته وتنمية قدراته، وأنا أكره أسلوب توبيخ أبنائي سواء في البيت أو امام أي أحد، فضرب الطفل هو إهانة له، وهو أسلوب يولد في نفس الطفل ألما وجرحاً، وقد يضعف من ثقته بنفسه ويصبح تعامله مع الآخرين شيئاً سلبياً للغاية، ويصل به الحال لرفض الاحتكاك والاندماج مع الآخرين خشية من سلوكه السلبي، وبالتالي الطفل هنا بحاجة لصبر وحزم منذ نعومه أظافره حتى يتشكل كما نريد ويتعلم الأدب بين الأهل· ويرى ناصر محمد الفيل أن هناك عددا كبيرا من الآباء والأمهات يعتقدون أن ضرب الأبناء في السوق أو ''السوبر ماركت'' وغيرهما من الأماكن العامة هو الطريقة المثلى لتربية الطفل، لكنني أعتقد أن هذا تصرف خاطئ يولّد مشاكل وعقداً في نفس الطفل أكثر مما يؤدبه أو يعيده إلى الطريق الصحيح· وعني، فقد عودت نفسي وأبنائي على التفاهم، ولا ألجأ إطلاقاً إلى ضربهم في الأماكن العامة، فالطفل إنسان مرهف وكتلة من المشاعر والأحاسيس، ويحتاج إلى من يفهمه ويعلمه، لا أن يضربه ويولد كراهية في نفسه· أسلوب عنيف يعتبر العقاب البدني المتمثل في الضرب أو التعذيب أو التجريح من أشد وأعنف أساليب التنشئة الاجتماعية، والتي تترك آثاراً ومضاعفات نفسية وتشويهاً في البناء النفسي للطفل وخاصة في السنوات الأولى من حياته· ورغم ذلك فان هذا الأسلوب من أكثر الأساليب انتشارا وخاصة بين الأمهات· وتعلق الاختصاصية النفسية وداد الشاعر على الأمر بقولها: دعونا نتساءل لماذا يقوم الطفل بهذا السلوك؟ والإجابة أن الطفل يسعى بهذا السلوك إلى لفت النظر، والإعلان عن حاجياته التي يرغب أن يلبيها له الوالدين، وحين لا يحدث يلجأ إلى البكاء والشقاوة حتى يرضخا لطلباته· وتتابع: إن أسلوب الضرب والقسوة نوع من التنفيس الانفعالي للوالدين نتيجة الضغوط المختلفة التي يعانيان منها، وليس أسلوب تهذيب وتربية· وضرب الأطفال يعتبر مخالفة قانونية سواء في الأماكن العامة أو داخل المنزل· ولا مبالغة إذا قلنا أن هذا النوع من العقاب البدني له آثار وخيمة تخلق لدى الطفل اضطرابات متنوعة كالخوف والقلق وعدم الشعور بالأمان والاكتئاب والتبول اللاإرادي أو العدوان والكذب والتخريب· كما أن شخصيته تكون مضطربة أو انطوائية أو عدوانية أو متمردة على الآخرين، وتتضاعف النتائج إذا تعرض الطفل إلى الضرب في الأماكن العامة· وتؤكد انه يمكن معالجة هذا الأمر بطرق تربوية صحيحة دون اللجوء إلى الضرب والقسوة، وعلى الوالدين أن يتعاملا مع الأمر بالصبر والتأني· ومنذ الصغر على الأم أن تعلم أبناءها الطريقة الصحيحة التي تعتمدها في تلبية مطالبهم إلا في حدود معينة، وحسب ميزانية الأسرة· ويمكنها أن تعقد اتفاقية مع الأبناء على طريقة المعاملة والتي تكون مبنية على التفاهم والحوار والمناقشة بأسلوب بسيط، ويتناسب مع المرحلة العمرية، أو وضع بدائل عقابية غير بدنية في حال تكرار المخالفات، مثل حرمانه من أشيائه المحببة لديه، أو الامتناع عن التحدث معه لفترة بسيطة، أو أسلوب العزل لمدة دقائق، أو حرمانه من الذهاب إلى الأماكن العامة، ولابد من اختيار الوقت المناسب للعقاب، حتى يصبح له دور فعال ويكون بشكل فردي، وليس في الأماكن العامة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©