الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النسيج خيوط تحكي سيرتها وتروي التاريخ

النسيج خيوط تحكي سيرتها وتروي التاريخ
4 مايو 2008 01:55
تعتبر حرفة النسيج، إحدى أقدم الحرف في العالم كله، ولا غلو إن قلنا إن الإنسان البدائي كان أول من شبك أغصان الأشجار ببعضها ورتق بها صوف المواشي التي كانت تشاركه حياته، ليشكّل منها رداءً يغطي جسمه ويقيه الحر والبرد· وقد عُرف النسيج -وفق كتاب ''قاموس الصناعات الشامية'' لمؤلفه محمد سعيد القاسمي- قبل سبعة آلاف عام من الميلاد، كما أتقنتها أمم وشعوب غابرة وتوارثتها عبر القرون وصولاً إلى يومنا هذا· وتعد الإمارات في طليعة دول المنطقة اهتماماً وحرصاً على إحياء الحرف والصناعات التقليدية الشعبية، حيث توجد 22 حرفة يدوية ما زالت تمارس في الدولة· ولتأكيد الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة والنوادي التراثية لقطاع الصناعات والحرف التقليدية، شهدت حرفة النسيج ترسيخاً لاستمراريتها وحمايتها من الإهمال والاندثار، وحفظ جهود الأجداد الذين كانوا يمارسونها لتأمين مصدر رزقهم، فازدهر عمل ''النسّاج'' الذين تضمهم أسواق شعبية ترعى عملهم وتدعمه· بين القطن والصوف عبر لقائنا مع نسّاجَيْن في السوق الشعبية، وقفنا على نوعين من النسيج، كل منهما يحتاج إلى براعة الأصابع قبل مرونة الخيوط نفسها· يقول النسّاج محمد الدرعي عن طريقة نسج القطن: يستخدم في عملية التصنيع إما الصوف أو القطن الذي يتم شراؤه حسب اللون المطلوب ''أبيض وملون''· ونقوم بتجهيز كل المواد التي نحتاج لها، حيث يتم استخدام آلة ''الكارجة'' التي تتكون من خشب السدر ''قديماً'' أو الحديد، ومرفق معها ''النير'' الذي يستخدم لإدخال غزل القطن أو الصوف به، وكذلك هناك ''الدواوير'' وأيضاً ''الدولاب''· بينما تتم عملية تمشيط المادة المنسوجة وغزلها بواسطة آلات تقليدية مصنوعة من سعف النخيل، ثم تمتد على ''النول'' خيوط النسيج (قطن أو كتان) ويختلف طول الخيوط بحسب القطعة المراد نسجها ''ثوب، وزار، قميص، سروال''، وتكون ''الكارجة'' وكذلك ''النول'' متحركان ومرتبطان بسنانير ضمن الثقوب التي تشغل مساحة السنتيمتر المربع، وعندما يدار ''الكارجة'' أو ''النول'' فإن المكوك الخاص بالخيوط يرفع السنارات إلى الثقوب جيئة وذهاباً ويتكرر العمل إلى حين نسج القطعة المطلوبة· رسوم مبتكرة أما عن طريقة نسج الصوف عبر ''الكاروجة''، فيقول النسّاج عبدالله العميري: ''نستخدم مجموعات من غزل (الصوف والشعر) لإنجاز أطقم من (مفارش ووسائد وأغطية ومستلزمات الخيام والمجلس البدوي) والتي تكون رسومها عادة ملونة، وتحتاج تداخل الخيوط حسب الرسوم والنقوش، فنبتكر بعض الصور النباتية كالزهور والشجيرات أو الحيوانية كالإبل والصقور أو الهندسية كالمثلثات والدوائر، وتتم عملية تنفيذ الرسم بدقة، حيث يرسم الشكل أولاً على ورق ميليمتري لا يتجاوز عرضه 7 سم في حالة نسجه على سنارات (الكاروجة) ويتكرر الشكل في كل 7 سم· وتطول خيوط الصوف وفقاً للقطعة، فمفارش المجلس تكون أطول من خيوط الوسائد، وهكذا''· مهام واهتمام يلاحظ زوّار السوق الشعبية، توافر منتجات نسيجية من القطن والصوف، متنوعة الأشكال وبألوان عديدة ولمختلف الاستخدامات، منها للاستعمال الشخصي كالملبوسات، ومنها لمفروشات البيوت· وعلى الرغم من كون هذه القطع صناعات يدوية تكلّف الكثير من التعب والجهد والتكلفة، إلا أنها في متناول القدرات الشرائية، فأسعار القطع القطنية تبدأ من 50 ولغاية 500 درهم، بينما المنتجات الصوفية أغلى ثمناً وثمة قطع تتجاوز الألف درهم· إنما لا يقتصر اقتناؤها على مواطني الدولة فقط، بل ثمة عرب وأجانب وسياح يقبلون على اختيار منسوجات سواء لاستخدامها الشخصي أو كذكرى تراثية أو لجعلها أحد تفاصيل الديكور المنزلي· أيضاً لعل أجمل ما يمكن ملاحظته عن هذه الحرفة العالمية - المحلية، أن إدارات أندية التراث والنسّاج على حدّ سواء، اضطلعوا بمهام المحافظة على الحرف اليدوية التي مارسها الأجداد في الماضي وأحياها الآباء في الحاضر، وتعوّل الآمال على الأبناء أن يهتموا بها مستقبلاً لأنها تنسج فيما تنسج تاريخ البلاد وأصالتها
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©