الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيوت أسرار

البيوت أسرار
4 مايو 2008 02:08
العودة إلى الصفر اعترف بأنني إنسان متناقض، وأيضاً فاشل في الدراسة، أعدت الثانوية مرتين، ثم نجحت بنسبة قليلة جداً، ولم أجد كلية أو جامعة تقبلني، فعملت في القطاع الخاص، في البداية عملت بائعاً في محال راقية لبيع العطور والساعات، وقد تميزت بوسامتي وقدرتي على كسب الزبائن، ولكن ذلك العمل لم يكن متوافقاً مع رغباتي، فتركته وعملت في بنك· منذ طفولتي كانت مشكلتي الكبرى هي كرهي الشديد للفقر، وحبي اللامحدود للغنى وللمظاهر، كنت دائماً أتذمر من طريقة عيشنا، ومن فقر أبي، ومن شكل بيتنا، وكانت طريقتي الوحيدة لمحاربة هذا الواقع هي الترفع على الجميع والعيش في عالم خيالي كنت أرسمه لنفسي وهو مليء بالكذب، ولكني كنت أصدق نفسي بشكل كامل، ولا يهمني إن جميع زملائي يعرفون حقيقتي، لان معظمهم من المعارف والجيران، فصاروا ينعتوني بالكذاب أو (الخقاق العود)، وأنا لا أكترث لهم، ولا أفكر أبداً بمصاحبة الفقراء منهم، أما الأولاد الأغنياء فقد كنت حريصاً كل الحرص على كسب صداقتهم مهما كلفني ذلك من الضغوط المادية والنفسية، كنت أحاول تقليدهم في كل صغيرة وكبيرة حتى لا أبدو مختلفاً عنهم· كبرت وكبرت معي هذه الخصال، فكنت دائماً أظهر بمظاهر الأغنياء، وكان ذلك يشكل عبئاً كبيراً على أهلي الذين حملوا أنفسهم فوق الطاقة لإرضائي ولكنني لم أرضَ عنهم أبداً، فبمجرد أن وجدت عملاً لنفسي هجرت عائلتي ولم أعد أفكر فيهم، صرت أتهرب من جميع المعارف والأصحاب لأنهم يذكرونني بفقري وفشلي الدراسي· حلم ناقص لم يستطع راتبي البسيط تحقيق ما أريده لنفسي، فكنت مضطراً لحرمان نفسي من الذهاب للمطاعم والسينما، وكل ما أستطيعه هو التمشي بالسيارة والاكتفاء بالسندويشات لسد جوعي· كنت أشعر بفراغ كبير حتى ظهرت تلك المرأة في حياتي· تعرفت عليها من خلال عملي، امرأة ثرية متزوجة ولكنها من النوع الذي يهوى العبث، كان هذا واضحاً من مظهرها، استغربت عملي في ذلك المحل وأخبرتني بأنها ستساعدني في الحصول على عمل في مكان أفضل· ولم يمر يومان حتى اتصلت بي لتخبرني بأنها وجدت لي وظيفة في بنك· تضاعف راتبي وتحسن وضعي المادي قليلاً، واستمرت علاقتي بتلك المرأة، شيئاً فشيئاً صارحتني بحبها وتعلقها بي، فاعتبرت نفسي محظوظاً بحصولي على مثل هذا الكنز الثمين، فقد استأجرت شقة فخمة لسكني وأثثتها بأثاث فاخر، واشترت لي سيارة ما كنت أحلم بامتلاك واحدة مثلها، بالإضافة للهدايا القيمة التي كانت تخترع المناسبات لتقدمها لي، وخصصت لي خادمة، فضلاً عن الجدول الحافل الذي أعدته للذهاب إلى أماكن المتعة والترفيه والسهر، وفوق ذلك كله كانت تملأ جيبي باستمرار حتى شعرت بعدم حاجتي للعمل فتركت عملي وتفرغت لها تفرغاً كاملاً· عرفت بأن هذه المرأة تعيش لنفسها وتتمتع بأموال زوجها الذي يسافر وراء صفقاته التجارية باستمرار، فلا تكاد تراه إلا في أوقات بسيطة خلال الشهر· اعتقدت وقتها أنني إنسان محظوظ وأنني أسعد الناس بكل ما حصلت عليه، وكان المال هو هدفي الوحيد في الحياة وقد وجدته أمامي بلا أي جهد أو عناء فما أسعدني بهذا الكنز، كل شيء كان جميلاً ورائعاً في حياتي حتى ذلك اليوم· كنز جديد كانت صديقتي مشغولة بزوجها الذي عاد من سفره وكان مريضاً بعض الشيء، وقد قرر البقاء في البيت لعدة أيام لغرض الراحة· شعرت بالملل، فقررت أن أتمشى قليلاً، فقادتني قدماي إلى أحد معارض الفنون التشكيلية، لا أدري لم اخترت الذهاب إلى هناك مع أني قد نسيت هوايتي في الرسم بعد أن أخذتني الحياة· في المعرض شاهدتها، فتاة هادئة لطيفة تعرض لوحاتها المميزة، تتحدث بثقة عن أعمالها، لا أدري لماذا شدتني، تحدثت معها، سألتها عن معاني تلك اللوحات، كانت تجيبني بحماس وحيوية، شعرت بأنني أعرفها منذ زمن طويل، وأنها نصفي الآخر الذي يكملني، ثلاثة أيام وأنا حريص على الحضور للمعرض، أملأ عيني برؤيتها، اشتريت معظم اللوحات، ليس فقط لأنني أردت التواصل معها بأي شكل، ولكن لأنني شعرت بالانتماء لتلك اللوحات، وكأنني أنا الذي رسمها· انتهى المعرض وقد اعتقدت بأنني سأتواصل مع تلك الإنسانة بعد ان أعطتني رقم هاتفها، عدت لبيتي وأنا أشعر بفرح غامر، أجدها أمامي في كل مكان فأبتسم بسعادة وأحاول أن أخبئها في أعماقي كي لا تشعر الأخرى بما حدث لي· اتصلت بها عدة مرات فلم ترد علي، أرسلت لها مسجات ادعوها لمناقشة موضوع مهم ولكنها لم ترد· استغربت، كيف يمكن أن يكون تأثيرها علي قوياً لهذه الدرجة، دون أن يكون لديها أي شعور نحوي؟ سألت عنها فلم ألقَ الإجابة· ندمت لأنني لم آخذ عنوانها أو أية معلومات عنها· بعد أن يئست من اتصالها قررت نسيانها، فلربما كنت مجرد عابر سبيل بالنسبة لها· لكنني تغيرت، شيء ما بداخلي قد تبدل، لم أعد كما أنا· رياح التغيير عدت لحياتي السابقة وكأنني إنسان جديد، فقدت لهفتي، فقدت رغبتي في البقاء مع صديقتي طوال الوقت، ثم بدأت أضيق بها وبسجنها وبعبوديتي لها، شعرت هي بالتغيير وبدلاً من أن تتركني لحالي صارت تشد وتضيق علي الخناق، ثم صارت تعايرني بإنفاقها علي وأنني مجرد إنسان فاشل تافه ولا أساوي شيئاً بدونها، كانت محقة، فماذا سأفعل إن سحبت هي البساط من تحتي؟ تصاغرت مرة أخرى وعدت من جديد وأنا أمثل دور العاشق الولهان، لأنني لم استطع أن أكون عاشقاً حقيقياً، وصرت أبحث عن الأخرى بحثاً متواصلاً، أتابع الصحف والمجلات، واسأل عن أنشطتها حتى يئست من العثور عليها وكأنها لم تكن موجودة· بعد ان يئست منها تماماً وبشكل غير متوقع اتصلت، اعتذرت عن عدم ردها لأنها كانت مسافرة، ثم سألتني عن الأمر الهام الذي أريدها من أجله، فطلبت منها أن نلتقي، وبعد تردد وافقت على اللقاء· جلست أمامها كتلميذ صغير، فرح وسعيد، وهي تنظر إلي باستغراب، سألتني: ماذا تريد مني؟ قلت لها: أريدك· احمرت خجلاً وقالت: لست عابثة· قلت لها: والله لا أعبث· أنا جاد· أريدك زوجة، فقالت: ولكني لا أعرفك، من أي عائلة أنت؟ ماذا تعمل؟ من أين لك كل مظاهر العز التي تبدو عليك؟ بدأت بسرد الأكاذيب التي كنت أتقنها منذ طفولتي، تحدثت عن دراستي الجامعية التي أظهرت تفوقاً فيها، والبذخ الذي أعيشه مع أسرتي، فوالدي رجل ثري جداً ولكنه بعد أن توفيت والدتي تزوج من فتاة صغيرة وخبيثه استطاعت إقناعه بالتخلي عن أولاده· بالطبع كنت أشعر بالمرارة لأنني لا أستطيع إخبارها بالحقيقة· شعرت بأنها لم تكترث لمسألة الغنى والفقر وبدأت تسألني عن طموحاتي وأفكاري، وما هي فاعليتي لخدمة مجتمعي، ثم سألتني عن علاقتي بربي، فجفلت لماذا كل هذا التدقيق؟ حاولت أن أغير مجرى الحديث، فطلبت منها أن تحدثني عن نفسها، فراحت تحدثني بأشياء شعرت بأنني أعرفها منذ زمن بعيد، هي من أسرة فقيرة كأسرتي، ولكن أفكارها مختلفة عني تماماً، لم تتنكر لفقرها، بل جعلت منه حافزاً لدفعها نحو الأفضل، إنسانة واقعية عملية لا تخاف نظرة الناس للفقراء ولا تخشى إلا ربها· تحب أن تعتمد على نفسها، وتريد مساعدة أهلها وأن ترد لهم جميلهم لأنهم ربوها وأحبوها، تعمل موظفة وتدرس في الجامعة وتعتني بموهبتها في الرسم لتحقق شيئاً لمجتمعها· ''ياه''··· كل هذه الإنجازات تحققها فتاة ضعيفة ورقيقة مثل هذه! وأنا الشاب القوي ماذا حققت؟ وكيف أعيش؟ وأي ذل ألقيت نفسي فيه من أجل المظاهر! ماذا سأفعل؟ هل أصارحها بواقعي التعيس؟ هل أنسحب من هذا كله وأعود لحياتي؟ كنت حائراً أفكر ولا أعرف كيف أتصرف· انتهى اللقاء دون تحديد موعد جديد، وكأنها تركت لي خيار التصرف الرسمي، فقررت أن أنسى الموضوع كله وأن أعود لحياتي· العودة شعرت صديقتي بالتغيير الذي طرأ على نفسيتي، فصارت تشدد علي الخناق من جديد، حاولت أن أثور عليها وعلى العبودية والخضوع والذل الذي وصلت إليه، فأخذت تعايرني من جديد بفشلي، أفقت وعرفت أية مصيبة وضعت نفسي فيها· بعد أن صرت خادماً أسيراً لهذه المرأة، صارت تهددني بقطع المساعدات وأخذ السيارة وعدم دفع إيجار الشقة· أدركت عندها بأنني مجرد إنسان فاشل مصاب بهوس المال، ولا حيلة لي في حياتي· للأسف، لم أتخذ أنا القرار بهجرها ولكنها كانت هي صاحبة القرار، حيث أفقت يوماً بعد أن انقطعت عني لفترة، لأجد أصحاب البناية يطالبونني بالإيجار، فقررت ترك الشقة، وقد بحثت عن مفتاح السيارة فلم أجده، فعرفت بأنها أخذت السيارة، وليس ذلك فقط، وإنما أخذت كل الهدايا الثمينة التي أهدتها لي، واستولت على كل ما موجود في المحفظة ولم تترك لي درهماً واحداً· خرجت من الشقة بملابس كما دخلتها أول مرة، استأجرت سيارة أجرة أقلتني إلى بيت أهلي، كنت خجلاً من مواجهتهم، وكنت خجلاً جداً لأنني طلبت منهم دفع أجرة التاكسي، ولكني فوجئت بترحيبهم بي وبفرحهم الشديد بعودتي· تغيرت، وصرت إنساناً آخر، استغفرت ربي على كل أخطائي وعبثي وعدت لإنسانيتي مرة أخرى· وجدت عملاً مناسباً ودخلت إحدى الجامعات الخاصة وعدت للرسم من جديد· بعد ثلاثة أعوام وجدتها، تلك الفتاة الرائعة التي كان لها الفضل في تغيير حياتي، استحييت منها ولكنها قابلتني بالترحيب والبساطة، حكيت لها حكايتي فابتسمت وقالت: أنا بانتظار موقفك الرسمي· سعدت سعادة كبيرة، وقررت الاقتران بهذه الفتاة الرائعة· من دفاتر الخادمات الموقف الصعب لا استطيع أن أنسى ذلك الموقف المحرج الذي تعرضت له، ليس لأنني اتهمت بالسرقة ظلماً، وإنما لأنني تعرضت للإحراج أمام عدد كبير من الناس، يا له من موقف محرج يصعب علي نسيانه· أقامت سيدتي احتفالاً بمناسبة تخرج ابنتها الكبرى من الجامعة، دعت إليه عدداً كبيراً من القريبات والصديقات وقد استغرق الإعداد لتلك الحفلة ثلاثة أيام متتالية قمنا أنا وهي بتحضير المحاشي والتبولة وورق العنب والفطائر والكبب، وكل ما لذ وطاب من المشاوي والحلويات· كان الحفل رائعاً، الكل سعيد وفرحان، وأنا أركض هنا وهناك، أقدم العصائر وأوزع الحلويات والشاي والقهوة، كنت سعيدة جداً لأن الجميع كان يمتدح ذوق السيدة في إعداد الطعام وهم يغمزون نحوي، فهن في قرارة أنفسهن يدركن طبيعة الدور الفعال الذي ألعبه في عملية الطهي، فجأة وبشكل غير متوقع حدث شيء جعل الجو العام للحفل يتغير، بعد أن ساد جو من التوتر والإحراج· كان سيدي قد قدم لابنته خاتماً رائعاً من الألماس بمناسبة تخرجها، وكانت البنت فرحة وسعيدة بذلك الخاتم، وقد عرضته على كل الموجودات، فتناقلته الأيدي وقلبته بإعجاب واضح، ثم نسي أمر ذلك الخاتم بعد أن قامت إحدى المدعوات، وهي صديقة للبنت، بإلقاء قصيدة الفتها من أجل صديقتها الحميمة، الكل كان متحمساً لكلمات القصيدة، حيث كان التصفيق يعلو مع كل نهاية أحد الأبيات، ثم تقدمت إحدى البنات وألقت نشيداً جميلاً بصوتها العذب الذي أطرب الجميع وأضاف جواً من العذوبة للحفل· بعد مدة بسيطة تذكرت البنت خاتمها وسألت عنه، فإذا به قد اختفى، لا أحد يعرف أين ذهب، ساد التوتر، وتبادل الجميع النظرات الحائرة، وبدأ الضيق والقلق بالارتسام على الوجوه، ثم انطلقت التساؤلات والتفسيرات المختلفة، إنه أمر غاية في الإحراج، فكل واحدة منهن كانت تريد إبعاد الشبهة عن نفسها بأي بشكل، وكما توقعت فإن النظرات كلها توجهت في النهاية نحوي، شعرت بأن تلك النظرات تحمل اتهاماً واضحاً وصريحاً، فمن يمكنه أن يمد يده ليسرق ذلك الخاتم سواي؟ شعرت بالارتباك، دارت الهمسات بين الموجودات وكانت الأنظار تلاحقني أينما تحركت، كنت أتصبب عرقاً، خصوصاً عندما أرتفع صوت إحدى السيدات قائلة: اعتقد بأن الخادمة هي التي أخذت الخاتم·· استغلت انشغال الجميع فسحبته بخفة·· فتشوها، بالتأكيد ستجدونه في ثيابها· - كلا·· لم أفعل·· صرخت مذعورة·· كنت على وشك الانهيار، فالموقف صعب خصوصاً أن العيون متركزة نحوي، أنكرت بإصرار شديد، رفضت أن تمتد أياديهن لتفتيشي، ثم صرت أبكي، فما كان من سيدتي إلا أن خففت الموقف قائلة: لا داعي للقلق فلربما قد وضعناه في مكان ما، وسنجده بكل تأكيد· ثم صارت تدافع عني لتبعد عيون الشك التي كانت تلاحقني، ثم أمرتني بتنظيف الطاولة لتشتيت الموضوع· قمت برفع إحدى الصواني فظهر الخاتم، فصرخت بفرح: ها هو الخاتم·· إنه تحت الصينية، ارتفعت صيحات الفرح، وبدأ الارتياح يسود الجميع بعد أن حلت المشكلة بظهور الخاتم، ولكني لم استطع نسيان الموقف ولم استطع إيقاف دموعي، وأنا أنظر لتلك السيدة التي قامت باتهامي بلا تردد ودون أن تكون متأكدة من أنني أنا التي أخذته· انتهت الحفلة وقمت بتنظيف المكان أنا وسيدتي وبناتها، وما أن انتهيت من عملي حتى ذهبت إلى غرفتي وصرت أبكي بحرقة· يبدو أن سيدتي سمعت نحيبي فجاءت لتخفف عني خصوصاً عندما وجدتني في حالة سيئة، أخذتني معها إلى المطبخ وأمرتني بغسل وجهي، وصارت تكلمني وكأنني أبنتها لتهدئ من انفعالي وشعوري بالظلم، ثم غابت قليلاً وعادت وقد أحضرت معها ساعة جميلة قدمتها هدية لي، ففرحت بها، ثم طلبت مني أن أتناول قطعة كبيرة من الكيك كانت قد أخفتها من أجلي، أسعدني ذلك الاهتمام وتلك الإنسانية العذبة من سيدتي، وأدركت بأنني محظوظة مع هذه العائلة· في اليوم التالي سألتني أبنتها: لماذا رفضت التفتيش وأنت بريئة؟ فقلت لها: شعرت بالإهانة، ولم يكن موقفي بسيطاً أمام كل ذلك الحشد، فلماذا لم يتم توجيه الاتهام لأحد غيري؟ هل فقط لأنني خادمة؟ ثم لماذا أدعت تلك السيدة بأنني أنا من أخذته؟ كيف تجرؤ على اتهامي دون أن تكون متأكدة؟ لولا تدخل سيدتي في الوقت المناسب لكنت تصرفت مع تلك المرأة تصرفاً غير لائق، ولكن الحمدلله أن الأمور قد انتهت على خير· أجابتني الفتاة: فعلاً أحمد ربي لأن الحفلة قد انتهت على خير· حواريات ضياع اللغة * لماذا ترطن بلغة أجنبية؟ هل نسيت لغتك؟ ** إنها لغة العصر، ألا تدرك ذلك؟ * ولكن لغتك هي لغة الفجر؟ **هل تمزح؟ * لا أمزح، ولكن الفجر يسبق العصر، ولغتنا هي لغة الحضارة والتطور· ** إنها اللغة التي تسود العالم الآن، ونحن لسنا أقل من غيرنا· * لا بأس إن تعلمناها، ولا بأس إن أتقناها، ولكن البأس إن استبدلنا بها لغتنا الأصلية· ** تتوه مني بعض المفردات، فأجدها سهلة في اللغة الإنجليزية وفي المتناول دائماً· *الصعوبة التي تتحدث عنها بسبب إهمالنا للقراءة وابتعادنا عن استخدام لغتنا الفصحى· ** ربما أنت محق· * صرنا نتباهى عندما يتحدث أطفالنا الأجنبية ولا يعرفون شيئاً عن لغتهم· * هذا لأنهم يدرسون في مدارس أجنبية، وقد يعتبر درس اللغة العربية ودرس الدين هامشياً فيها· ** أليست هي مسؤوليتنا التي سيحاسبنا الله عليها؟ * ولكن ابنتي الكبرى طردت من الجامعة لأنها رسبت في ''كورس'' اللغة، وقد ندمت لأنني لم أدخلها مدرسة أجنبية مثل باقي أخوتها· ** إنها مأساة حقيقية· * المأساة الأكبر هي إنها لم تجد وظيفة بسبب عدم إتقانها اللغة· * يا أخي استغرب كثيراً لمثل هذا الأمر!! ** ماذا تقصد؟ * أقصد إن الأجانب جاءوا إلى بلدنا ليعملوا ويكسبوا رزقهم، فهل نحن مضطرون لتعلم لغة يجيدونها أم العكس؟ **حقيقة لا أدري، ولكننا مضطرون· * إنها والله مسؤولية سنحاسب عليها· ** لا تحملني المسؤولية لوحدي، وأنظر من حولك وسترى بأننا كلنا مسؤولون عن ضياع اللغة· * ماذا تقصد؟ ** لقد تعودت كلما حاصرني الازدحام المروري أن أتسلى بقراءة عناوين بعض المحلات، كتبت بعضها على ورقة· * أسمعني بعض ما كتبت· ** محلات شنو تجارت، شركة شبحاتو، مطعم شيناي، بقالة نيش لال وايد، ملحمة بنتران··· هل تريد المزيد؟ * كلا، هذا يكفي، أرجوك، أنت محق وكلنا مسؤولون·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©