الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بكاء السينما يقتل الفيلم أو يأتي بالأوسكار

4 مايو 2008 02:15
ينتظر المخرج والممثل والمصور والمشاهد مشهد البكاء على الشاشة إذ يعد أحد ذروات العمل الدرامي الذي يصل به المبدع إلى ذراه وقمة أدائه· وعلى ذلك المشهد قد يقوم نجاح عملٍ ما أو فشله· والبكاء كفعلٍ درامي، تختلف ترجمته بين مخرجٍ وآخر وتنفيذه بين ممثلٍ وآخر، فقد يصل بنا الممثل إلى البكاء حتى ولو لم يذرف دمعة واحدة من عينيه في أكثر المواقف السينمائية تراجيديةً، وقد يتحول البكاء المبالغ به كما في جل أفلامنا مدعاة للضجر والضحك أحياناً لاختلاط الأصوات المنفرة مع موسيقا هزيلة في الخلفية إضافة إلى أداء تمثيلي باهت ومبالغ به، يحيل السيناريو إلى نكتة ممجوجة· وأوضحت الأبحاث أن صالات السينما هي مكان ملائم للبكاء!، فقد يبكي المشاهد في عتمة الصالة مشحوناً بذكرياته الخاصة ومهيأ باستعداده النفسي لأي مشهد في الفيلم· ولا شك في أنكم تعرفون وأعرف الكثير ممن يدخلون السينما فقط لمجرد تفريغ مخزونهم من البكاء حتى ولو كان الفيلم لشارلي شابلن!· وفي بحثٍ تناول سيكولوجية البكاء أقرّ ويليام فري بعد أن أخضع ما يقرب من 150 شخصاً لمحفزات بكاء مختلفة، أن الدراما أحد هذه المحفزات· وذكر في البحث الفيلم الفرنسي (Sundays and Cybele) الذي يعرض قصة صداقة بين محارب قديم مصاب بالنسيان وصبية يتيمة، وفيلم التلفزيون الأميركي Brian"s Song الذي يدور حول رجل مصاب بالسرطان "جيمس دين''· كما توصل فري أيضاً إلى دراما بريطانية أنتجت عام 1957 تحمل اسم (All Mine to Give) عن عائلة اسكتلندية تفقد الوالدين ويترك الابن الكبير البالغ 12 عاماً ليعتني بشقيقاته وأشقائه الخمسة· إنها أحد الـ 150 سبباً لانهمار الدموع· البكاء بمعنى الدموع هو فعلٌ قد لا يجب أن يحدث إن توافرت أدوات أخرى أكثر التصاقاً بسِمات الشخصية، فلو كان البكاء واجباً لرئيس كبير في المافيا على سبيل المثال، فإن رد الفعل يختلف عن طريقة بكاء مراهقة فقدت حبيبها في حادث، هذا بدهي، ولكنه غير معمول به في الكثير من أعمالنا العربية، حيث يعني البكاء لدينا في المجمل، بكاءً فظاً جافاً ومباشراً، فيتقدّم الممثل بكل سماجة نحو الكاميرا· وينظر إلى زاوية قريبة منها ويحدث نفسه بصفاقة ويصرخ، ثم يبكي········ بغباء!!· والمخرج صاحب الكرسي الخفيض وغير المريح له ولكل من يعمل بالكادر يمرر المشهد بنجاح وإطراء· وتحفل أفلامنا العربية بهذا النوع من البكاء المجاني القميء· وفي السينما من الخالدين من يجذبك لدائرة البكاء ويشعرك بخنجر الغصة في صدرك من دون أن يذرف قطرة واحدة من ''ماسورة الماكيير'' البيضاء!!، وقد ظل البكاء لوقت قريب، أحد أدوات تخليد الفيلم في أذهان المشاهدين، وبقي بكاء المشاهدين في الصالة أعظم رد فعلٍ مباشر يقيس عليه الممثلون والعاملون في الفيلم نجاحهم· من منا ينسى مارلون براندو في فيلمه الخالد (العراب) حينما يموت ابنه الأكبر جيمس كان وينفجر باكياً في أحد أكثر مشاهد السينما روعة، أو بيتير أوتول في فيلم (طروادة) وهو يستنجد بألد أعدائه براد بيت، قاتل ولده ليسترد جثته فيغلبهما البكاء في مشهدٍ مؤثر؛ توم كروز في فيلم (ماغنوليا) لحظة احتضار أبيه جاسون روباردس أمامه· شون بين في (النهر الغامض) ونيك نولته في الفيلم البديع (أمير التيار)· وهنالك بكاءٌ داخليٌ أشد تفجراً من الخارجي وهو عادة ما ينتقل للمشاهدين بخيط من حرير فيبكون هم عوضاً عن الشخصية، كمشهد دينيرو في (الثور الهائج) وبكائه وهو في سجنه، آل باتشينو أيضا في (تاجر البندقية)، ماريو ماسيمو تروزي في (ساعي البريد) حينما يدخل فيه المنزل ويجمع حاجيات نيرودا لإرسالها له؛ جون مالكوفيتش في (عن الفئران والرجال) وحزنه على فئرانه الميتة وهو المتخلف عقلياً· هذه نماذج عن بكاء الرجال، أما بكاء النساء على الشاشة الساحرة فقد أهل الكثيرات منهنّ للفوز بجائزة الأوسكار أو الترشيح له على أقل تقدير· رينيه زيلويغير في فيلم (جولد ماونتن) حينما تعلم بوفاة أبيها الذي كانت تمقته ولكنها أخذت تبكي وتسبّه لأنه عرض نفسه للقتل، ليكتشف المشاهد الذي بكى معها حينما تخبر صديقتها نيكول كيدمان بأنها تكرهه، أن هذه الدموع التي ذرفتها عليه ليست إلا دموع التماسيح!· ميريل ستريب في فيلم (اختيار صوفيا)، انجريد بريجمان في (نور الغاز) وجون فونتين في (ارتياب)· هل يخطر ببالكم مشهد بكائي عربي رفيع؟!، عني شخصياً لم أستحضر ما يليق لذكره في هذا السياق!· haninadeem@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©