السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خسارة عمودية لندن··· رواسب تركة بلير

خسارة عمودية لندن··· رواسب تركة بلير
4 مايو 2008 03:01
كان الخبر المثير للدهشة في لندن يوم الجمعة الماضي أن''بوريس جونسون'' الرجل المشهور إعلاميا، ذو الشعر المتهدل، وعضو البرلمان عن حزب المحافظين، والذي نجح في تحويل نفسه من رجل مسلٍ، يتخذ منه الناس مادة للتندر- بسبب الطريقة المتثاقلة التي يخطو بها، وحرصه الدائم على النطق بالحكم والأقوال المأثورة- إلى قوة سياسية مقنعة قد أصبح عمدة للمدينة· وفوز ''جونسون'' لم يكن انتصارا لنمطه المتميز فحسب، وإنما كان أيضا توبيخا علنيا مدويا لحكومة العمال، التي يقودها رئيس الوزراء ''جوردون براون'' في يوم كان حافلا بأمثال هذا التوبيخ؛ فبعد إجراء إحصاء الأصوات النهائي في مختلف أنحاء البلاد بعد انتخابات الخميس الماضي، تبين أن حزب العمال قد تجرع أسوأ هزيمة له في الانتخابات المحلية خلال أربعين عاما على الأقل، فمن بين 159 مجلسا محليا جرى التنافس على أصواتها، تبين أن حزب العمال قد فقد 331 صوتا في المجمل، وأن حزب المحافظين المعارض قد حصل على 256 صوتا، وأن النسبة التي حصل عليها حزب العمال لم تزد عن 24 في المائة من إجمالي الأصوات، وهي نسبة بائسة في الحقيقة لأنها كانت تعني أن الحزب قد احتل المرتبة الثالثة بعد المحافظين الذين حصلوا على 44 في المائة من إجمالي الأصوات، وبعد الديمقراطيين الليبراليين أيضا الذين حصلوا على 25 في المائة· أما السباق الانتخابي على منصب عمدة لندن الذي تمكن فيه '' جونسون'' -43 عاما- من هزيمة العمدة الحالي للمدينة ''كين ليفينجستون'' وهو عماليّ محنك يبلغ من العمر 62 عاما، بعد أن حصل على 1,168,738 صوتا مقابل 1,028,966 صوتا فقد كان هو مصدر الصدمة الكبرى للعمال لأنه كان بمثابة علامة مؤكدة على مدى القلق الذي يشعر به الجمهور البريطاني تجاه حكومة العمال، خصوصا إذا ما عرفنا أن عمودية لندن كانت مضمونة لحزب العمال في السنوات الأخيرة، وإن خسارتها كانت تعني توجيه ضربة موجعة للحزب الحاكم· ''لقد كان ذلك هو الاختبار الأول الكبير لكل من ''جوردون براون'' و''ديفيد كاميرون''، هذا ما قاله ''سيتفن شكسبير'' -الشريك المؤسس لشركة ''يو جاف'' للاستفتاءات في إشارته لرئيس حزب المحافظين-، مضيفا قوله: لقد مررنا بالكثير من التقلبات صعودا وهبوطا، وشهدنا العديد من المناقشات والجدل، والكثير من الاستفتاءات والاستطلاعات، وحتى ما قبل هذه الانتخابات، لم يكن هناك دليل على صحة تهمة الفتور التي كانت تحوم حول هذه الحكومة، أما الآن وبعد هذه الانتخابات فإن ذلك الدليل قد أصبح موجودا، وهو ما يثبت أن هناك تغيرا عميقا قد طال مجمل العملية السياسية في بريطانيا· في حياته المهنية الحافلة تمكن عمدة لندن الجديد من اجتياز العديد من المآزق، منها الكشف العلني عن وجود علاقة له خارج إطار مؤسسة الزواج كان قد أنكر وجودها في الأصل بل ووصف التهم التي وجهت إليه بشأنها بأنها لا تعدو كونها ''هرما مقلوبا من الأكاذيب''، ومنها اضطراره للاعتذار لمدن بأكملها مثل مدينة ''ليفربول'' على سبيل المثال، التي كان قد سبق أن وجه إليها إهانات بطريقة أو بأخرى، وقد استطاع ''جونسون'' عبر حياته المهنية أن يطور شهرة باعتباره رجلا يمتلك قدرة ذهنية مخيفة ولكنها غير جادة، وكذلك قدرة على الخوض في ورطات ثم الخروج منها سالما، كما اشتهر أيضا باعتباره رجلا دأب على السخرية من العملية السياسية برمتها مثل قوله: ''إنني ادعم حملة ديفيد كاميرون انطلاقا من دوافع ذاتية محضة لا تبالي بالآخرين''· وفي الخطاب الذي ألقاه عقب فوزه في الانتخابات، اعترف ''جونسون'' أن الكثيرين من سكان لندن، حتى من صوتوا لصالحه لديهم مخاوف وشكوك حول صلاحيته للوظيفة، وتعهد ''ببذل قصارى جهده للحصول على ثقتهم''، وباستثناء التنافس على منصب العمدة، فإن أهمية نتائج الانتخابات البلدية ترجع في المقام الأول إلى رمزيتها أكثر مما ترجع لفحواها، فذلك يرجع في المقام الأول، إلى أن المجالس ذاتها ليس لها سلطات فعلية، وإلى أن الناخبين البريطانيين يستخدمونها عادة للتعبير عن درجات نسبية من السخط والاستياء من أداء الحكومة الموجودة في السلطة· وفي الانتخابات المحلية الأخيرة، أعرب الناخبون عن قدر كبير من الاستياء تجاه السيد ''براون'' وتجاه حكم المحافظين الذي استمر أحد عشر عاما، وتجاه السيد ''براون'' نفسه، ويبدو ذلك واضحا مما علق به ''جون كيرتايس'' -أستاذ العلوم السياسية في جامعة ''ستراثكلايد'' في جلاسجو- عن نتائج تلك الانتخابات بقوله: ''إنها لكارثة حقيقية، إنها تعليق على ما ثُبت أنه فشل من جانب حكومة العمال في إخراج نفسها من الورطة التي تركها توني بلير فيها''· وقد اعترف رئيس الوزراء اعترافا قطعيا، بأن النتيجة كانت رهيبة وهو نفس ما فعله أيضا مجموعة من الوزراء الذين تم إرسالهم لنشر رسالة مؤداها أن الحكومة تستمتع إلى الجمهور، وأنها ستحاول تحسين أدائها، وقال ''براون'': تعليقا على ما حدث في الانتخابات: ''لقد كانت تلك ليلة مخيبة للآمال في الحقيقة، ليلة في غاية السوء للعمال''، مضيفا: ''هناك دروس يتعين علينا تعلمها من هذه الانتخابات، وبعد أن نفعل ذلك، فإننا سنمضي قدما للأمام''· في نفس الوقت، تحدث رئيس حزب المحافظين المعارض ''ديفيد كاميرون'' بنبرة تشي بالسعادة، عن مستقبل حزبه الموجود خارج الحكم منذ أن أطاح به ''بلير'' في عام 1997 حيث قال: ''إنني اعتقد أن هذه النتيجة لا تمثل فقط تصويتا ضد براون وحكوماته فحسب، وإنما تمثل أيضا تصويتا على الثقة الإيجابية في حزب المحافظين''، وكان مما قاله ''كاميرون'' أيضا، إن حزب المحافظين يستعد للفوز في الانتخابات العامة القادمة التي لا يمكن أن تتأخر عن عام 2010 كما ينص على ذلك القانون· ساره ليال- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©