السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راديو أوروبا الحرة ··· أثير يبحث عن دعم

راديو أوروبا الحرة ··· أثير يبحث عن دعم
4 مايو 2008 03:03
''راديو أوروبا الحرة·· هل مازال موجودا؟'' سؤال طرحه أحد أبرز المذيعين الأميركيين خلال زيارة قام بها لبضعة أيام إلى أوروبا في الأسبوع الماضي؛ والحقيقة أن السؤال لم يكن غريباً، أو ينم عن جهل، فعلى كل حال فقط عدد قليل من الأميركيين يعرفون أن راديو أوروبا الحرة مازال موجوداً، فلماذا عليه هو أن يعرف؟ لكن ومع ذلك أزعجني السؤال كثيراً، لأن راديو أوروبا الحرة الذي كان طيلة مرحلة الحرب الباردة يقدم خدمة الأخبار في أوروبا الشرقية وأماكن أخرى من العالم، مازال قائماً ومستمراً في العمل· والواقع أن أهمية خدمة الأخبار التي يقدمها مازالت مهمة تماماً كما كانت في الماضي، على الأقل بالنسبة لإحدى وعشرين دولة التي يغطيها الراديو والثماني وعشرين لغة التي ينطق بها، إذ مازال المصدر الوحيد للأخبار المستقلة بالفارسية في إيران، والعربية في العراق، ''وداري'' و''الباشتو'' في أفغانستان، فضلا عن لغات أخرى تمتد إلى مناطق كثيرة من العالم· لكن كوننا لم نسمع بأحد يتحدث عن راديو أوروبا الحرة في الفترة الأخيرة، ناهيك عن إنجازات الصحافيين الأفغان الذين يشرفون على تقديم الأخبار في أكثر مناطق البلاد خطورة، يؤشر على مدى إفلاس النقاش العام حول السياسة الأميركية الخارجية، فنحن في راديو أوروبا الحرة لدينا مؤسسة أميركية تحظى بتقدير وإعجاب كبيرين في العديد من مناطق العالم، ومع ذلك نعمل ببطء وبمنهجية على خنقها حتى الموت· وبعكس ما يعتقد البعض، ليس راديو أوروبا الحرة آلة من آلات الدعاية الأميركية، بل هو بمثابة ''راديو بديل'' خدمة إذاعية توفر أخباراً محلية ووطنية وعالمية سواء عبر الأثير، أو من خلال الإنترنت، وفي بعض الأحيان عبر الفيديو في بلدان ليست متاحة فيها خدمة الأخبار، ومعظم البرامج التي يبثها الراديو يعدها صحافيون محليون يتابعون الأخبار المحلية باللغات الوطنية المختلفة، كما أن العديد منهم يعيش في البلدان التي يغطونها، رغم الأخطار والتهديدات· وعندما افتتح متحف الأخبار في واشنطن الأسبوع الماضي كانت أسماء أربعة صحافيين، تركمانيا وعراقيين، وأوزبيكيا- موضوعة على اللوحة الكبيرة التي تحمل أسماء الصحافيين الذين قتلوا خلال السنتين الأخيرتين، وفي السنة الأخيرة مر راديو أوروبا الحرة بأوقات صعبة تعامل فيها مع اختطاف صحفييه في العراق وأفغانستان، واختفاء آخرين في تركمنستان، فضلا عن مضايقات كثيرة في روسيا، وإيران، وفي أحيان كثيرة تفرض هذه الظروف الصعبة المحيطة بالعمل هروب الصحافيين خارج بلدانهم، لكن عندما يحدث ذلك فإنه ينتهي بهم الأمر في ''براغ'' بالتشيك، حيث يوجد المقر الرئيسي للراديو، وما أن يصلوا هناك حتى تنقطع صلتهم بالبلد الأصلي ويتعذر عليهم الرجوع، دون أمل في الحصول على بطاقة الإقامة في أميركا، أو الاندماج كليا في التشيك بسبب اللغة، واليوم بعد تدني قيمة الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، يصعب عليهم تحمل مصاريفهم والإنفاق على أنفسهم، إذ في الوقت الذي كان يحصل فيه الراديو على 230 مليون دولار سنوياً يخصصها له الكونجرس، تقلص ذلك المبلغ إلى مجرد 75 مليون دولار في ظل التراجع الحالي لقيمة العملة الأميركية· ويغطي هذا المبلغ معدات الإرسال ورواتب الصحافيين والعاملين في الراديو، فضلا عن تقنيات منع التشويش، وباقي البرامج ومحتوى الإنترنت بثماني وعشرين لغة، ولتوضيح الدور الذي يضطلع به راديو أوروبا الحرة يقول ''جيف جيدمين'': إن 75 مليون دولار تستطيع أيضا، في نظر بعض المسؤولين في واشنطن، شراء طيارتي هيلكوبتر من طراز أباتشي، والحقيقة أن المقارنة مناسبة تماما لأنه باختفاء راديو أوروبا الحرة فإننا سنحتاج إلى عدد أكثر لطائرات الهليكوبتر لتعويض خدمة الراديو، واللافت أن ذلك يأتي في وقت يقر فيه المسؤولون الأميركيون، ومن بينهم وزير الدفاع، بأهمية القوة الناعمة والمبادرات غير العسكرية التي تساعدنا على كسب العقول والقلوب دون الحاجة إلى نشر جنودنا، وفي هذا الإطار تعهد مرشحو الانتخابات الرئاسية بتغيير السياسة الخارجية الأميركية من خلال إيلاء أهمية أكبر للجانب الدبلوماسي، لكن ماذا نعني بالدبلوماسية؟ هل تعني أن نجبر دولا مثل سلوفينيا والنرويج على إرسال جنودها إلى أفغانستان، أم أن الدبلوماسية تعني مساعدة الناس الذين يسعون إلى إرساء نقاش عام متحضر في أفغانستان كبديل عن الحرب؟ عندما زرت مقر راديو أوروبا الحرة في ''براغ'' قبل عدة أسابيع، أطلعني الصحافيون الأفغان على أكوام من الرسائل تصلهم من أفغانستان تشكر الإذاعة على خدمتها الإخبارية، أو تعقب على بعض المواضيع وتطالب بمد ساعات البث إلى أكثر من 12 ساعة الحالية الموجهة إلى أفغانستان، ومع أن راديو أوروبا الحرة يملك بعض المتابعين في واشنطن الذين يقيمون عمله على نحو بناء، إلا أن ما ينقصه هو شخص يدافع عنه في الكونجرس والبيت الأبيض، أو حتى في الحملة الانتخابية، شخص يدرك أهمية القوة الناعمة التي مارستها أميركا في الماضي، ويدرك أيضا أنه ببضعة دولارات إضافية يمكننا الوصول إلى عدد أكبر من الإيرانيين واستبدال طائرات الهليكوبتر ببرامج أكثر معرفة بالشؤون الأفغانية، لذا فإن الجواب على السؤال الذي طرحه المذيع الأميركي عندما تساءل هل راديو أوروبا الحرة مازال موجودا؟ هو نعم، لكن دون توفر الدعم المالي والسياسي قد لن يسمع به مرة أخرى· آن أبلباوم كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©