الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة دارفور··· الحل يبدأ من تشاد

أزمة دارفور··· الحل يبدأ من تشاد
4 مايو 2008 03:04
بينما يسعى المجتمع الدولي إلى إيجاد السبل الكفيلة بوضع حد للعنف والمعاناة في دارفور، ربما يجدر بنا أن ننتبه أكثر إلى مصادر الأموال التي تساعد على استمرار اشتعال هذا النزاع، ومن المعروف أن الحكومة السودانية تعتمد اعتمادا كبيرا على ما تدره مبيعاتها النفطية إلى الصين من مداخيل، وأن ضغوطا متزايدة تمارَس على الحكومة الصينية من أجل أن تستعمل نفوذها وتأثيرها في الخرطوم لإنهاء هذه المشكلة، غير أن ثمة جانبا آخر يستحق منا الاهتمام أيضا· تعد تشاد، وهي إحدى جيران السودان، جزءا لا يتجزأ من مشكلة ''دارفور''، وبالتالي، يجب أن تكون جزءا من الحل، ذلك أن حدود تشاد الشرقية مع إقليم دارفور السوداني غير محصنة وغير مراقبة، إذ تنشط العديد من المجموعات المتمردة -السودانية والتشادية- في هذه المنطقة التي يوجد فيها مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين عالقين، ومعلوم أن الرئيس التشادي ''إدريس ديبي'' وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري تم انطلاقا من دارفور عام ،1990 ولأن ''ديبي'' والعديد من متمردي دارفور ينتمون إلى قبيلة ''زغاوة''، فإنه يقوم اليوم بتسديد ما يَدين به لأفراد قبيلته عبر دعم واحدة من المجموعات المتمردة في دارفور - ''حركة العدالة والإنصاف''- ومدها بالسلاح الممول بواسطة أموال النفط· في الوقت ذاته، يحارب ''ديبي'' حركاتٍ متمردة مسلحة تنطلق من هذه المنطقة، بعضها يلقى دعم السودان، ويقود إحدى هذه الحركات أعضاء سابقون من محيط ''ديبي'' -من بينهم ابن أخته ''تيمان إيرديمي'' الذي لجأ إلى السلاح بعد أن ألغى خالُه في 2005 الحدَّ الأقصى لعدد المرات التي يجوز فيها للرئيس ترشيح نفسه للانتخابات والذي ينص عليه الدستور التشادي، منصباً بذلك نفسه رئيسا للبلاد مدى الحياة، ويبدو التحكم في العائدات النفطية عاملا رئيسيا في هذا الصراع الداخلي على السلطة- وفي دارفور· وعلى غرار السودان، تعتمد الحكومة التشادية اعتمادا كبيرا أيضا على مبيعات النفط، ليس إلى الصين، وإنما إلى تكتل شركات دولية تقودها ''إكسون موبيل''، ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن البنك الدولي لعب دورا رئيسيا في تحويل تشاد إلى بلد منتج للنفط، ذلك أن ''إكسون موبيل'' كانت قد اشترطت مشاركة البنك الدولي من أجل إطلاق مشروعها النفطي الذي تقدر قيمته بنحو 4,2 مليار دولار، وذلك كضمانة لاستثماراتها في هذه المنطقة المضطربة سياسيا، وحالما وافق البنك الدولي على المساهمة في تمويل المشروع عام ،2000 حذا مقرِضون آخرون مثل بنك ''إكسبورت-إيمبورت'' الأميركي وبنك الاستثمار الأوروبي حذوه، غير أنه قبل قرار البنك الدولي، لفت عدد من الوكالات من البلدان المانحة ومنظمات البيئة وحقوق الإنسان من عبر العالم إلى تركة التفقير، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتلوث، والنزاع العنيف الذي تركته مشاريع النفط واستخراج المعادن في القارة الأفريقية· ولكن البنك الدولي، الذي لم يصغِ إلى هذه المخاوف، روج للمشروع النفطي في تشاد بوصفه إطارا غير مسبوق لترجمة الثروة النفطية إلى مزايا وفوائد لصالح الفقراء، ونموذج للاستثمارات في أماكن أخرى من القارة، ولكنه بالمقابل، طلب في رده على احتجاجات الجمهور، إنجاز دراسات بيئية شاملة، وكان وراء تدابير مبتكرة من قبيل المطالبة بقانون في تشاد بهدف ضمان الشفافية في استعمال العائدات النفطية وتشكيل لجنة لمراقبة تطبيق القانون· بيد أن هذه التدابير كانت للأسف غير فعالة عموما في بيئة سياسية قمعية لا تُحترم فيها حقوق الإنسان، فمنذ أن أصبحت تشاد بلدا مُصدرا للنفط، لم يزدد السكان -الذين يعانون الفاقة والعوز أصلا- إلا فقراً، وذلك لأن جزءا يسيرا فقط من العائدات هو الذي رُصد لتحسين ظروفهم المعيشية، ولأن الكثير من العائدات النفطية، ما لم يكن معظمها، يحوَّل لشراء الأسلحة وتمويل شبكات ''الزبونية'' داخل الجيش، فإن الناس في دارفور هم المعرضون للخطر الأكبر· بيد أن ثمة سابقةً استعملت فيها البلدانُ الغربية هذه العائدات النفطية كوسيلة للضغط، ذلك أن عائدات تشاد النفطية تمر عبر حساب بنكي مخصص لهذه الأمول في لندن، وفي 2006 قام البنك الدولي بتجميد هذه الأموال مؤقتا عندما نقض ''ديبي'' بشكل صارخ اتفاقا مع البنك كان قد تعهد فيه بإنفاق الجزء الأكبر من المال على القطاع الاجتماعي، والواقع أنه يمكن استعمال هذه الوسيلة مرة أخرى من أجل قطع الدعم المادي الذي يذهب إلى متمردي دارفور وتشجيع تشاد على التقدم نحو الحكم الديمقراطي، غير أنه من أجل بلوغ هذا الهدف الأخير، يتعين على تشاد أيضا أن تدشن حوارا وطنيا واسعا يشمل الحكومة، والمجموعات المتمردة، ومنظمات حقوق الإنسان، والنقابات، وذاك أمر سيحتاج إلى ضغوط ووساطة دولية من أجل ضمان مواصلته، وعلاوة على ذلك، فمن شأن خطوة مماثلة نحو السلام أن تفيد سكان دارفور والمناطق الحدودية المضطربة· كورينا هورتا خبيرة اقتصادية في ''صندوق حماية البيئة'' ديلفين دجيرايبي محامية في ''الجمعية التشادية لحماية حقوق الإنسان'' ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©