الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«السيَّار» طريق يخشاه الأمازيغيون وتتفاءل به قبائل وسط الجزائر

«السيَّار» طريق يخشاه الأمازيغيون وتتفاءل به قبائل وسط الجزائر
9 ابريل 2010 21:02
يضمن الطريق السيار الذي فتح أمام المسافرين على الحدود بين الجزائر وتونس راحة كبيرة لمستخدميه، حيث يجنبهم شرَّ السير وراء الشاحنات والعربات الثقيلة البطيئة ويوفر لهم ثلاثة مسارات في كل اتجاه، فضلاً عن مسار رابع للتوقف الاضطراري، وتختصر هذه المسالك المسافات، حيث أضحى بالإمكان قطعُ مئات الكيلومترات في نصف الوقت الذي كانت تمضيه المرْكباتُ المختلفة من قبل في الطريق العادي. أما الداعي الآخر فهو هذه المناظر الطبيعية الخلابة، فهي أجمل ما يراه المسافر وهو ينتقل عبر الأجزاء المفتوحة من الطريق السريع. لا يشعر المسافر عبر الطريق السريع الجديد «السيار» في الجزائر بأي تعب، رغم أنه يقطع مئات الكيلومترات، فالمناظر الطبيعية الخلابة تحيط به على امتداد البصر في حلة خضراء بهيجة، والفرجة والمتعة مضمونتان، والراحة التي يشعر بها وهو يسافر عبر هذا الطريق لا تتوفر في غيره. ويمتد الطريق السريع من حدود الجزائر مع تونس شرقاً إلى حدودها مع المغرب غرباً على مسافة 1266 كم، ويُسمَّى في «مشروع القرن» وهو أحد الإنجازات التي تبعث على الفخر لدى الجزائريين باعتباره الأطول عربياً وإفريقياً. في انتظار الاستكمال يعد الجزء العملي الذي فُتح للخدمة حتى الآن بحدود 640 كم، أي أكثر من نصف المشروع، بينما يُنتظر أن تستكمل باقي الأجزاء في شهر يوليو المقبل ويُسلم الطريق السيار كاملاً، وهذا بعد الانتهاء من بعض مقاطعه الوعرة، والتي تتمثل في اختراق بعض الجبال وشق طرق فيها عبر أنفاق طويلة على غرار نفق «البويرة»، 120 كم شرق الجزائر، الذي يمتد على مسافة 1213 متراً داخل الجبل ويعدُّ المرور به متعة حقيقية للمسافر، لاسيما أن هناك جسراً عملاقاً يسبقه مباشرة، ويبلغ طوله أكثر من 360 متراً، بينما يبلغ ارتفاعُه 143 متراً فوق سطح الأرض، حتى يبدو للمسافر وكأنه معلقٌ بين السماء والأرض. ويشكل تنوع الغطاء النباتي للجبال والغابات والهضاب والسهول، التي يمر بها المسافر عبر الطريق السريع، لوحات ساحرة يقف أمامها أي فنان أو حتى المسافر البسيط مشدوهاً من فرط حسنها وتنوعها الذي يشرح النفس ويبعد عنها أي شعور بالملل والرتابة. وتتدثَّر الجبالُ بكل صنوف الأشجار، بينما تغطي النباتات والأعشاب الهضاب والسهول على مسافات واسعة وتكسوها بحلة خضراء تبدو معها بعض المناطق المستوية أشبه ما تكون بملاعب كرة بعشب طبيعي. إلا أن هناك مناطق أخرى تكسوها أعشاب صفراء فاقعٌ لونها وأزهار بألوان شتى تسرُّ الناظرين، ويبدو أن فصل الربيع قد أكسب الطبيعة حلة بديعة مزركشة الألوان تذكِّر المرء بقول الشاعر: أتاك الربيعُ الطلق يختال ضاحكاً من الحسن حتى كاد أن يتكلَّمَا. قرى تنتظر الفرج إذا كان المسافرون عبر الطريق السيار من شرق الجزائر إلى غربها مروراً بمنطقة الوسط، قد تنفسوا الصعداء أخيراً بفتح مئات الكيلومترات منه أمام حركة المرور. وبالتالي القضاء على الاكتظاظ والازدحام وتخفيض عدد حوادث المرور، في انتظار ما تبقى منه، فإن سكان منطقة القبائل الأمازيغية الذين كان الكثيرُ منهم يعتاش من الطريق الوطني رقم 5 المارّ وسط قراهم ومدنهم، لا ينظرون بارتياح إلى هذا الطريق الذي أصاب تجارتَهم في مقتل. إذ أصبح عدد السيارات والمرْكبات التي تمر بالطريق القديم وتتوقف أمام مطاعمهم ومقاهيهم ومحلاتهم التي تعرض سلعاً مختلفة، قليلاً جدا، وهو ما جعل تجارتهم تتراجع بشكل حاد. ويأمل سكان منطقة القبائل التي تقع وسط الجزائر، أن تشرع وزارة الأشغال العمومية في تجسيد مشروعها بفتح محطات للاستراحة ومحطات وقود ومطاعم ومقاهٍ في مناطق مختلفة يشقها الطريق السريع. وهذا لتلبية حاجيات المسافرين الذين يقطعون الآن مئات الكيلومترات دون أن يجدوا محطة وقود أو محطة استراحة واحدة قرب هذا الطريق ما يدفعهم إلى الانحراف عن الطريق السريع ودخول المدن القريبة لقضاء حوائجهم. وسيفك هذا المشروع الخناق عن تجار منطقة القبائل أساساً. حيث سيمكِّنهم من تحويل نشاطهم من الطريق الوطني رقم 5، أي الطريق القديم الذي أصبح شبه مهجور، إلى الطريق السريع، ما ينقذهم من الإفلاس الذي بات يهدِّدهم في الصميم ويعيد بعث الحياة في المنطقة من جديد.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©