«الزواج أهم علاقة بين الرجل والمرأة».. هكذا ينظر الأطفال إلى العلاقة بين الرجل والمرأة خصوصاً عندما تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات. وتقبع وراء ذلك رغبة عارمة في أن يقلدوا آباءهم وأمهاتهم، لهذا نجد الحديث عن الزواج هو الموضوع المفضل لدى الأطفال في هذا السن. فهم يحبون أن يلعبوا ألعاب الفرح والزفاف. ويبدو هذا الأمر غاية في الغرابة من جانب الكبار، لكنه يبدو في نظر الأطفال وكأنه عين العقل، إن خيال الطفل يهيئ له أنه متزوج من إنسان له أهمية كبيرة في حياته، يتخيل الطفل الصبي أنه متزوج من أمه، والطفلة تتخيل أنها متزوجة من أبيها، وطبعاً لا يعرف الطفل في هذه المرحلة من العمر كل المعلومات عن طبيعة الزواج، فلا يعرف مثلاً أن زواج الابن من أمه مسألة مستحيلة اجتماعياً ودينياً وحضارياً، وكذلك زواج البنت من أبيها، ولهذا فإن الأم لا تخجل إن أصرّ صغيرها على القول بأنه سيتزوج «ماما»عندما يكبر! لأنها تعلم أنه يذوب حباً فيها ببراءة، ولا يرى العالم إلا من خلالها، وهذا هو الدافع إلى تأكيده الرغبة في الزواج منها. .. كثير من الأمهات يقلن إن الواحدة منهن تشرح لطفلها رحلة عمره، وكيف سيكبر؟ وكيف يمكنه أن يتزوج واحدة في سنه ذاته ومتناسبة وتبني معه حياته. لكن الطفل غالباً ما يرفض هذا الحوار ويقول بلهجة حاسمة. «أنا لازم أتجوز ماما». إن الطفل بإصراره هذا على الزواج الخيالي من والدته هو بمثابة اتخاذ الإجراء المضمون لاستمرار الإحساس بالأمن. أما أي زواج غير ذلك فهو غير متصور وغير مقبول، وتبدو فيه الأم كأنها متآمرة تريد أن تطرده من حنانها - ويبدو فيه كأنه مقامر غير وفي لمن تعطيه الحب. هذا التحليل يحتمل الصواب والخطأ، لكنني أقوله للأمهات: إنني أرى أن الطبيعة تحاول أن تعلم الطفل أن هناك «خوفاً» من الحياة، لأن «الخوف» كإحساس لابد أن يتكون لدى الطفل ليتعلم كيف يحافظ على نفسه. إن الخوف هو أحد الدوافع الأساسية التي تجعل الإنسان يتقدم ولا بد لنا أن نعرض أيضاً أن الطفل يتمتع في هذه الفترة من العمر بقدرة تقليد الآخرين حتى في مشاعرهم، وهذا يدفعه أيضاً إلى أن يتعلم الخوف والحذر وضرورة الحصول على العلم ليصل إلى النضج.
المحرر
عدد اليوم
