الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دستور جديد.. أم يابان جديدة؟

25 فبراير 2015 22:29
في وقت سابق من العام، قمت بتسليط الضوء على اتجاه مثير للقلق في دول عديدة حول العالم، الاتجاه نحو حكومة غير ليبرالية والبعد عن حقوق الإنسان. وللأسف، فإن اليابان قد أصابتها العدوى. فقد قام رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بتنفيذ بعض السياسات الليبرالية، مثل الضغط من أجل تحقيق المساواة للمرأة العاملة وزيادة معدلات الهجرة. وأصبح المجتمع الياباني بوجه عام في العقود الأخيرة أكثر تحرراً. وعلاوة على ذلك، ألغت الدولة مؤخراً حظراً استمر طويلاً على الرقص في النوادي. بيد أن هذا قد يصبح غير ذي صلة إلى حد كبير إذا قام حزب «آبي» بتغيير دستور البلاد بالطرق التي يريدها. فقد حكم الحزب «الليبرالي الديمقراطي»، وهو من أكثر الأحزاب السياسية التي تعد اسماً على غير مسمى، اليابان في معظم تاريخها ما بعد الحرب، باستثناء فترات قصيرة. وينحدر جزء كبير من الحزب فلسفياً وتنظيمياً وغالباً وراثياً من الطبقة السياسية من الفترة ذات النزعة العسكرية في اليابان. وهذا الجزء لم يستوعب تماماً القيم الليبرالية التي فرضتها الولايات المتحدة على البلاد خلال الاحتلال الأميركي. وهذا الفصيل، وهو أقلية، يبدو الآن وكأنه أصبح مهيمناً بداخل الحزب. ويشن الحزب «الليبرالي الديمقراطي» الآن حملة من أجل إلغاء الدستور الذي كتبته الولايات المتحدة واستبداله بمسودة دستور. وفي كتيب يشرح هذه المسودة، يوضح الحزب الليبرالي أن «العديد من الأحكام الدستورية الحالية تستند إلى النظرية الغربية - الأوروبية لحقوق الإنسان الطبيعية؛ ولذا فإن هذه الأحكام في حاجة إلى تغيير». ووفقاً لهذه الفكرة، فإن مسودة الدستور تتيح للدولة تقييد حرية الكلام والتعبير التي «تتدخل في المصلحة العامة والنظام العام». كما تلغي مسودة الدستور المادة التي تمنع الدولة من منح «سلطة سياسية» للجماعات الدينية. والأسوأ من ذلك، أن مسودة الدستور تضيف ستة «التزامات» جديدة يتعين على المواطنين اتباعها. وبعض هذه الالتزامات، مثل واجب «الحفاظ على الدستور» ومساعدة أفراد الأسرة، تعد غامضة. وهناك مادة، تتطلب من الناس «احترام النشيد الوطني والعلم» وهي تشبه التعديلات الدستورية التي يدافع عنها المحافظون في الولايات المتحدة. ولكن «الالتزامات» الثلاثة الأخرى تعتبر خطوة واضحة نحو معاداة الليبرالية والاستبداد: وتتمثل هذه فيما يلي: «يجب أن يعي الشعب حقيقة أن هناك مسؤوليات والتزامات تعويضاً عن الحرية والحقوق». و«يجب أن يلتزم الشعب بالمصلحة العامة والنظام العام». و«يجب أن يطيع الشعب أوامر الدولة والمكاتب التابعة لها في حالة الطوارئ». وتعد مادة «حالة الطوارئ» صدى لمبررات القمع المستخدمة من قبل العديد من الحكام المستبدين في الشرق الأوسط. وللأسف، فإن الطبيعة غير الليبرالية العميقة لمسودة الدستور هذه قد تم تجاهلها إلى حد كبير، خاصة في الغرب. فمعظم الناس في الغرب لا يسمعون سوى عن تغيير واحد في الدستور الياباني، وهو تنقيح المادة التاسعة من الدستور الحالي، والتي تمنع اليابان من أن يكون لها جيش. وصحيح أن إلغاء المادة التاسعة يعد أهم الأسباب التي تجعل «آبي» يريد تغييراً دستورياً. لكن التركيز على إزالة الصفة العسكرية يعد إلهاء خطيراً. إن تغيير المادة التاسعة أمر معقول، فاليابان لديها جيش بالفعل (يسمى قوة الدفاع الذاتي)، وهي تفسر إزالة الصفة العسكرية بصورة فضفاضة للغاية لدرجة أنه من غير المرجح ، أي يحدث إلغاء المادة التاسعة تغييراً كبيراً. ومن المشكوك فيه جداً أن تقوم اليابان بغزو بلدان أخرى إذا ما تمت إعادة صياغة الدستور. بيد أن التركيز على قضية الجيش أثارت الانتباه – خاصة في الغرب - بعيداً عن حقيقة أن مسودة الدستور ستتعامل مع حرية الشعب الياباني. وبطبيعة الحال، فإن شعب اليابان لا يريد العيش في دولة غير ليبرالية. لقد أصبح الشعب مغرماً بالحرية التي تمتع بها خلال العقود السبعة الماضية، حتى وإنْ كانت مفروضة من قبل قوة أجنبية. وربما يتم خداع الشعب الياباني كي يتنازل عن حريته. فهناك خطورة حقيقية في هذا الدستور الجديد. أولاً، إنه قد يكون جزءاً من جهود الحزب الليبرالي لقمع المجتمع المدني الذي أصبح أكثر صخباً في أعقاب الأداء الاقتصادي الضعيف وحادث فوكوشيما النووي. والثاني أن تمثل مسودة الدستور التي وضعها الحزب الليبرالي كارثة للعلاقات الدولية. فإذا اختارت اليابان هذا النوع من الديمقراطية غير الليبرالية كما هي الحال في تركيا والمجر، فقد تضعف جاذبيتها الإقليمية كبديل لدول الصين القمعية. والحل الأمثل، هو أن تلغي اليابان المادة التاسعة من دستورها، بينما تبقي على بقيته دون مساس. نوح سميث* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©