نهائي العمالقة صنع في إنجلترا

للمرة الأولى في تاريخ مسابقة دوري الأبطال الأوروبي، يلتقي فريقان انجليزيان في المباراة النهائية ليكون هذا النهائي صناعة إنجليزية خالصة أو حسب تعبير مجلة ''فرانس فوتبول'' الفرنسية نهائي ''صنع في انجلترا'' وإذا كان هذا الحدث سابقة أولى من نوعها بالنسبة لانجلترا، فإنه ليس كذلك بالنسبة لدول أوروبية أخرى حيث سبق ان التقى في المباراة النهائية لهذه البطولة ناديان من إسبانيا ''ريال مدريد وفالنسيا عام ''2000 وناديان من إيطاليا ''يوفينتوس وميلان عام ''2003 وان كان ذلك قد حدث في سياق مختلف فالمصادفة وحدها هي التي سمحت لهذه الأندية ببلوغ المباراة النهائية، أما وصول فريقين انجليزيين هذه المرة فإنه يعكس تفوق كاسح وهيمنة وسيطرة غير مسبوقة للأندية الانجليزية على الكرة الأوروبية بدليل وصول أربعة منها ''مانشستر يونايتد، تشيلسي، ليفربول، أرسنال'' الى دور الثمانية لهذه البطولة· أول لقب ووصول مانشستر يونايتد وتشيلسي للمباراة النهائية التي ستقام يوم 21 مايو الحالي باستاد لوجينكي بموسكو سيكون فرصة جديدة لمواجهة شرسة بين هذين الفريقين اللذين التقيا مؤخراً في الدوري الانجليزي وحسمها ''البلوز'' لصالحهم 2/1 الأمر الذي سيجعل المان يونايتد يسعى للثأر وإضافة لقب ثالث لهم في هذه البطولة الأوروبية الأولى التسبق لهم الفوز بها مرتين عامي 1968 و،1999 وهي فرصة أيضاً لتشيلسي لكي يحقق أول لقب له في هذه البطولة·· لقب يتلهف الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش على تحقيقه مع تشيلسي· وفي تقرير على ثلاث صفحات تحدثت مجلة فرانس فوتبول عن هذا اللقاء المنتظر ووصفته بأنه ''لقاء العمالقة''·· عمالقة من نوع جديد مختلف عن نجوم ''الجالاكتيك'' الذين اشتهر بهم فريق ريال مدريد الاسباني عندما كان يضم زيدان ورونالدو وفيجو وبيكهام ومختلف أيضاً عن النجوم الرائعة ''فانتاستيك'' على حد تعبير المجلة والذين اشتهر بهم فريق برشلونة وبينهم كان رونالدينيو وديكو وإيتو وميسي·· فالنجومية في انجلترا من نوع آخر أكثر واقعية وعملية وايجابية في تحقيق النتائج·· نجومية كريستيانو رونالدو وديدييه دروجبا وروني وتيفيز وايسيان وجيرارد وبالاك وجون تيري وفابريجاس ولامبارد وغيرهم الذين تحولوا في انجلترا من مجرد لاعبين جيدين الى نجوم حقيقيين يشار اليهم بالبنان، وبعضهم أخذ بعض الوقت في انجلترا حتى أصبح نجماً كبيراً فعلى سبيل المثال لم يصبح دروجبا هو النجم دروجبا الذي نعرفه الا بعد مرور موسم على وجوده في تشيلسي· كراهية الفشل وتحدثت المجلة أيضاً عن التأثير الذي تصنعه بطولة الدوري الانجليزي على اللاعبين فيها وما تضفيه عليهم من روح قتالية عالية وشراسة وكراهية الفشل وكرم في بذل الجهد وكلها فضائل وقيم موجودة في كل الفرق الإنجليزية منذ القدم ولعلنا نتذكر فترة العصر الذهبي الآخر للكرة الانجليزية فيما بين عامي 1977 و،1984 فالتفوق ليس مقصوراً فقط على مانشستر يونايتد وتشيلسي أو ليفربول والأرسنال وانما تلك الروح المختلفة تعتبر حالة إنجليزية خاصة جداً·· حالة تجعل ''العدد كامل'' في ستاد ديربي كاونتي حيث كانت الجماهير تغني لفريقها رغم انه سيهبط للدرجة الثانية وكأنها تودعه الى بطولة أخرى لا تقل أهمية عن الـ''بريمير ليج'' ويكفينا ان نعرف ان عدد المشاهدين الذين يحضرون الى ستادات أندية الدرجة الثانية في انجلترا يفوق كثيراً عدد المتفرجين الذين يتابعون دوري الدرجة الأولى الفرنسي في الاستادات ولعل هذا ''الدم الحار'' والحماس الرائع هو الذي يروي ويغذي جسد كرة المحترفين الانجليزية كله من أسفله الى أعلاه على حد قول المجلة الفرنسية· الفائز الحقيقي وأكبر دليل على هذه الدماء الحارة والحماس المنقطع النظير ما شاهدناه جميعاً في مباراتي الدور قبل النهائي سواء في ستاد ''ستامفورد بريدج'' خلال مباراة تشيلسي وليفربول ''3/''2 في حضور 38 ألف وتسعمائة متفرج، أو في ستاد ''أولد ترافورد'' خلال مباراة مانشستر يونايتد وبرشلونة ''1/صفر'' في حضور حوالي 75 ألف متفرج· وسواء فاز ''البلوز'' أو الشياطين الحمر في هذا النهائي ''الصدمة'' فإن الفائز الحقيقي - على حد قول المجلة - هو كرة المحترفين الانجليزية التي أثبتت بما لا يدع مجالاً لأي شك هيمنتها وسيطرتها الكاملة على الكرة الأوروبية وخاصة هذا الموسم حيث كان من ضحاياها فرق ايه سي ميلان والانتر وروما وليون وبرشلونة· وعزت المجلة هذا التفوق الانجليزي في جانب منه الى تصاعد القدرة المالية للفرق الانجليزية والتي سمحت لها بشراء أفضل النجوم بأعلى الأسعار، بعد ان كانت هذه الفرق نفسها قد أضاعت قديماً أكثر من فرصة موسماً بعد الآخر والسبب الذي قيل وقتها هو ''نقص الثقافة الأوروبية'' وعجز الكرة الإنجليزية وقتها عن الانسجام والتناغم مع كرة بقية القارة الأوروبية· واذا كان العد التنازلي قد بدأ بالنسبة لهذا النهائي المنتظر بين قطبي الكرة الانجليزية مانشستر يونايتد وتشيلسي، فلا يسعنا إلا ان ننتظر بفارغ الصبر تناول ''وجبة دسمة'' تكون خير ختام لموسم كروي على مستوى الأندية تعقبه راحة قصيرة لتنطلق بعدها بطولة رائعة وقوية للمنتخبات اسمها كأس الأمم الأوروبية·· دعونا ننتظر لنستمتع· أنور إبراهيم نقلاً عن فرانس فوتبول