السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشهد التونسي... ما بعد حكومة الغنوشي

المشهد التونسي... ما بعد حكومة الغنوشي
28 فبراير 2011 22:41
أعلن رئيس الوزراء التونسي السابق محمد الغنوشي استقالته أول من أمس الأحد، وذلك بعد المظاهرات العديدة المستمرة منذ ما يزيد عن شهر، التي كان المحتجون يطالبون خلالها صراحة بألا يحكمهم واحد من رجال بن علي، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية. وقد جاء إعلان الغنوشي استقالته، عقب وقوع مظاهرات تعد هي الأضخم، منذ فرار الرئيس السابق إلى السعودية في 14 يناير الماضي، الذي بدأت بعده موجة من الانتفاضات تمتد في الوقت الراهن من ليبيا في الغرب إلى عُمان في الشرق. وكما جاء في الأنباء فقد تدفق قرابة 100 ألف متظاهر على العاصمة تونس يوم الجمعة الماضي مطالبين باستقالة الغنوشي من منصبه.. وعندما تجددت تلك المظاهرات في اليوم التالي -السبت- أسفرت عن مصرع خمسة أشخاص وفقاً لبيان من الحكومة التونسية. ورحيل الغنوشي يثبت أن قوة الشعب المكتشفة في يناير، لم تختفِ باختفاء بن علي عن المسرح، بل ما زالت حاضرة بقوة، وسيتم استخدامها في كل مرة يجد الشعب فيها نفسه غير راض عن حكومته. ومن غير الواضح ما إذا كانت قدرة الثورة التونسية هذه على الاستمرار، ستؤدي إلى إطلاق موجة ثانية من المظاهرات الضخمة في بعض الدول العربية الأخرى التي ما تزال شعوبها مستعدة لتلقي الإلهام من الثورة التونسية، بعد أن تمكنت من الإطاحة بالديكتاتور السابق الذي ظل جاثماً على صدر الشعب التونسي لسنوات طويلة. بيد أن الشيء المؤكد هو أن المصريين سيأخذون موضوع استقالة الغنوشي كسبب إضافي يشجعهم على الاستمرار في نضالهم من أجل إطاحة الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء المعين من قبل مبارك، والتأكد بعد ذلك من أن إطاحته ستقود إلى تغيير منهجي بعيد الأمد. وكان الغنوشي أعلن استقالته قائلاً: "أنا لست مستعداً لأكون الشخص الذي يتخذ قرارات قد تؤدي لوقوع خسائر". والميل للتحول للعنف في المظاهرات التي وقعت في تونس نهاية الأسبوع، ظهر بعد فترة طويلة استمرت لأسابيع، حافظت فيها المظاهرات على طابعها السلمي إلى حد كبير. وفي تصريح له يوم الأحد قال الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع إن الوزير السابق باجي قايد السبسي سيشغل منصب رئيس الوزراء بدلاً من الغنوشي، إلى أن تقوم الحكومة بإجراء الانتخابات المزمعة قبل حلول شهر يوليو القادم. والغنوشي الذي عينه المبزع رئيساً للوزراء بعد وقت قصير من رحيل بن علي، سرعان ما أصبح هدفاً دائماً لغضب المتظاهرين الذين أجبروا الرئيس السابق على الرحيل، باعتباره واحداً من رجاله الذين عملوا معه لسنوات طويلة (منذ عام 1999). وعلى رغم أن كثيرين يقولون إن الغنوشي نفسه لم يتلوث بالفساد الذي لا يصدق، والقمع الوحشي، اللذين ميزا نظام حكم الرئيس السابق، إلا أن المتظاهرين لا يقتنعون بهذا الرأي، ويقولون إنهم لا يودون أن يروا أي رجل من رجال بن علي في الحكم، وخصوصاً أن الغنوشي في واقع الأمر كان واحداً من الدائرة الضيقة التي أحاطت بالطاغية الهارب، وإن ثورتهم لن تكتمل إلا بعد أن تحقق قطيعة كاملة مع العهد البائد. ويعتقد كامل العبيدي الصحفي التونسي المخضرم، والناشط في مجال حقوق الإنسان، إنه بعد تحقق واحد من المطالب الرئيسية التي كان يطالب بها المتظاهرون، فإن المظاهرات ستخفت حتماً. واستطرد العبيدي: "أعتقد أن تلك الاستقالة ستؤدي إلى تخفيف التوتر، كما أعتقد أن الأيام القادمة ستشهد عدداً أقل من المظاهرات.. ولكن المشكلة تتمثل في شيئين: فقدان التواصل بين الأحزاب السياسية والحكومة، وعدم وجود قائد للمتظاهرين". وكانت الحكومة قد اتهمت من أسمتهم بالمشاغبين والمندسين بتأجيج العنف خلال الاحتجاجات الأخيرة. وقال العبيدي إن شاهد عيان أخبره بأنه قد شاهد عصابة من الشباب في شارع الحبيب بورقيبة، وهو الشارع الرئيسي في تونس، وهي تقوم بمهاجمة الناس وقذفهم بالحجارة، وتحطم الممتلكات خلال المظاهرات التي اندلعت نهاية الأسبوع. وقال العبيدي أيضاً إن ارتفاع معدل الجريمة في مختلف أنحاء تونس، التي يشك كثيرون أنها من تدبير الموالين لابن علي وغيرهم ممن لا يريدون إحداث تغيير حقيقي في تونس، يؤدي إلى سيادة شعور عام بعدم الأمان في البلاد. وفي الكلمة التي ألقاها بمناسبة استقالته قال الغنوشي إن قوات الأمن قد صادرت مبلغ 60 ألف دولار يعتقد أنها كانت مخصصة لدفع مكافآت للأشخاص الذين يثيرون الشغب والاضطراب في تونس. وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت الحكومة التي تكافح من أجل المحافظة على شرعيتها ستكون قادرة على ضمان الأمن والاستقرار في البـلاد. كريستين تشك القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©