السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اضطرابات فنزويلا.. رسالة تهديد لكوبا

5 مارس 2014 23:40
يدعو مشرِّعون أميركيون كبار من كلا الحزبين إدارةَ أوباما إلى تبني سياسة أكثر صرامة تجاه فنزويلا التي تقوم بقمع الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة نيكولاس مادورو بعنف. غير أن الهدف الحقيقي، بالنسبة للبعض في الكونجرس، هو كوبا. هؤلاء “الجمهوريون” و”الديمقراطيون” البارزون يردون على بلد لطالما مثل شوكة في خاصرة المصالح الأميركية في أميركا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، دعا كل من النائبة إلينا روس ليتينن (الجمهورية عن فلوريدا) والنائب إليوت إنجل (الديمقراطي عن نيويورك) “منظمةَ الدول الأميركية”، التي تجتمع هذا الأسبوع، إلى اتخاذ موقف أكثر حزماًَ وصرامة من الطريقة التي تتعامل بها حكومة مادورو مع المحتجين السلميين. كما اقترح السيناتور «ماركو روبيو» (الجمهوري عن فلوريدا) فكرة عقوبات أميركية ضد المسؤولين الفنزويليين المتورطين في القمع، بل وحتى ضد الحكومة الفنزويلية نفسها. غير أن الصقور بخصوص الموضوع الفنزويلي مثل «روبيو» يدفعون بحجة ثانية تفيد بأن اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد فنزويلا يمثل فرصة لإضعاف أحد شرايين الحياة المهمة بالنسبة للنظام الشيوعي في كوبا، الذي يعتمد اقتصاده اعتماداً كبيراً على النفط المدعوم وهدايا أخرى من كراكاس. وفي هذا السياق، قال «روبيو» لقناة «سي. إن. إن» هذا الأسبوع: «إن الكوبيين يحصلون على نفط رخيص أو مجاني من الفنزويليين. ولهذا فإن مصلحتهم تكمن في الحفاظ على هذا النظام قائماً لأنه يدعمهم»، مضيفاً: «ثم إن كوبا متورطة بشكل واضح في مساعدة الحكومة الفنزويلية ومدها بالرجال والمعدات للقيام بهذه الأعمال القمعية». والواقع أن عدداً من المشرعين الأميركيين لطالما ارتابوا في جهود أوباما الرامية للتواصل مع كوبا بعد أكثر من 50 عاماً من الحظر الاقتصادي الأميركي ضد هذه الجزيرة الدولة. وعلى سبيل المثال، فقد أثارت جهود أوباما الرامية لتخفيف القيود على السفر والتحويلات المالية إلى كوبا، وخاصة بالنسبة للأميركيين الكوبيين، رد فعل قوياً بين المشرعين الذين يعولون على أصوات الأميركيين الكوبيين، مثل «روبيو»، وقد تكرس هذا التصور أكثر في ديسمبر الماضي عندما قام الرئيس أوباما بمصافحة راوول كاسترو، شقيق فيديل والرئيس الكوبي الحالي، في جنازة نيلسون مانديلا، وجاء ذلك بعد شهر فقط على إعلان أوباما أنه ربما يتعين على الولايات المتحدة أن تعيد التفكير في الحظر الذي تفرضه على كوبا. وفي خطاب قوي بمجلس الشيوخ يوم الاثنين الماضي، قال «روبيو»: إنه أيضاً يرغب في علاقات عادية مع كوبا– «كوبا حرة وديمقراطية. ولكن هل تريدون منا أن نسعى للتواصل ونطور علاقات صداقة مع نظام ينتهك حقوق الإنسان باستمرار ويدعم ما يجري في فنزويلا، وكل فظاعة أخرى على هذا الكوكب؟». وبالنسبة للعديد من المشرعين الأميركيين، تُعتبر كوبا وفنزويلا مترابطتين كتحديين من تحديات السياسة الخارجية الأميركية بسبب العلاقات الوثيقة بين النظامين الاشتراكيين. فالرجل القوي السابق في فنزويلا هوجو تشافيز كان من المؤيدين لفيديل كاسترو، حيث استعمل ثروة فنزويلا النفطية للمساهمة في دعم اقتصاد كوبا العليل، كما ذهب إلى كوبا في مرات عديدة قصد العلاج من السرطان الذي مات منه في الأخير؛ وقد استمرت هذه العلاقة الوثيقة بين البلدين حتى في وقت انتقلت فيه السلطة إلى زعيمين آخرين؛ حيث كان نيكولاس مادورو أحد الضيوف المحتفى بهم الصيف الماضي عندما أحيت كوبا الذكرى الستين لإطلاق الثورة الكوبية. ولئن كانت «الثورة البوليفارية» التي تتبناها فنزويلا مستوحاة من الثورة الكوبية، فإن العملاق النفطي في أميركا الجنوبية حل محل الاتحاد السوفييتي باعتباره الداعم الاقتصادي الرئيسي لكوبا، حيث يضمن الاقتصاد الكوبي بما يصل إلى مليارات الدولار سنويا. وفي هذا السياق، تشير بعض التقديرات بخصوص حجم الدعم الفنزويلي لكوبا، والذي يشمل أكثر من 130 ألف برميل نفط يوميا، إضافة إلى رواتب آلاف المسؤولين الكوبيين العاملين في البلاد، إلى أن كاركاس تمنح هافانا أكثر من 10 مليارات دولار في السنة، أو ما بين خمس وسدس الناتج المحلي الإجمالي لكوبا، وهو ما يقارب مستوى الدعم الاقتصادي الذي كانت تتلقاه كوبا من الاتحاد السوفييتي في أواخر الثمانينيات، قبل أن ينهي الانهيار السوفييتي مساعدة موسكو الاقتصادية لفيديل كاسترو بشكل مفاجئ. بعبارة أخرى، إن مزيدا من الاضطرابات أو حتى تغير النظام في فنزويلا يمكن أن يمثل تهديدا لحكم راوول وفيديل كاسترو المستمر في كوبا، كما يعتقد بعض المشرعين. بيد أن الكثير تغير منذ نهاية الحرب الباردة؛ حيث سعت كوبا تدريجياً إلى إصلاح اقتصادها وإيجاد أكثر من داعم لها. ومن بين هؤلاء البرازيل التي زادت من حجم تجارتها واستثماراتها مع كوبا، وساعدت للتو في بناء ميناء مهم غير بعيد عن هافانا. وإدراكا منها للخطر الذي يطرحه الاعتماد على النفط الفنزويلي بالنسبة لاقتصادها، سعت كوبا أيضا لاستغلال ما تعتقد أنها احتياطيات نفطية مهمة في خليج المكسيك، ولكن من دون نجاح حتى الآن. وتقول جوليا سويج، الخبيرة في شؤون أميركا اللاتينية بـ«مجلس العلاقات الخارجية» في نيويورك: «هل تُسقط كوبا عبر خنق فنزويلا؟». الواقع أن لا شيء مما قامت به الولايات المتحدة خلال 50 عاما أدى إلى ذلك في كوبا، مضيفة: «شخصياً، أعتقد أن كوبا كانت تخطط لهذا الأمر منذ وقت طويل. وحتى إن لم تكن مستعدة له بشكل كامل، فإنها مستعدة بما يكفي»، وتشمل تلك الاستعدادات علاقات اقتصادية أعمق مع البرازيل، والاتحاد الأوروبي، وكندا، والصين، كما تقول. ‎كيث جونسون واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©