الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ندرة المحامين في أميركا

31 ديسمبر 2014 23:31
في السنوات الأخيرة مرت مهنة المحاماة في أميركا بأصعب الأوقات، فبعض الشركات الكبيرة، مثل «ديوي وليبوف» أفلست في عام 2012، بينما تم تقليص حجم شركات أخرى، مثل «بروفيت آند وود» ودمجها مع منافسين أقوى منها. والآن تواجه مدارس القانون نفسها متاعب، فقد بلغت نسبة الالتحاق في 2014 أدنى مستوياتها منذ 1973، وفقاً للبيانات التي أصدرتها الجمعية الأميركية للمحامين. وانخفض عدد الطلاب المتفرغين، وغير المتفرغين، ليصل إلى 37924 أي بانخفاض نسبته 10% مقارنة بعام 2010 الذي سجل أعلى المعدلات على الإطلاق، وينبغي ألا نفاجأ بكل ذلك. وفي الواقع، فإن هذه المهنة ينظر إليها على أنها مصدر للازعاج منذ الأيام الأولى للجمهورية، وبعد اندلاع الثورة، سعت الهيئات التشريعية الوطنية لتطهير «المحافظين» -الموالين لبريطانيا العظمى- واستبعاد تأثيرهم في الحياة العامة، وللأسف، فإن عدداً كبيراً من المحامين كان من هؤلاء الموالين، وبانتهاء عملية التطهير، انخفض عدد المحامين المؤهلين لممارسة مهنة المحاماة بصورة كبيرة. وقد يمثل تجديد الصفوف تحدياً. فكليات القانون لم يعد لها وجود، ومعظم الأشخاص المتقدمين إلى نقابة المحامين حصلوا على التعليم القانوني من خلال مرافقة أحد المحامين القائمين. وأصبح المحامون تحت التمرين، المعروفون باسم «الكتبة»، يقومون يومها بأعمال مثل تصوير الأوراق وغير ذلك من أمور بسيطة. وفي ذات الوقت، لم تعد هناك حواجز كافية تمنع الدخول في المهنة: فمعظم الولايات لديها قوانين تتطلب أن ينهي المحامون الوظائف المكتبية، ولا شيء يذكر غيرها. وفي أوائل القرن الـ19، لم تكن معظم الكليات والجامعات توفر برامج التدريب المهني لتكوين المحامين. وبعض مدارس النخبة كان لديها أستاذ للقانون في هيئة التدريس، وتقدم دورات في هذا الموضوع، ولكن كلية «ويليام وماري وترانسيلفانيا» فقط في ولاية كنتاكي كانت لديها برامج تهدف إلى إعداد الطلاب لممارسة المهنة فعلاً. وفي البداية، كان الفراغ في التعليم القانوني الرسمي تملؤه مؤسسات هادفة للربح مثل كليات «ليتيشفيلد» و«ستابلس» و«فان شاك» للحقوق. وبشكل عام، فقد عملت هذه الكليات لعقود قليلة ثم أغلقت أبوابها، غالباً بعد وفاة المؤسس. وفيما بعد، بادر عدد من الجامعات والكليات بإنشاء برامج مهنية منفصلة للقانون، حيث كانت تدرك أن بإمكانها الحصول على المال والمكانة. وكانت أولى هذه الجامعات هي «هارفارد»، في 1817. وعلى رغم تعثرها في السنوات الأولى، إلا أن تعيين قاضي المحكمة العليا «جوزيف ستوري» في 1829 ساهم في إحياء ثرواتها. وقام «ستوري» بإصلاح المناهج وتوجيه المؤسسة نحو ما يشبه مدرسة القانون الحديثة. وسلكت المدارس الأخرى نفس المسار، وبحلول 1840، كانت هناك سبع مدارس لتدريب المحامين، ووصل هذا العدد إلى 31 في عام 1870. وسرعان ما ظهرت شكوى من أن المعروض من المحامين يفوق الطلب. وتساءلت صحيفة «شيكاغو» في عام 1859 «هل لدينا محامون أكثر من اللازم؟» وعلى رغم أن الإجابة كانت «نعم»، لم تكن كليات الحقوق لتتلقى اللوم. فقد أصبح الانضمام لنقابة المحامين أكثر سهولة، وتمت إزالة الكثير من الحواجز خلال فترة الغضب بسبب التحول الديمقراطي في عهد «جاكسون»، ولم تعد كل الولايات القضائية تتطلب الأعمال المكتبية شريطة القبول فيها بحلول عام 1860. وحتى أعضاء المهنة القانونية بدأوا في التعبير عن عدم الارتياح. وفي اجتماع لنقابة المحامين بولاية شيكاجو عام 1889، قال «هون جودي»: «لدينا محام لكل مئة من السكان البالغين، وهذا من شأنه التشجيع على التقاضي غير الشرعي وغير الضروري». وكان من بين الحلول المطروحة منح كليات القانون الرسمية دوراً أكبر في التعليم القانوني، الذي من شأنه، نظرياً، أن يزيد الحواجز لدخول هذه المهنة. بيد أن هذا لم ينجح، حيث كان ينظر إلى فكرة تشديد المتطلبات التعليمية كفكرة نخبوية. ولم تنجح المحاولات الدورية لإصلاح التعليم القانوني. وفي عام 1899، التحق 12408 طالب بمدارس القانون في البلاد، وبحلول عام 1919، قفز هذا العدد إلى 24503، وفي العشرينيات، ارتفع العدد مرة أخرى ليصل إلى 44340 في 1926، وإلى 48593 في ،927. وبين عامي 1899 و1929، ارتفع عدد كليات القانون أيضاً من 102 إلى 178. ويرجع جزء من المشكلة إلى انتشار مدارس القانون، ومنها مدارس ليلية لا تتطلب شهادة المدرسة العليا. وفي الستينيات والسبعينيات، ارتفع عدد الملتحقين بكليات القانون مع ارتفاع أعداد الطالبات المتقدمات. وفي الثمانينيات، تحول البندول ليؤشر إلى وضع الأزمة مرة أخرى، حيث ظلت معدلات الالتحاق إما أكثر أو أقل من المستوى. والآن، تتراجع معدلات الالتحاق، ولكن يجب ألا تيأس مدارس القانون، وإذا كان التاريخ يقدم أي دليل، فإن الرواج سيعود إلى المهنة مرة أخرى قبل مرور وقت طويل. ستيفين ميهم * * أستاذ التاريخ بجامعة جورجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©