«بوركبة».. إبدالات التأمل الصوفي

محمد نجيم (الرباط) في معرض تشكيلي كبير، ينظم حالياً بمدينة مراكش تحت شعار «نُضج الفن» يقدم الفنان المغربي المعروف عمر بوركبة أعماله التي ترصد مساره الفني الممتد على مدى خمسة عقود، والتي راكم فيها أعمالاً فنية كرسته كواحد من رموز وقامات التشكيل المغربي المعاصر. لوحات الفنان عمر بوركية تأخذ الزائر إلى عوالم كثيفة من الرموز والأفكار والمضامين الفنية القادرة على تحريك وحث الاستجابة الحسية لدى المتلقي؛ لأنها تحمل إمكانات هائلة تستنطق المتخيلة وتبعث الجمال في النفس عبر خطوط ورموز وفراغات وامتلاءات وتشابكات لونية صارخة تحفل بأبعاد الجمال الصوفي. وما يؤكد قيمة هذا الفنان في حركة التشكيل المغربي والعالمي، هو أن المعرض شهد يوم افتتاحه حضور قامات فكرية وأدبية وفنية كبرى منها: الطاهر بن جلون، عبد الحي الملاخ، حسان بورقية، أحمد بن إسماعيل، وأسماء أخرى، وخلال حفل الافتتاح قدم بوركية الكتاب الذي يرصد تجربته الفنية بأقلام عدد من الكتاب منهم: أدمون عمران المليح، فريد الزاهي، محمد خير الدين، جون فرانسوا كليمون. وتتموقع تجربة الفنان بوركبة في مكانة خاصة ضمن مدونة الفن التشكيلي في المغرب. فهي، حسب الفنان والشاعر عزيز أزغاي، «بحكم انشغال صاحبها بأسئلة الشعر، إبداعاً ومواكبة، انعكاس واضح لطاقة معرفية تنهل من التراث الشعري الإنساني ومن إبدالات التأمل الصوفي في رقي تجلياتهما. من هنا انحياز هذه التجربة التصويرية إلى شرطها العالم، وإلى اشتراطاتها الجمالية، التي تستحضر كبريات التجارب الفنية في جغرافيات كثيرة من العالم. لقد ظل الفنان بوركبة، حسب أزغاي، يضع نفسه وتجربته الفنية موضع سؤال وتحول مستمرين، وهي خصلة بقدر ما تجعل صاحبها يتجنب تكرار نفسه، بقدر ما تسهم في تشكيل بانوراما فنية تكون مرآة على خصوبة تجربته الفنية.