الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

طاقة الأمل

1 مارس 2011 00:04
يحصل أحيانا، بناءً على معطيات خاصة أو عامة، أن تنفرج أمامك طاقة من الأمل. الأمل بأن الأمور تتحرك للأفضل، بأن هناك تغييرا إيجابيا يوشك أن يحصل، بأن حياتك ليس مقدور لها بالضرورة أن تكون بحيرة راكدة مليئة بالطحلب العطن، بأنها يمكن أن تتحول لنهرٍ جارٍ صافٍ ماؤه عذب رقراق، وبأنك يمكن أن تكون سعيدا لو حصل ذلك، وتوشك أن توقن أنك تستحق ذلك، فتشعر أنك يمكن أن تترك نفسك لأن تفرح، ولكن في لحظة ما تحجم عن السقوط في أحضان الفرح، خشية من تحوله إلى فخ. لأنك تكون غالبا قد مررت سابقا بتجارب انفرجت فيها نفس الطاقة من الأمل ثم - دون أن تدري بالضبط كيف- عادت وأغلقت مرة أخرى. وغالبا تكون قد قضيت وقتا طويلا بعد ذلك في محاولة فهم أسباب انغلاق طاقة الأمل تلك وخلصت لنتائج مختلفة في كل مرة بناء على حالتك المزاجية وحالة الطقس ووجوه الناس من حولك وبناء على توفر الأوراق الخضراء اليانعة أو الصفراء اليابسة على الطريق الذي تسير فيه متفكرا، لكنك تميل في النهاية دوما للاقتناع أكثر بأن الخطأ يكمن فيك؛ في ضعف بصرك الذي أوهمك أن الدخان الذي رأيته أمل، وتعزم أن تخرج أكثر إلى الصحراء، حيث تطلق بصرك في الأفق الرحب الشاسع كرياضة ينصح بها أطباء العيون كثيرا لتقوية البصر. لذلك تجد بعض الناس حذرين من الاستسلام للفرح عند ظهور بوادر أملٍ ما في الأفق. يدركون أن هذا الأفق المشع بالنور في لحظة الأمل قابل في أية لحظة لأن يتعكر بغيوم داكنة تتجمع فجأة لتسقط عليهم رعود وبروق وصواعق ما اتخذوا لها أية تدابير وقائية تحت وطأة الاطمئنان الوثير لطاقة الأمل. هذا الإدراك لا يجعلهم متشائمين بالضرورة، إنما فقط حذرين. لأن هؤلاء الأشخاص بالذات يكونون أكثر قابلية عن غيرهم للإحساس بقوة الألم الذي تخلّفه خيبة أملٍ صدّقوه. فهم تكسرهم الخيبة؛ تكسر التكوين الخاص جدا لأرواحهم، فيسيرون باقي العمر منحني الأرواح حتى تنبت لهم حدبة كبيرة على سقف الروح، وهذا إحساس مهين وموجع. إذاً هي مجرد استراتيجية نفسية دفاعية ضد الألم العسير لخيبة الأمل. إذا التقيت أحدهم لا تقفز غاضبا متهما إياه بالإحجام عن التفاعل مع الحياة والتباطؤ عن اللحاق بنبضك أو نبض الشارع المتسارع فرحاً باستقبال طاقة الأمل، لا تقصيه وتصمه وتدمغه بأختام تجعله صنف آخر لا يشبهك ولم يعد يعنيك ظنا منك أنك لا تعنيه. لا تسقط في هذه الخطيئة، فهذا الحذِر من الفرح، قد يكون أشد إحساسا بك منك، أشد إشفاقا وعطفا وحنوا عليك، مثل سماء، مثل ظل شجرة، مثل سقف بيت، مثل أم.. تماما مثل أم. مريم الساعدي Mariam_alsaedi@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©