الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكتاب خير جليس

15 مايو 2016 23:03
قرأت قبل فترة أن جامعة إيموري في مدينة أطلانطا الأميركية أجرت دراسة أعدها مجموعة من الأكاديميين حول تأثير القراءة على الفرد وبالتحديد دماغ الإنسان، حيث أثبتت الدراسة أن القراءة لا تقتصر على تثقيف الإنسان وتوسيع خياله فحسب، وإنّما تؤثّر أيضاً على دماغه. أظهرت هذه الدراسات أنه خلال الأيام التي تلي قراءة شخص لرواية ما، تحصل بعض التغيرات البيولوجية في مستوى الدماغ، وتحديداً في الوصلات العصبية. فقد أجرى الباحثون دراسة على 21 متطوعاً خلال 19 يوماً متتالياً، خلال الأيام الخمسة الأولى تمّت مراقبة أدمغتهم بوساطة التصوير بالرنين المغناطيسي، ولوحظ أن نشاطاتهم الدماغية كانت عادية، وخلال الأيام التسعة التالية طُلب منهم قراءة تسعة مقاطع كل منها مؤلف من ثلاثين صفحة من رواية «بومبايي» لروبرت هاريس، وهو نص يجمع بين أحداث وهمية ودرامية. وتمّ التأكّد من أن المتطوعين قد قرأوا المقاطع جيّداّ من خلال الأسئلة التي وزّعت عليهم، من ثمّ خضعوا لعملية التصوير بالرنين المغناطيسي من جديد، وعندما قارن الباحثون الصور المغناطسية قبل وما بعد القراءة، تبيّن أنه خلال الفترات الصباحية التي تلت فترات القراءة، ازداد عدد الوصلات العصبية في منطقة القشرة الدماغية اليسرى، المختصّة بإدراك اللغة، كما ارتفع عدد الوصلات في منطقة الدماغ المختصة بالأحاسيس. تعجبت وأنا أقرأ نتائج الدراسة الأميركية، فهي تحمل بين طياتها فوائد لا حصر لها، فلعل بها تتغير نظرتنا للقراءة، ونسعى لأن نحتضن الكتاب بين أيدينا ونختلي به.. فهيا بنا نقف هنا قليلاً متأملين في أهمية هذا الأمر السماوي الذي نزل على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة، بكلمة «اقرأ» وهذا من أهمّ المؤشرات التي تدل على أهمية القراءة، وليكن شعارنا «أمة اقرأ ستظل تقرأ». وكما هو واضح من خلال نتائج دراسة جامعة إيموري عن فوائد القراءة للدماغ، فهي معززه للتركيز لأن ما يقوم به الدماغ أثناء عملية القراءة من تأمل وتفكير وتحليل لما يقرأه الإنسان يؤدي إلى تنمية قدراته التأملية والتحليلية، وبالتالي تتطور القدرات الإبداعية عند القارئ، فكلما نقرأ أكثر نبدع أكثر، لأن القراءة تمكننا من التفكير بطريقة فريدة وغير مألوفة نتيجة لتجدد أفكارنا مع استمرارنا بالقراءة واكتسابنا لأفكار جديدة وفريدة وهذا يربط كثرة القراءة مع القدرة على الإبداع، فوائد القراءة لا تقتصر على هاتين الفائدتين بل إنها تمتد إلى تنشيط الذاكرة ومقاومة الاكتئاب والتوتر، القراءة تنشط الذاكرة حيث أظهرت بعض الدراسات التي قارنت بين الأشخاص الذين يقرأون وآخرين لا يقرأون، بأن مرض الزهايمر تظهر أعراضه أسرع على الفئة الثانية. ومن فوائد القراءة أيضاً أنها تزيل التوتر لأن إندماج الشخص بما يقرأه يجعله ينسى مؤقتاً ما تعرض له من تجارب سلبيه. فهيا بنا نختار جليسنا في هذا الزمان وهو الكتاب، حيث قال المتنبي «خَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ» ونتخذ القراءة منهجاً لحياتنا. ووا أسفاه على وقت مضى لم يكن فيه الكتاب جليساً لنا وملجأ من كل حزن وضيق مخرج. أسماء السنيدي - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©