الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوم الحسم في السودان

10 ابريل 2010 20:53
تعرف عملية تنظيم الانتخابات عادة بتعقيدها الشديد وصعوبتها البالغة حتى في أكثر الدول ديمقراطية مثل الولايات المتحدة. وتزيد هذه الصعوبات أكثر، بطبيعة الحال، في دول تنقصها الخبرة الانتخابية مثل السودان، وذلك لأسباب عديدة، منها تخلف مناطق عديدة من البلاد، مع وجود تاريخ طويل من النزاعات والحروب الأهلية. وتحمل الانتخابات التي تجرى صباح اليوم الأحد 11 أبريل 2010 كثيراً من الفرص والتحديات والمخاطر في ذات الوقت. ومن أهم الفرص التي تحملها، المساهمة في نشر الديمقراطية في العالم الإسلامي. ولذا يفخر السودانيون اليوم بإجرائهم لانتخابات عامة خاضعة للرقابة الدولية، وتحظى بتأييد دولي لكونها جزءاً من اتفاقية السلام الشامل التي تم التوقيع عليها في عام 2005، والتي وضعت حداً لنزاع مسلح طويل بين الشمال والجنوب. ويشعر السودانيون، دون شك، بمدى أهمية هذه الانتخابات في التأكيد على نجاح اتفاقية السلام المبرمة. ومن جانبه ينظر جنوب السودان إلى هذه الانتخابات باعتبارها خطوة ضرورية لإجراء الاستفتاء الشعبي على مصير ذلك الإقليم في العام المقبل 2011. بينما ينظر الشمال إلى هذه الانتخابات نفسها على أنها وسيلة للحصول على المزيد من الشرعية الدولية للنظام الحاكم في الخرطوم. ولكن هناك عدة تحديات ومخاطر ينطوي عليها هذا الاستحقاق الانتخابي، على رأسها التحديات اللوجستية المتوقعة لانتخابات صعبة معقدة تجمع بين الرئاسية والولائية والمحلية والتشريعية في يوم واحد. فهذا تحد كبير جداً وربما لا تستطيع حتى دولة مثل الولايات المتحدة إجراء انتخابات في كل هذه المستويات في وقت واحد، نظراً لما يحيط بها من تعقيد لوجستي جسيم. كما تعد المخاطر الأمنية المحتملة لانتخابات اليوم هذه، مما يحسب له ألف حساب، جراء التداعيات التي يمكن أن تسفر عنها بما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، على نحو ما حدث من تجاذب داخلي في تجارب التحول الديمقراطي في دول أخرى مثل كينيا وإيران في عامى 2007 والعام الماضي. وقد ازدادت حدة هذه التوترات إثر انتقاد الرئيس البشير علناً البيان الذي أصدره "مركز كارتر" في الشهر الماضي، وفسر على أنه يدعو إلى تأجيل إجراء الانتخابات عن موعدها الحالي. وعلى أي حال فإن من الواجب تجسير الفجوة بين الفرص الكبيرة التي تحملها هذه الانتخابات والمخاطر والتحديات التي تنطوي عليها، أي تجسير الفجوة بين رؤية "مركز كارتر" وموقف الحكومة السودانية. ويتطلب ذلك التوصية بأن تجرى الانتخابات في موعدها المحدد لها، خاصة على المستوى الرئاسي، وكذلك في معظم الولايات التي لا توجد فيها مخاطر أمنية أو احتمالات نشوب أحداث عنف فيها. وفي الوقت نفسه كان يمكن النظر في تأجيل إجراء الانتخابات المحلية في ولايات يرجح إثارة التنافس الانتخابي فيها لأحداث العنف، مثل دارفور ومناطق التماس الحدودي بين الشمال والجنوب. ففي دارفور هناك حاجة إلى التوصل لتسوية سلمية نهائية للنزاعات المسلحة، بينما تتطلب مناطق التماس الحدودي توفير الشروط الأساسية للاستقرار وتجنب العنف، بما في ذلك ترسيم الحدود، وغيره من الترتيبات اللازمة لتطبيق اتفاقية السلام الشامل بين الجنوب والشمال. وتسري التوصية نفسها بالنظر في تأجيل إجراء الانتخابات المحلية في جنوب السودان، بسبب غياب الضمانات والاستعدادات الأمنية الكافية لدرء أحداث العنف. وفي اعتقادنا أن الانتخابات الرئاسية ستكون خطوة كبيرة نحو التحول الديمقراطي، دون شك. ومع توفر الكثير من المؤشرات التي ترجح احتمال إثارة الانتخابات المحلية في مناطق معينة من السودان، مثل دارفور والجنوب ومناطق التماس، لأعمال عنف، فإن ما نخشاه هو ألا تقتصر أحداث العنف والمواجهات المسلحة على المناطق المذكورة وحدها، بل الخطر هو أن تتعداها لتصل إلى مناطق وبلدان مجاورة مثل أوغندا والكونجو وغيرهما. يذكر أن شائعات قد ذاعت سلفاً قبل دعوة "الحركة الشعبية لتحرير السودان" -الطرف الرئيسي الشريك لحكومة الخرطوم- لتأجيل الانتخابات المحلية في المناطق المذكورة هذه بسبب المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها. وفي نهاية المطاف، فإن من الواجب حفظ التوازن اللازم بين توسيع مساحة التحول الديمقراطي في البلاد، وحفظ الأمن والاستقرار في هذه الساعة الحرجة التي يعيشها السودان. إمام فيصل عبد الرؤوف - مؤلف كتاب «ما الصحيح في الإسلام؟» ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©