الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمل الخير في افغانستان··· بلون الدم

عمل الخير في افغانستان··· بلون الدم
6 مايو 2008 01:41
إن من يقود سيارة في وسط مدينة كابول هذه الأيام، يشعر كما لو كان يقود سيارته وسط أنفاق، فالطريق هناك يتكون من حارتين تمتدان بين أسوار عالية يشار إليها باسم ماركتها التجارية وهي ''أسوار الهيسكو''، وهذه الأسوار التي هي في الحقيقة نسخ حديثة من الأكياس الرملية، تتكون من حاويات تضم كل منها شبكة من الأسلاك يبلغ طولها 4 أقدام، تبطن بالبلاستيك الثقيل، وتملأ بالرمال والحصى أو التراب، وتوضع على قمة كل منها قضبان لولبية سميكة وعلى مسافات منتظمة، يفصل بين الواحدة والأخرى اثنتا عشر ياردة، تقوم نقاط حراسة يتناوب على العمل فيها رجال مدججون بالسلاح، يقفون في وضعية التأهب للاشتباك· وعلى الرغم من أن الأمن والحماية يمثلان أولوية أولى في العاصمة، إلا أن هناك تساؤلات قد ثارت بشأن مدى جدوى تلك الإجراءات، بعد حادث الاغتيال الذي وقع ضد الرئيس الأفغاني ''حامد قرضاي''، ويشار إلى أن حركة طالبان قد أعلنت عن مسؤوليتها عن ذلك الهجوم، وقال قائدها إن حركته قد قصدت بتنفيذه أن تظهر للجميع أنها قادرة على تنفيذ هجماتها في أي مكان في أفغانستان، والهجوم على ''قرضاي'' يأتي بعد مرور أربعة أشهر على الهجوم الدموي على فندق ''سيرينا'' في كابول والذي ادعت طالبان المسؤولية عنــــه أيضــــا، ممــــا يثبت أن طالبان أبعـــد ما تكون عن الهزيمة وإنها تكسب المزيد من الأراضي· فوفقا للتقارير التي تعدها وزارة الخارجية الأميركية عن أفغانستان والتي تعرف باسم ''تقارير البلد عن الإرهاب'' لعام ،2007 فإن التمرد الذي تقوده طالبان والذي يتسم بأنه قادر، ومصمم، وقادر على التكيف: ''لا يزال يمثل تهديدا للاستقرار، وللسياسات الرامية لتوسيع سلطة الحكومة المركزية في أفغانستان''، وقد جاء في ذلك التقرير أيضا: ''إن المتمردين قد استهدفوا بهجماتهم المنظمات غير الحكومية الدولية، وموظفي الأمم المتحدة، بل والجهات المتلقية لمساعدات المنظمات غير الحكومية الدولية''، وأمثالنا ممن يعملون لصالح منظمات غير حكومية، هنا قد أصبحوا يشعرون بأن تلك الهجمات سوف تطالهم في النهاية، ففي الثلاثة شهور الأولى من عام 2008 ووفقا لبيانات ''مكتب أمن المنظمات غير الحكومية'' في أفغانستان، كان هناك 11 حالة وفاة بين موظفي المنظمات غير الحكومية في عام ·2007 ويلاحظ أن ألوان الخرائط المتعلقة بقدرة تلك المنظمات على العمل في شتى مناطق البلاد، والتي تعدها برامج الأمم المتحدة المختلفة العاملة في أفغانستان، تتغير باستمرار، فالمساحات الخضراء في تلك الخرائط والتي تشير إلى أن بيئة العمل هي '' بيئة مؤاتية'' تتقلص باستمرار، أمام اللون الأصفر الذي يعني '' بيئة متقلبة'' أو أمام اللون الأحمر الذي يعني بيئة شديدة الخطورة أو معادية''· وبالنسبة لنا نحن العاملون في ''لجنة الإنقاذ الدولية'' فإن الزيادة في عدد الحوادث التي استهدفت المنظمات الحكومية، كان مزعجا للغاية، وخصوصا في ولاية ''خوست'' الواقعة في الركن الجنوبي الشرقي من الحدود مع باكستان، لدرجة دفعتنا إلى الدخول في جدل بشأن ما إذا كنا قادرين على مواصلة العمل في تلك الولاية أم لا· ففي أواخر العام الماضي، كان طاقمنا المكون كله من أفغان يعثر دائما على ما يعرف بـ''الرسائل الليلية'' داخل المساجد وهي رسائل غُفل من الإمضاء، تتضمن تهديدات لا تخرج في مضمونها عن الصيغة التالية: ''عليكم برفض كل المساعدات المقدمة من برنامج التضامن الوطني، ولا تقبلوا الألواح الشمسية التي يقدمها هذا البرنامج، والتي لا تعد كونها سما ممزوجا بالعسل، وإذا ما شارك أحد من جماعتكم في هذا التضامن الكافر، أو إذا ما تحدث ضد الإسلام، أو ضد طالبان بسوء، فإن مصيره النار''، بعد تلك الموجة من الرسائل تعرضنا لهجومين، أحدهما في مارس والآخر في إبريل، والاثنان وقعا في ولاية ''خوست''، وقد علمنا بعد ذلك أن ما بين 50 إلى 60 مهاجما قد جاءوا إلى مكتبنا، ونهبوا محتوياته، ثم قاموا بعد ذلك بإشعال النيران في المقر بكل ما يحويه، كانــــت الرسالــــة المراد توصيلها لنــــا مــن خــــلال هـــــذا الهجـــــوم هي:'' نحن لا نريدكم هنا''· وهذا في الحقيقة وضع مربك، لأن منظمتنا بالـــذات قـــد اكتسبـــت شهرة كبيرة في أفغانستان من خلال العمل على مدى عشرين عاما، وبعد أن وقع غزو أفغانستان بواسطة التحالف الذي تقوده أميركا، فإننا جميعا اتفقنا على أن مهمتنا العاجلة تتمثل في مساندة الشعب الأفغاني في الدولة الوليدة، ولكــن المشكلة التي تواجهنا في الوقت الراهن، هو أن جماعـــات المعارضـــة قد أصبحـــت قـــــادرة على الضرب في المكان، وفي التوقيــت الذي تريد، ونظرا لأنهم يعارضون الحكومة الحالية، فإنهم يعارضون أيضا هؤلاء الذين يعملون معهــــا ولكـــن الخطورة تكمن في أنهم -ولســـوء الحظ -لا يفرقون بين القوات المسلحة المتعددة الجنسيات، وبين المقاولين الأمنيين، وبين المنظمات الإنسانية· إن الجماعات غير الحكومية بحكم تعريفها، هي جماعات محايدة غير سياسية، ولذلك فإن كل ما نأمل فيه هو أن تكون أعمالنا هي التي تتحدث عنا وذلك من أجل إقناع الجميع هنا بأننا قد جئنا إلى هذا البلد من أجل مساعدة شعبه في المقام الأول· أنا هوسارسكا-افغانستان كبيرة مستشاري السياسة في لجنة الإنقاذ الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©