السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حمى Ipad وطبقات التكنولوجيا والعولمة

10 ابريل 2010 21:13
من تابع عن كثب أخبار تكنولوجيا الاتصال والإعلام الجديدة في الأسبوع الأول من أبريل الجاري كاد يصاب بالتخمة ـ أو هو أصيب فعلاً ـ من كثرة ما نقل وذكر عن جهاز Ipad للقراءة الإلكترونية من إنتاج شركة “أبل” لصناعات الكمبيوتر إلى الأسواق الأميركية في مطلع هذا الشهر. ويمكن القول إن الضجة حول الكمبيوتر الجديد لم توفر وسيلة إعلامية رقمية أو تقليدية وأخذتها بطريقها بل توسعت بسرعة البرق لتشمل المنتديات والمدونات والمواقع الاجتماعية التي تحدثت بهستيريا ونهم عن مزايا الجهاز الجديد الذي يعمل باللمس ويتيح قراءة الكتب (والصحف) الإلكترونية ويمكن تشغيله لعشر ساعات بدون شحن ويستجيب لرغبات محبي الوسائط الرقمية المتعددة والألعاب الإلكترونية. ولم تترك تلك “الحملة” التي سبقت وتخللت وتلت إطلاق الجهاز في نيويورك شيئا إلا وتحدثت عنه وبكل الأشكال الممكنة: أخبار وصور وفيديو وتقارير ودراسات تسويق وتوقعات تتحدث كلها عن المستقبل الباهر للمولود التكنولوجي الجديد وعن أرقام المبيعات المليونية التي تنتظره وأهم الشرائح العمرية التي ستشتريه واهتمام شركات الإعلان العالمية به وأهمية الجهاز لمشاريع “البيزنس” الجديدة وكيف أنه قفز في وقت قياسي إلى قائمة الأجهزة التكنولوجية العشر الأولى (التوب تن) دون نسيان بعض الحكايات الطريفة عن كيف أن هذا الجهاز الجديد بدأ بمزحة من بعض المسؤولين في شركة “أبل” ثم تحول إلى حقيقة. المهم في الأمر أن هذه التخمة “الإعلامية والإعلانية” العالمية من شأنها دفع أي امرئ يتابعها إلى الاعتقاد بأن من لن يشتري هذا الجهاز سوف “يلفظه” العالم ليعيش على هامش المستقبل و.. التاريخ، أو، تشعره على أقل تقدير، بأنه إذا لم يسارع ويحجز نسخته لدى الشركة فقد لا يستطيع الحصول على هذا الجهاز قبل أشهر أو سنوات سيقضيها منتظراً في طوابير الزبائن ممن سيأتون بعد نفاد ملايين الأجهزة التي ستباع وحتى نهاية العام حسب توقعات “أبل” نفسها. إن شعور “الإلغاء” أو “التفاوت” التكنولوجي هذا يقوى أكثر إذا ما علمنا أن الجهاز الثوري الجديد “الذي لا بد منه” لن يتوافر لمدة شهر خارج أمريكا، وبعدها سيتاح بيعه في 9 دول أخرى فقط تنتمي 7 منها إلى أوروبا الغربية الثرية إضافة إلى استراليا واليابان.. وغير معروف إلى الآن متى سيتوفر الجهاز في الدول الأخرى، بما فيها الدول العربية التي يشكل بعضها سوقاً مغرية لأي منتج جديد.. ومع ذلك فإن وسائل الإعلام العربية ووسائل إعلام الأمم والدول التي ستبقى محرومة لفترة من نعم Ipad، أطنبت وأسهبت ـ مجاناً وبدون أي مقابل إعلاني على الأرجح ـ في الحديث عن الجهاز الجديد ومزاياه قبل أن يراه ويتفحصه أحد منا. ربما لم يكن بوسع الإعلام العربي ـ حالنا حاله ـ أن يبقى بمنأى عن هذا “النجاح” الترويجي المنقطع النظير لشركة يبلغ حجم أعمالها السنوي خمسين مليار دولار. فتلك هي إحدى مزايا العولمة والشركات الكبرى والهوة الرقمية والصناعية، التي تنتج مجتمعة عالماً من الطبقات التكنولوجية والاستهلاكية ثم تقوم، قبل أن تصدر سلعها الجديدة إلى الطبقات “الدنيا” من هذا العالم، بخلق شغف وهوس شامل بأجهزتها “السحرية” وبذا يستمر ويستفحل حال شعور بعض الثقافات والأمم بالتبعية والدونية في عصر “العولمة والقرية الكونية والرقمية”!.. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©