السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحويت اليمنية.. حسناء عمرها آلاف الأعوام

المحويت اليمنية.. حسناء عمرها آلاف الأعوام
17 يونيو 2009 01:04
حين تقطع مسافة 111كم من العاصمة صنعاء إلى مدينة الدهشة والجمال محافظة المحويت سترى الصقور الجارحة هناك، كما سيتاح لك مشاهدة المومياء المحنطة في القبور الصخرية.. حيث بدأت عمليات اكتشاف المقابر الصخرية في المحويت عام 1986، وعثر على جثة محنطة في إحدى المقابر الموجودة في حصن شمسان بالطويلة؛ إذ شاءت الصدف أن يتم اكتشاف هذه المقبرة التي وجدت بداخلها جثة واحدة محنطة لفتاة في معصمها الأيمن خيط من الحرير منضود بحبات الذرة، وأفادت مختبرات الأبحاث التي قامت بإجراء التحاليل اللازمة لعينات أُخذت من تلك الجثة أن تاريخها يعود إلى ما قبل 3200 سنة ق.م. حصون ومقابر تشير المصادر التاريخية إلى المحويت كواحدة من أجمل المدن اليمنية حيث تعرف بمدينة الضباب كما أسماها الكثيرون وتحدث عنها الذين حالفهم الحظ من الزوار في مشاهدتها والاستمتاع بمناظرها الخلابة وجمال عمرانها ومعالمها الأثرية والسياحية. تشرف المدينة على عدد من الوديان والمدرجات الزراعية الجميلة، وهناك جبل يسمى "قرن تيس" لأنه يشكل جزءاً من امتدادات جبال السراة، فكان هذا الامتداد العجيب لتلك الجبال والهيئة البارزة لتلك القمة العالية التي تقع فيها هذه المدينة ما دعا إلى هذه التسمية. وكذلك يسمى حصنها المنيع "المصنعة" لأنه يتخذ بموقعه على ذلك المرتفع الصخري شكلاً مميزاً، ويتألف من عدة أبراج محاطة بسور منيع من جميع الاتجاهات. فيما يوجد في المحويت عدد من المقابر التي استطاع الإنسان اليمني قديماً أن يحفرها في الجبال في مناطق خطرة ودفن الجثث المحنطة فيها، بما يدل على أن اليمنيين قديما كانوا يمتلكون قدرات عجيبة لعمل تلك المقابر في بيئة بدائية تحتاج الى دراسات كبيرة، وقد وجدت أسفل إحدى المقابر الصخرية كتابات على الجبل بلغة غير مفهومة! طريقة فريدة تم في عام 1998 انتزاع عدد من الجثث التي كانت موجودة بداخل القبور الصخرية، وثبت بعد عمليات تحليلها أنها محنطة وتعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وتفاوت عدد الجثث الموجودة في هذه المقابر بحسب حجم المقبرة وعمقها، حيث يقتصر البعض منها على جثة واحدة، أو جثتين، أو ثلاث، والبعض خمس، وأخرى عشر، وأكثر، ومنها ما تحتفظ بأكثر من عشرين جثة. إن الطريقة التي استخدمها اليمنيون القدامى في التحنيط تختلف من حيث استخدام المواد اللازمة في التحنيط هي طريقة فريدة، ففي مصر كانوا يلفون الجثث بنوعية مخصصة من القماش، أما اليمنيون فكانوا يستخدمون الزبيب ودهن الجمل وبعض أوراق النباتات في تحنيط الجثث، وقد مارسوا التحنيط قبل الإسلام بألفي عام وعند مجيء الاسلام ترك اليمنيون التحنيط لأنهم آمنوا بالله وبأن البعث والآخرة بيد الله، وربما تكتشف المزيد من الامتيازات أو الاختلافات للتحنيط في اليمن قديماً عند التعمق أكثر في الدراسة والفحص. مومياوات وتحنيط يعجب ألن فرومانت- أحد العلماء الأوروبيين في مجال الآثار، وكبير خبراء البعثة الفرنسية، التي زارت اليمن وقامت بإجراء دراسات وأخذ عينات لعدد من المومياوات لمعرفة كيف أن الجسد يبقى آلاف السنين دون أن يتأثر! ويستفاد من هذا العلم في دراسة كيف كانت الأرض من قبل وكيف استطاع الإنسان أن يتأقلم مع بيئته وكيفية معيشته وما هي الأدوات والوسائل التي كان يستخدمها. يقول: "بالنسبة لنتائج الدراسات التي أجريناها في اليمن فهي تحتاج إلى وقت ومال، فنحن نبحث عن المال أولا لدعم الفحوصات ويحتاج منا إلى سنة تقريبا ثم سنة أخرى للفحص وسنة أخرى للنتائج، لكن ما لاحظناه وما قمنا به من دراسات على المومياوات في المحويت تبين أنها تختلف من حيث المقاسات والأحجام عن المومياوات في مختلف أنحاء العالم! فهناك تشابه بين المومياوات اليمنية وعدد من المومياوات في دول أخرى من حيث الشكل والملامح ولعل أقرب الدول المشابهة مصر وتليها إيران ثم المغرب العربي ثم الهند ثم أوروبا،ولهذا نشعر بالسعادة لوجود تشابه بيننا وبين اليمنيين القدامى الذين يعتبرون الأفضل عالميا في التحنيط حيث تحل اليمن في المرتبة الثالثة بالتحنيط بعد مصر وتشيلي، ويعد التحنيط في تلك البلدان الثلاثة من أتقن أنواع التحنيط. أسواق تاريخية إلى ذلك توجد في المحويت أسواق قديمة تقع فيها "سمسرة السبيل" وكانت قديما تستخدم لإيواء العابرين من أبناء السبيل، وهي شبيهة في بنائها وشكلها بتلك السماسر القديمة الموجودة في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية القديمة، ولا تزال هذه "السمسرة" قائمة حتى الآن، حيث تستخدم كورش للحديد. وهناك أيضا "سمسرة الصافي" وتعتبر معلما تاريخيا مهما، رغم حالة الإهمال والانهيار التي لحقت بأجزاء منها، وتتكون من طابقين عبارة عن مجموعة من الدكاكين المبنية بشكل دائري تتوسطها مساحة في الوسط مصفوفة بالأحجار كما توجد فيها إدارة في مكان بارز من السمسرة، يقال إن المدير كان يمارس فيها بيع وشراء البن، وحالياً أصبحت مهجورة وقد تعرضت للتخريب والتشويه رغم الأهمية التي تحتاجها كمعلم أثري. وتقع في الاتجاه الغربي للمدينة قرية "الضبر" التي تشكل أحد أكبر الأحياء السكنية المكملة للمدينة وفيها يوجد الكثير من القصور القديمة العالية والمساجد القديمة والأضرحة الدينية إضافة إلى حصنها القديم. وفي الجهة الشمالية الشرقية يوجد جبل ردمان، ويرتفع عن سطح البحر بنحو (2800) متر ويطل على أراض ومناظر طبيعية شاسعة من جميع الاتجاهات وفي هذا الجبل العديد من المعالم والمواقع الأثرية. متنزهات سياحية في أسفل ذلك الجبل الجميل ردمان بمنطقة "عجامة" يقع متنزه سياحي اسمه "معشقة" لا يقل أهمية وروعة عن متنزه آخر اسمه "الريادي" فهو يشرف على أرجاء واسعة من المناطق ذات المناظر الطبيعية الخلابة والجبال الشديدة الوعورة والانحدار والوديان والسهول والقرى المتناثرة بمبانيها الجميلة في تلك القمم وعلى سفوح المنحدرات، من بينها "أعتام" الشهيرة بذلك المثل الشائع في بلادنا "كل المغارس من أعتام ومن غرس له عرس" فقد حباها الله تعالى بطبيعة ساحرة وأمطار تسقط عليها معظم أيام السنة، إضافة الى الغيول دائمة التدفق، والأرض الخصبة التي هيأت للأهالي أن يزرعوا فيها كل أنواع المزروعات وغراس البن والفاكهة. لذا تعتبر غراس الأشجار التي يتم غرسها في هذه المنطقة ومن ثم نقلها لغرسها في مناطق أخرى من الغراس المتميزة التي يحرص المزارعون في المناطق الأخرى على جلبها لزراعتها في أراضيهم.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©