الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأبقار.. عصب الحياة في جنوب السودان

الأبقار.. عصب الحياة في جنوب السودان
17 يونيو 2009 01:05
ترتبط الحياة الاجتماعية في جنوب السودان بالأبقار بصورة كبيرة تغطي جميع مجالات الحياة، و يبدأ هذا الارتباط السرمدي منذ ولادة الطفل، حيث يسمى المولود أحيانا بصفات البقر، فالفتاة يطلق عليها نجاما بور أي «بنت الثور الأبيض» والذكر يطلق عليه أحيانا اسم «واروب» و يعني روث البقر. هذا العلاقة لا تنفك في جميع حياة أبناء الجنوب خاصة القبائل الكبرى الدينكا النوير الشلك وتقف عادة تقديم المهر كأبقار على رأس التقاليد المتوارثة عند القبائل النيلية الجنوبية و يتراوح المهر ما بين 30 – 100 بقرة وتحدد بعض القبائل كالدينكا المهر بنحو 60 بقرة للمهر ويمثل هذا الرقم مشكلة بالنسبة للشباب ولا يتنازل أهل العروس عن هذه التقاليد وأحيانا يتم التنازل عن المهر، خاصة في الخرطوم، لكن بشرط أن تقيم الأبقار ماديا و يدفع المهر نقدا. ويبدأ تقديم الأبقار منذ الخطوبة، حيث يقدم الخطيب 3 بقرات و 4 حراب أي رمح لوالدي العروسة. البقر مهر العروس يعتقد جيمس قرنق الناشط الاجتماعي بمنبر أبناء الجنوب في الجامعات السودانية أن هذه العادات تمثل عائقا أمام الزواج، فالعنوسة أصبحت شبحا يهدد الفتيات حتى أصبح البعض من الشباب يضطر إلى اللجوء «للكسر» ويعني خطف الحبيبة والهروب بها لأن من المستحيل على البعض دفع كل هذه العدد من الأبقار. ويشير قرنق إلى أن مراسم الزواج تبدأ عند قبيلتي النوير والدينكا بالخطبة عندما يعجب شاب بفتاة فيتقدم أصحاب العريس بطلب التحدث مع الفتاة التي تجثو على الأرض بركبتيها احتراما لأهل العريس وتقدم لهم الماء. ويقوم الخطاب نيابة عن العريس بتقديم ما بين 2-3 بقرات كهدية لوالد ووالدة العروس تمهيدا لليلة العرس التي تقدم فيها الأبقار التي تتراوح ما بين 30 بقرة عند القبائل الصغيرة و 60- 100 عند النوير والدينكا، و لكن قبائل البارية تقبل بمهر لا يتجاوز 40 بقرة. ويعد جنوب السودان مجتمعا رعويا لا يميل إلى الزراعة كثيرا لأن الأبقار تأكل من الحشائش الطبيعية التي تنمو بفضل فصل الخريف الذي يستمر ستة أشهر. حبيبتي كالبقرة! يقول قرنق إذا كانت الفتاة طويلة وجميلة تتم المغالاة في مهرها بزيادة عدد الأبقار ويتغزل فيها الشباب دون ذكر اسمها لأن ذلك من شأنه أن يحدث معركة كبرى. والوصف أيضا مرتبط بالبقر بأبيات من الشعر فيها صفات البقر. ويفوز بقلب تلك الفتاة الجميلة من يملك أكبر عدد من الأبقار وتقام ليلة الزفاف حفلة النقارة. ويلبس الراقصون قطعا صغيرة من جلود الأبقار. وإذا ما طلقت الزوجة تعاد أبقار المهر إلى أسرة الزوج ليتزوج بها مرة أخرى، وإذا ما توفيت الزوجة خلال سنتين من الزواج وتركت ذرية يقسم المهر بين زوجها وأولادها، وإذا ما لم تنجب يأخذ الزوج المهر و يترك عجلين لوالد الزوجة، أحدهما كبير والآخر صغير، أما إذا مات الزوج تحده زوجته 45 يوما. ارتباط وثيق يوضح الناشط الاجتماعي جيمس قرنق أن الارتباط بين الأبقار وأبناء الجنوب يظل متواصلا فحتى الأسماء تقرن بصفات وألوان الأبقار. وتؤمن كريستنا، طالبة بجامعة الخرطوم، وصديقتها تريزا بعادات الزواج بالأبقار كتراث فقط، و لكنهما يؤكدان على تجاوز هذه العادات المعيقة للزواج بقولهما: «حان التخلي عن بعض هذه التقاليد و قد بدأت بالفعل بعض النخب المتعلمة من أبناء الجنوب الذين اختلطوا بالقبائل الشمالية في ترك هذه العادة رغم أنهم يجدون حرجا في إعلان ذلك، لكنهم يفعلون. والبقية من الشباب يعانون كثيرا في سبيل الحصول على الأبقار. وتفضل كريستينا الهرب مع حبيبها على الانتظار، حتى يتمكن من جمع 60 بقرة للزواج منها.
المصدر: الخرطوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©