السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شجرة العروس.. محطة انتظار أنعشها «جدار الفصل»

شجرة العروس.. محطة انتظار أنعشها «جدار الفصل»
17 يونيو 2009 01:06
يتفاخر زكريا زيد بأنه الوصي على «شجرة العروس» التي تستلقي في خربة طورة الشرقية (20 كم غرب جنين في الضفة الغربية المحتلة)، ويوضح من موقعه تحتها: «نحن نتحدث عن تاريخ طويل لها، فهي ليست شجرة عادية، إذ روى لي والدي نقلا ًعن أجداده، أن عمرها أكثر من أربعمائة عام، واسمها «ملول»، وهي أحد أصناف البلوط النادر». يتابع زكريا معتمدا على مصادر والده وأسلافه: «الشجرة مزروعة في منطقة أحراش، وفي ممر ضيق بين جهتي الشرق والغرب، وارتبطت منذ زمن قديم بالكثير من العادات، فكانت محطة انتظار للعرائس اللواتي يرتقبن قدوم العرسان من قرى مجاورة، قبل أن يواصلوا المسير، لإتمام فرحهم». السبب اتفاق وفق ما وثقه الحاج ياسين والد زكريا نقلا ًعن والده، فإن أهالي بلدة عرابة القريبة من جنين، ومواطني بلدة أم الفحم تصاهروا منذ زمن بعيد، واتفقوا أن يسلموا العروس تحت الشجرة. ومنذ ذلك الوقت، صارت تسمى باسم الحدث الذي شهدته. وبالتدريج ذاع صيتها بين أهالي المنطقة. وانتعشت الشجرة في مواسم الحصار والإغلاق وبناء جدار الفصل العنصري الذي لا يبعد عنها سوى عشرات الأمتار، وعادت العرائس لانتظار العرسان تحتها من جديد. ويقول زكريا: «في أغسطس 2008 شهدت الشجرة ست حفلات «استلام وتسليم» لعرائس من قرى أم الريحان وبرطعة الشرقية، وخربة ظهر المالح، وخربة الرعدية. لأن معظم الشبان الذين ارتبطوا بفتيات من قرى واقعة خلف الجدار الذي تقيمه اسرائيل لفصل المدن الفلسطينية عن بعضها، لم يتمكنوا من الحصول على «تصاريح» للدخول إلى تلك التجمعات المعزولة». وكان زكريا تزوج تحت الشجرة ذاتها، كما أن إخوته يحيى ومحمد كررا التجربة ذاتها حديثا، ويخطط ابن أخته عبد الله للاحتفال بزفافه تحت شجرة العروس بعد عيد الفطر. ليست أسطورة يقول زكريا الذي يطلق على نفسه «أمين سر الشجرة»، إن شابا زار المنطقة بعد أن أنهى دراسته في تركيا، أكد لزكريا وإخوته أن الشجرة المزروعة في أرضهم موجودة في خرائط المساحة التركية، مثلما تشير المصادر التاريخية إلى أنها من فصيلة السنديان، وهي من الفصيلة نفسها المغروسة في طريق رئيسي بمدينة حيفا، وهناك شجرة ثالثة مماثلة لها في مدينة إربد بالأردن. وبحسب رواية الشاب الجامعي، فإن شجرة طورة اسمها لعروس» وفي إربد تحمل اسم «العريس» أما في حيفا فتدعى شجرة باب حيفا، وقد فشلت محاولات قلعها لتوسيع الطريق. توثيق تاريخ الشجرة يدون زكريا كل ما يسمعه عن شجرته، ووثق بالفيديو مقاطع لوالده وهو يتحدث عنها، كما أنه يعتبرها كأولاده تماما، وسيوصي بأن يدفنوه تحتها، ويمضي كل وقته بجوارها، حتى أنه أسس دكانا صغيرا في المكان، وحافظ مدة طويلة على»المسقاة» التي صنعتها جدة والده الحاجة آمنة، كي يشرب الناس منه. وشاعت قصص كثيرة مركزها «شجرة العروس» ويضيف زكريا استنادا لرواية الحاج حسن قبها، من طورة الغربية، الذي توفي قبل سنوات: «تسببت الشجرة أيضا ًبخلافات بين أهالي العرسان، ففي إحدى المرات اتفق أهالي طورة الغربية ونزلة زيد على أن تكون نقطة الالتقاء لعرائس «البدل» عند الشجرة، وفي يوم العرس تأخر أهالي طورة، وحصلت بينهم مشادة حادة، كادت توقع الطلاق لولا تدخل العقلاء». ويروي زكريا: «كانت الشجرة حاضرة في كل «عقد زواج»، وكان الأهالي يسرعون بالعودة إلى بيوتهم البعيدة بعد التسليم، قبل غروب الشمس». ويقول هاشم زيد: «الشجرة ليست فقط للعرسان اليوم، بل للتجار الذين صاروا يسلمون بضائعهم قرب الجدار تحتها، وللرعاة الذين يستريحون في ظلها، وللسهر، وللهروب من الحر، وحتى أنها كانت في الماضي مكاناً لقطاع الطرق». ويمتد ظل الشجرة على مساحة ممتدة، كما أنها ترتفع أكثر من اثني عشر مترا، وعرضها يتجاوز الخمسين مترا، وتنتج وفق تقديرات أصحابها قرابة نصف طن من البلوط، ويبلغ محيط قطر جذعها نحو ثلاثة أمتار.
المصدر: فلسطين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©