الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فتوة».. كمان وكمان!

17 يونيو 2009 01:10
اشتهرت أفلام الأبيض والأسود على شاشة السينما المصرية، بتقديم شخصية «الفتوة»، وغالباً ما تحمل هذه الشخصية مواصفات خاصة، مثل القوة، والشر، وكثيراً من العدل أحياناً، حيث يتولى هذا «الفتوة» مسؤولية حماية الضعيف، وتأديب القوي الذي يخرج عن النص، ويجور على حق الغير.. وقد نراه في وسط الحارة متجهما، وغاضبا من شيء ما لا يعجبه، قائلاً عبارته الشهيرة «الراجل ينزل لي»..! هذه الشخصية عاشت في قلب «حارة « صاحب نوبل نجيب محفوظ، الذي وصفها في رواياته، وغاص في أعماقها ليكشف عن جوانب ضعفها وقوتها، وساعده في ذلك مخرجون مبدعون ساعدوه على ظهورها على الشاشة في ثوبها الحقيقي، وهيئتها التي أقنعت المشاهد. ومن خلال ما رأيناه على الشاشة المصرية، غالباً ما كان هذا «الفتوة» يتجاوز حدود دوره، ويشطح بخياله المريض ليصاب بداء الغرور، ليدخل في مرحلة جديدة يسودها الظلم والطغيان و»البلطجة».. هنا يتحول حب «الغلابة» له إلى كره وحقد وبغضاء، وتبدأ هذه الفئة في الجلوس على رصيف الصبر، في انتظار فرصة التصدي أو التخلص من هذا «الفتوة» الذي تحول ظالم جائر، يعيش على أكل قوت البسطاء.. وعندما تدب الشجاعة في دماء أحد أبناء هذه الحارة الشجعان، يجد كل مؤازرة وتأييد من هؤلاء «الغلابة»، والذي أطلق عليهم محفوظ «الحرافيش»، حتى يتحقق هدفهم، بالتخلص من هذا «الفتوة» الظالم، والذي ضل طريق دوره، وحاد عن الصواب. هذه الأحداث التي تفاعلنا معها، وشاهدناها بقلوبنا قبل عيوننا، والتي أيدت الغلابة عن قناعة لوقف نزيف الظلم، في حارة محفوظ، لا تختلف كثيراً، عن وقوف الشعب الإيراني وراء أحمدي نجاد ليفوز بولاية ثانية. وبغض النظر عن الطعون التي قدمها منافسه موسوي والتي تشكك في صحة ونزاهة الانتخابات، فإن أحمدي نجاد استطاع أن يرضي «الغلابة» والبسطاء في إيران، رغم فقرهم وعوزهم، ويحظى بتأييدهم الكامل، لأنه ببساطة ارتدى قفاز الشجاعة ووقف في وجه فتوة العالم «أميركا»، وأصر على مواصلة برنامج إيران النووي، متحدياً أكبر قوة على وجه الأرض، الأمر الذي صنع منه بطلاً في عيون أغلبية الشعب الإيراني، بعد أن جعل من البرنامج النووي في إيران «مشروعا قوميا» .. وهذا يُشير إلى بساطة رجل الشارع في العالم الثالث، والذي دوماً يبحث عن «بطل» يُحقق أحلامه من خلاله، حتى وإن كان هذا البطل فقاعة أو بالونة هواء..! وفي اعتقادي أن فتوة حارة محفوظ قد يسقط بفعل إرادة أبناء الحارة الشجعان.. لكن من يستطيع أن يطيح بفتوة العالم..؟! سلطان الحجار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©