الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما بعد الحداثة دمرت الصيغ التقليدية بحثاً عن اللامتوقع واللامألوف

17 يونيو 2009 02:35
احتل موضوع جماليات التلقي المحور الرئيسي للندوة الموازية لملتقى صنعاء الثاني للفنون التشكيلية، ففي ورقته تحدث الناقد حاتم الصكر عن مشكلات موضوعية في مسألة إعداد المتلقي تسببها الحداثة نفسها وتتعلق بطبيعتها الفنية «وتناقضاتها وعوائق التوصيل والممارسة الاتصالية المنبثة منها»، إلى جانب أسباب ذاتية متعلّقة بالمتلقي العربي «ذات حمولة اجتماعية وسياسية واقتصادية وتربوية بشقيها البيداغوجي - في المدرسة – والأسري البيتي والمحيط العام أيضاً». وقدم الناقد والشاعر أشرف أبو اليزيد في ورقته عرضاً للكثير من مستويات التلقي في الصحافة المقروءة والمرئية والمسموعة والإلكترونية والكتب والندوات والوسائط غير التقليدية كالجداريات، وتناول معوقات وسائط التلقي من ناحية عدم التوسع في نشر المؤلفات عن التشكيل وتعثر المجلات الفنية المختصة وارتفاع أسعار المطبوعات وعدم تحرير وإخراج وتحديث مواد المواقع الإلكترونية بشكل مميز. وبالنسبة للفنانة والناقدة المصرية أمل نصر فإن مشكلة تلقي الفنون المعاصرة ليست فقط مشكلة المتلقي العربي بل هي مشكلة عالمية، لكن الفرق «أن مشكلة المتلقي العربي أكثر صعوبة، فمن جهة هذه الصيغة للفنون الجميلة التي قدمتها التيارات المعاصرة هي في الأساس غريبة عن ذائقته العربية ونتاج لقاء مفاجئ منبهر بالغرب، ومن جهة أخرى هو يعاني كأي متلق في العالم من التواتر السريع لتلك الاتجاهات وافتعالها في أحيان كثيرة للجرأة وتعمدها صدام المشاهد وتقديم كل ما هو غير متوقع». وتدرس أمل نصر تطور جماليات التلقي في مختلف العصور، مشيرة إلى «تراجع القيم الجمالية ذات الطابع التقليدي التي كانت تبحث عن الإيقاع والتناسب والانسجام والتوازن، ليحل محلها قيم ذات طابع اختلافي وليس توحدياً مثل التناثر والتعارض». الباحث المغربي محمد بن حمودة درس في ورقته المقولات الجمالية في الثقافة العربية مستعيدا العقاد وطه حسين وما أنجز من أطروحات جديدة حول التصوير المعاصر وما أسماه باستطيقا الصدمة. في ورقتها تتناول الفنانة اللبنانية فاطمة الحاج الصلة بالغرب «التثاقف» وبدأت في خلاصة تشير إلى أن «الحضارة الإنسانية بأكملها هي حالة من التأثر والتأثير». وترى أن الغرب تأثر بالعرب «عندما كنّا حقيقيين، وغير مزيفين، تأثر بالحضارة الإسلامية بطبها ومعمارها، وفلسفتها، أعجب بمنمنماتها وزخارفها، أعجب بمعاني التسامي والارتقاء والبساطة في التعامل مع الذات الإنسانية. تأثرنا بهم، فأقمنا معاهد الفنون في بداية القرن العشرين، في القاهرة أولاً وبدأ التحريم والممنوع قبل نهاية القرن». وتقول الحاج «سئمنا القول بأن ماتيس، وبول كلي وماركي ودولاكروا وغيرهم، أتىو إلى شرقنا وتأثروا بنا، ونحن موجودون في هذا الشرق، فلماذا لم نقرأه ليفعل فعله فينا». وأشارت إلى أن ما تيس تأثر بالشرق عبر التثاقف من خلال معرض أقيم في ميونيخ عام 1910 للفن الإسلامي «ولكن زاد ماتيس كان وافياً» من خلال اللوفر. وتحدث في الندوة الفنان العراقي رافع الناصري عن تجربته في خمسين عاماً بين الشرق والغرب مستعيدا دروسه في معهد الفنون الجميلة ببغداد الذي تخرج منه عام 1959 وتنقلاته وتجاربه المختلفة في الصين والبرتغال وأوروبا وأمريكا اللاتينية وبعض الدول العربية وصولا إلى محطته الحالية في عمّان. وقدم الفنان البحريني عباس يوسف ثلاث تجارب من البحرين متناولاً أعمال ناصر اليوسف وعبدالجبار الغضبان ولبنى الأمين. من جانبه درس الناقد مصطفى عيسى تجربة جيل الشباب في مصر الذين صاغوا طريقة «تبتعد كثيرا عن المألوف والمعتاد»، ورأى أن هذه الفئة «استطاعت أحياناً أن تملي تأويلاتها المتوهجة وتعبئ الذائقة الجمالية بما هو جدير بالتأمل والتفاعل معه، بينما هي في أحيان أخرى ضلت طريقها بعدما افتقدت سبل التواصل مع الخارج لأسباب متعددة». ولاحظ وجودا محسوساً للأشكال الفنية النوعية في تجاربهم، مثل الفيديو آرت وأعمال التركيب، والتجهيز في الفراغ والفوتوغرافيا، دارساً تجارب آمال قناوي وشادي النشوقاتي وريم حسن ومحمود المنيسي ولارا بلدي. الكاتبة مي مظفر تناولت تجارب الفنانين العراقيين الشباب التي «نضجت بلهيب الحروب وقسوة الضغوط النفسية والمادية»، وكانت قد بدأت في منتصف ثمانينات القرن الماضي وتبلورت في التسعينات. وهو «جيل مر بأقسى التجارب السياسية والاجتماعية وأكثرها تعقيداً». ومع هذا أقاموا جسور التواصل مع من سبقهم من الفنانين، وقدموا «أعمالاً تنطوي على التجربة الشخصية متوسلة بوسائل تقنية غير تقليدية تضعهم في طليعة فناني الحداثة وما بعدها». وقرأت الكاتبة أعمال منتقاة لفاخر محمد، هيمت محمد علي، كريم رسن، نديم محسن، هناء مال الله، محمود العبيدي، غسان غائب، أحمد البحراني، سامر أسامة ونزار يحي. الفنانة والناقدة آمنة النصيري درست المسألة التشكيلية بين سلطة الآلة وغواية التجريب قائلة «إن تاريخ الفن منذ عصوره القديمة وحتى مطلع القرن العشرين يبين أنه مع استمرار التجريب وولع الفنانين بالقيم الأحدث والاكتشافات إلاّ أنه في الفنون لا شيء يفنى، فالأنماط والأساليب لا تلبث أن تتكرر وتعود في ثنايا مدارس واتجاهات أخرى»، ومع تغيرات القرن العشرين برزت فنون الحداثة ثم ما بعد الحداثة التي «سعت إلى تدمير الصيغ التقليدية وهدم المقولات الفنية والجمالية الكلاسيكية بحثاً عن اللامتوقع واللامألوف والغامض والمفاجئ، حتى أنهم عمدوا إلى طمس ومحو الحدود بين الفن والحياة اليومية». وتلاحظ تنامي سلطة الآلة ومساحتها في إنتاج العمل في مقابل تقليص فعل الفنان المنتج الأساسي للعمل. أما «معارضة أو تأييد الوسائط الرقمية في الاشتغالات التشكيلية ستبقى قضية غير محسومة إلى أن تتضح النتائج التي تصنع إجابة لسؤال جوهري حول مدى تأثير استخدام الوسائط في الإنتاج الفني سلباً أو إيجاباً على إبداعية النص ـ الفعل التشيلي». وفي ورقته يدرس الفنان حكيم العاقل، وهو منسق عام الملتقى، تجربة رائد الفن التشكيلي اليمني الحديث الفنان هاشم علي من خلال مراحل عدة انتقل فيها من البدايات إلى التعبيرية مروراً بالتكعيبية التحليلية، وأعمال الجرافيك، وصولاً إلى ما أسماها بمرحلة الواقعية السحرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©