الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نظريات تطبيقية لكي تعرف نفسك

نظريات تطبيقية لكي تعرف نفسك
17 يونيو 2009 02:40
الشّخصيّة عالم مملوء بالأسرار والأحاجي، تتعدّد فيه المفاهيم، وتتزاحم المقوّمات، وتتباين النّظريّات، في محاولة لكشف السّلوك وتفسيره، وتبرير ما يلازمه من سمات خلقيّة ونفسيّة، عقليّة وجسديّة. وعلى كثرة الدّراسات والمطبوعات، ما زالت الشّخصيّة تستقطب أقلام الباحثين وتحظى باهتمام المفكّرين، سعياً إلى أن يفهم الإنسان نفسه، فيغرف منها ما يريده من ذكاء وإبداع، أو عاطفة وطموح، ثمّ يكافح لاكتناه قواه وإمكانّاته، واتّخاذ المواقف المناسبة، وردود الأفعال الصّحيحة في الأزمات والشّدائد. وما زالت بيروت تقدّم إلى القارئ العربيّ المزيد من العناوين التي تعنى بتحليل الشّخصيّة واستكشاف مكامنها، ومن بين منشوراتها كتاب جديد صدر مؤخّراً (2009) عن دار الكتاب العربيّ بعنوان: أسرار الشّخصيّة وبناء الذّات، في مئة وثماني عشرة صفحة، موزّعة على مقدّمة واثني عشر فصلاً، للمؤلّف أنس شكشك. بداية يعرّف المؤلّف الشّخصيّة من النّاحية الاصطلاحيّة، إذ هي «قوام النّفس وكمالها، وتآلف لمجموعة القوى النّفسيّة المعرفيّة كالذّكاء والتّفكير والخيال وغيرها مع مجموعة القوى النّفسيّة العاملة المحرّكة للسّلوك كالدّوافع والغرائز والحاجات والرّغبات والميول والاتّجاهات والأهواء.. وهي تعمل معاً في وحدة منتظمة لإخراج صورة واضحة لصاحبها الذي يشعر بتميّزه عن الآخرين» لكنّ الشّخصيّة على بساطة تعريفها تبقى من أشدّ المعاني النّفسيّة تعقيداً وتركيباً؛ لأنّ ميدانها يشمل الصّفات الجسديّة والقيم الخلقيّة، وما يرافقها من صفات اجتماعيّة. إنّها كلّ ما يبديه الشّخص الفرد في أساليب تعامله مع الآخرين، من خلال الاختلاط بهم والتّكيّف معهم. الاستعراض الموضوعيّ يذهب المؤلّف في الكتاب مذهب العرض التّقريريّ لمفاهيم الشّخصيّة ومقوّماتها وبنيتها وسلوكاتها؛ فيضع القارئ أمام مفاهيم ثلاثة غير منفصلة: الفلسفيّ والنّفسيّ والجدليّ، وأمام خزّان من المقوّمات المكوّنة للشّخصيّة كالوراثة والبيئة والسّمات.. وهذا التّعدّد لا يلغي كونها وحدة متكاملة وخاضعة للتّوسّع والتغيير والنّموّ. وعندما يتطرّق إلى عناصر الشّخصيّة يحصرها بثلاث: الذّات المتفاعلة، القدرات العقليّة، الشّخصانيّة؛ ثمّ يجعل بنية الشّخصيّة قائمة على مثلّث حيويّ، حركيّ ونفسيّ تحدّث عنه فرويد: الهو، الأنا، الأنا الأعلى؛ وما الحياة النّفسيّة سوى مجموعة من القوى، تتجابه وتتصارع داخل الإنسان من أجل السّيطرة: فالهو: القسم اللاشعوريّ اللا واعي الباطن من الشّخصيّة، والأنا: الجانب الشّعوريّ الواعي في الشّخصيّة وهي منطقة النّور في النّفس الإنسانيّة، والأنا الأعلى: ما تحت الشّعور، مجموعة من القيم والتّقاليد والقوانين التي تحكم الفرد. ويكمل المؤلّف استعراض الجوانب المتعلّقة بتفسير الشّخصيّة، مستنداً إلى أربع نظريّات: أوّلا، نظريّة السّمات، وهي تقع يبن نوعين من الخصائص: الخارجيّة المرتبطة بالمظاهر الموضوعيّة للسّلوك، والدّاخليّة المرتبطة بالأحداث النّفسيّة كالدّوافع والرّغبات والمشاعر. ثانياً، نظريّة الأنماط: فالنّمط هو فئة أو صنف من الأشخاص يشتركون في مجموعة من السّمات المتشابهة. وقد بنيت نظريّة الأنماط ـ كما يقول الكاتب ـ على المظاهر الخارجيّة أو على الأصل الجنسيّ، وعلى شكل الجسم، وعلى العمليّات الحيويّة المشتركة، وعلى الميول الإدراكيّة، وعلى اختيار أسلوب الحياة. ثالثاً، نظريّة المجال: وهي تدرس سلوك الفرد الذي يشكّل دلالة على المجال الاجتماعيّ الحاضر؛ فالسّلوك يكون نتاج القوى التي تعمل في هذا المجال في لحظة معيّنة. رابعا، نظريّة الذّات: فالذات تتكوّن من المدركات أو التّصوّرات الشّعوريّة التي يكوّنها الفرد عن نفسه: من هو؟ وما يكون؟ في علاقته بالبيئة؟ ومن هذا المنطلق يسعى الفرد إلى إشباع حاجاته، وتأكيد ذاته أثناء تعامله في المجال الظّاهريّ أو البيئة الموضوعيّة. الشّخصيّة الفاعلة ويكمل المؤلّف دراسته للإحاطة بالشّخصيّة من حيث قدرتها على الإنتاج والفعل وممارسة التّأثير في الآخرين، مع البقاء في نطاق الشّروط السّويّة والصّحّة النّفسيّة؛ فيتناول في الفصل السّادس الصّفات التّكوينيّة للطّباع، والنّماذج التي ترافقها؛ فهناك الانفعاليّون الذين يتصرّفون بوحي من الاضطرابات النّفسيّة والبدنيّة؛ والفعّالون الذين يتصرّفون تصرّفاً فعّالاً، ويبقون على القصد مندفعين من دون اكتراث للعوائق؛ والانطباعيّون الذين يتصرّفون وفق انطباعاتهم بترجيع قريب أو بعيد. وفي الفصل السّابع يتحدّث المؤلف عن جوانب مهمّة في الشّخصيّة كالخلق والذّكاء والمزاج والجاذبيّة النّفسيّة، والاتّصال الاجتماعيّ والقيادة و»أنّ ركائز الشّخصيّة المتوازنة: قوّة الاعتقاد، والقدوة الحسنة، والقدرة على الحبّ، وثبات الموقف، وعدم التّردّد، بالإضافة إلى الملاحظة الثّاقبة الدّائمة، والرّؤية الواضحة التي تستند إلى تحديد الهدف، ومعرفة الوسيلة النّبيلة». ثمّ انّ الشّخصيّة ليست كائناً مستقلاً، فلها اتّصال وثيق بالجسم والعقل اللّذين يتبادلان التّأثير باستمرار، ويرسمان ملامح الطّموح والتّطلّعات الشّخصيّة. الكتاب: أسرار الشّخصيّة وبناء الذّات ? المؤلف: أنس شكشك ? الناشر: دار الكتاب العربيّ ـ بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©