الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدارس فكرية عديدة والكثير من المفكرين والفلاسفة الصينيين

مدارس فكرية عديدة والكثير من المفكرين والفلاسفة الصينيين
17 يونيو 2009 02:41
من المعروف أن الصين القديمة تميزت بعدد كبير من الحكماء، وشاعت فيها الحكمة شيوع الشعر في العالم العربي. ويعتقد الباحثون في الثقافة الصينية بوجود الشعر في مرحلة مهمة من الحضارة الصينية، لكن واحدا من حكامها أمر بحرق الكثير من الكتب ومنها كتب الشعر. ومن الجيد أن يكون البعض استطاع جمع شذرات من الحكم الصينية وترجمتها للعربية، وهو ما نقرأه هنا. فضمن مشروعها «ترجم»، وفي إطار سلسلة «الحكماء يتكلمون»، أصدرت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالتعاون مع الدار العربية للعلوم ناشرون، عددا من كتب الحكمة الصينية، تعود لحكماء الصين القدماء، ولكن من دون ذكر لاسم المترجم. من بين هذه الكتب واحد لأحد الحكماء والقادة العسكريين هو سون تسي الذي عاش في أواخر الفترة المعروفة بـ «فترة الربيع والخريف» الممتدة من 481 إلى 722 قبل الميلاد. وقد نال لقب «تسي» لانتصاراته في معاركه. هذه الفترة تميزت بكونها فترة ذهبية للفكر الصيني القديم، حيث بزغت وتبارت خلالها- كما جاء في مقدمة الكتاب «مدارس فكرية عديدة، والكثير من هؤلاء المفكرين الحكماء اقترنت أسماؤهم باللاحقة اللفظية الشرفية «تسي»، حيث شملت تلك المدارس المدرسة الطاوية، والمدرسة االكونفوشيوسية، والمدرسة الموهية، والمدرسة المنطقية، والمدرسة الشرائعية، والمدرسة العسكرية، وغيرها من المدارس التي لا يحصى عددها». حكمة سون تسي اكتسبها في ميادين الحرب، وهي لذلك حكمة تتعلق بالعسكر والقيادات وكيفية خوض الحروب، حيث يقدم رؤاه الاستراتيجية والتكتيكية للعالم العسكري، فهو يستخلص من تجاربه الكثير من الخلاصات القريبة من الحكمة، فهناك من مقولاته ما يتسم بالقوة والرسوخ، بينما يتسم بعضها بالعادية والتبسيط، لكن أبرز ما يبدأ به يتعلق بالمعرفة، إذ يعتقد أنه «إذا كنت تعرف كلا من عدوك ونفسك فإنك لن تنهزم في أي قتال»، وهذه حكمة لا تتعلق بالقتال العسكري فحسب، بل بكل ما يمكن أن يخوضه الإنسان من صراعات. وكذلك قوله «يكمن الخير في إخضاع العدو دون قتال». عناوين كثيرة تتناولها مقولات «تسي» وحِكَمُه العسكريتارية، حيث يتحدث عن «الملك الذي لا يعرف فنون القتال ويتدخل في قيادة الجيش» فهذا الملك «يثير شكوك الضباط والجنود»، كما يتحدث عن «الخدعة» بوصفها «أحد مبادئ فن القتال»، ويقول للقائد «عندما يواجهك عدو غاضب لمدة طويلة دوت قتال أو انسحاب، عليك مراقبته بحذر وانتباه»، وحول مكان انتشار الجيش يرى الحكيم أنه «في الغالب يجب نشر القوات في الأماكن المرتفعة.. وفي الأماكن المشمسة.. وفي الأماكن الخصبة لتسهيل التموين.. الخ». ونقرأ في السلسلة نفسها للحكيم لاو تسي حكمة ذات طابع ونكهة مختلفين، حكمة رجل أصيب بالإحباط من الجو السياسي الذي كان مسيطرا قبل 2500 سنة، فحزم كتبه على ظهر ثور واتجه نحو البراري حيث انفرد وكتب بحرية ما يجول في ضميره من حكمة مبنية على فلسفة «الداو» التي تعني «السبيل»، الهادفة إلى قيادة الإنسان نحو السلام والطمأنينة وتعليم الحكام كيف يسوسون رعيتهم، وإعادة الحضارة إلى أحضان الطبيعة. ومن هنا يعتبر لاو تسي الحكيم الذي لا تزال فلسفته مثل «شجرة خضراء باسقة». فلسفة عابرة للزمان والمكان، فهي تصلح بعد آلاف السنين للتعبير عن مواقف ومفاهيم راسخة، حيث «الطاو» في رأيه «يتحكم بكل شيء»، و»سحر الطاو وروعته لا يضمحلان»، لأن «الطاو لا يترك الأشياء ليفعلها في الآخرة ولكنه ينجز كل الأشياء في الدنيا». ومن هذه الروح الغامضة التي تلهم القوة والصبر للصينيين يستلهم لاو تسي تجارب الحياة وخبراتها العميقة، فيطل بنا على حكمة تكاد تتكرر في معظم الثقافات، لكنها تتخذ هنا شكلا ونكهة تتسم بهما الثقافة الصينية. كان لاو تسي يؤيد اللافعل، قال كونفوشيوس عنه «إنّه تنين يزأر تجاه السماء بالريح والسحاب». ولا شك أنه استفاد من أقوال كونفوشيوس، وخصوصا قوله «إذا كان تصرّف الحاكم سليماً، أطاعه عامة الشعب من دون أن يصدر إليهم الأوامر». ومن أقوال لاو تسي الشهيرة قوله «الحكيم يدير الأمور باللافعل»، و»حُكم دولة عظيمة يشبه قلي سمكة صغيرة»، و»لا كارثة أعظم من الاستخفاف بالعدوّ»، و»إذا كان الناس لا يخشون الموت، فما الفائدة من محاولة تخويفهم به؟» وسواها. الحكيم الصيني الثالث في السلسلة هو منغ تسي المولود عام 390 قبل الميلاد، لقب نفسه بتلميذ كونفوشيوس دون أن يتعلم لديه، إذ طرح مبدأ بحث الرحمة بالروح، وتنفيذها بالعدالة، فأطلق الكونفوشيوسيّون في العصور اللاحقة عليه لقب الحكيم الثاني للكونفوشيوسية، وله أقوال مأثورة منها: لا يخالف المثقف العدالة إذا كان فقيراً، ولا ينحرف عن الطريق القويمة إذا احتلّ مكانة رفيعة، ومن لا يخجل من تأخره فكيف له أن يدرك تقدّم غيره؟ وأخيرا نقف مع تشوانغ تسي الذي عاش بين (369 ـ 286 ق.م)، ولد في أسرة نبيلة فتلقى تعليماً عالياً في طفولته وشبابه، ثم عانى آلام تشتت الأسرة وسقوط الدولة وهو في سن الرشد، وقيل إن الملك وي وانج لمملكة تشو قد استقبله بهدايا سخية وقرر تعيينه في منصب الوزير الكبير بعد أن سمع عن كفاءته وأخلاقه الحميدة، لكنه رفض وقال: إنني أفضل أن أعيش مثل السلحفاة التي تزحف في مستنقع الوحل تجر ذيلها. ? الكتاب: سلسلة «الحكماء يتكلمون» ? الناشر: مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالتعاون مع الدار ? العربية للعلوم ـ ناشرون
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©