الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوحة حسن شريف.. مؤتمر صحفي وبقرة وثمار بندورة

لوحة حسن شريف.. مؤتمر صحفي وبقرة وثمار بندورة
17 يونيو 2009 02:42
عُرض في بينالي البندقية في إيطاليا مؤخرا عدد من أعمال الفنان الإماراتي حسن شريف، كما تم في مقر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة القديمة، عرض لأعمال هذا الفنان الإشكالي عبر تقنية البروجكتور. وقد نحت أعمال حسن شريف نحو الهامشي والمهمل والعادي واليومي لتلتقطه وتعيد إنتاجه وتضعه في صورة أخرى وشأن آخر، فيبدو هكذا عملا فنيا جديرا بالتأمل وخاصا ومباغتا على نحو ما لمن لا يعرف هذه التجربة من قبل. ويعكف الفنان شريف حالياً على إنتاج 3 موضوعات فنية ساخرة، تحاكي الصورة العميقة للعالم بشكل إبداعي، يثير مخيلة المتلقي، ويستفز تفكيره، وسخريته المريرة، وهذه الموضوعات التي يكرس شريف وقته لها حالياً، تعكس وعيه الثقافي، الذي يتشكل عبر لوحات تحمل هموم الإنسان في حالة ساخطة رافضة، للسطحية والاستهلاك والمظاهر البراقة الخادعة، وحسن شريف فنان له لمعان خاص في الكتابة التشكيلية بحرفية عالية، وكلما دخلت إلى خبايا أعماقه، ودنوت من أمواجه، وجدت إنساناً مسكوناً بالفن، تتأجج الجمرات الفنية في نفسه ولا يستطيع أن يفر من لهيبها، إنه يعيش بصورة شبه تامة في مرسمه بمنطقة القوز في دبي مع أشيائه ولوحاته التي كما يقول عنها: «ليست بالنصب التذكارية، ولا هي صغيرة كحجم الدبوس»، لذا يحلو له أن يسميها أشياء. إنه متأثر بالفن التشكيلي المعاصر الذي يعبر عن سمات هذا العصر وقضاياه، وقد تعرف عن قرب على عمالقة هذا الفن وأساتذته الكبار، وبذلك انعتق من مرحلة الكلاسيكية الفنية إلى مرحلة ذات أبعاد حضارية جديدة، تمثل الانفتاح على الآخر بأرقى صوره وأشكاله، وهذه التجربة التي يكرس لها شريف جل جهده ووقته، تركز على الإنسان، وعلى قيم العدالة الاجتماعية والحب، لذلك ثار على التقليد، وتحدى الصعاب، وامتلك روح المغامرة. عن آخر أعماله يقول شريف: انتجت لوحة، هي تقدير لفنان بلجيكي، أنتج أعماله الفنية في بداية القرن العشرين، اسمه جيمس إيسور، حجم هذه اللوحة متر×متر و45 سم، لوحة الفنان هي صور شخصية للفنان، محاطة بعدد كبير من الأقنعة، أما لوحتي فهي مجموعة كبيرة من الوجوه بعضها تشبه الأقنعة لكن الفنان غير موجود، لم أرسم صورة الفنان البلجيكي، لكن اسمه مكتوب تحت اللوحة، وهذا الفنان أثر تأثيراً كبيراً في القرن العشرين. كما أنني أقوم بإنتاج لوحات بأحجام كبيرة، ومواضيع مختلفة، وكل موضوع من 10ـ12 لوحة، بألوان زيتية، وهذه الموضوعات بدأتها ب»مؤتمر صحفي» وهي مجموعة شخوص أمامهم ميكروفونات يتحدثون عن وعود كاذبة، على مستوى العالم، وهناك مجموعة أخرى أسميتها «ما بعد المؤتمر الصحفي» حيث يظهر الرجل الأنيق الذي كان مرتدياً ربطة عنق خلال المؤتمر الصحفي واقفاً وعلى يده بطة، هو يعتقد أنه مهم، لكنه ليس كذلك، حيث كان الجاكيت بدون أزرار، أما اللوحة الأخيرة فهي عبارة عن بقرة وأمامها ثمار البندورة، وبالتالي فإن روث البقرة سيكون من بذور البندورة، أي أن هذه المؤتمرات الصحفية الكاذبة في جميع أنحاء العالم في وقتنا الحاضر تساوي روث البقر. السخرية من الواقع ويفسر شريف النظرة التهكمية التي تعتري أعماله فيقول: هذه النظرة تمثل رؤيتي الخاصة وحالتي الفكرية، ولها علاقة بتاريخي الثقافي، وهي خلاصة ما أنتجت منذ عام 1970 حتى الآن، حيث كنت في حينها أرسم الكاريكاتور، وما زلت منشداً إلى تلك النظرة التهكمية من خلال لوحاتي، وهذا لا يعني أنني سوف أتوقف بعد عرض هذه اللوحات، فأنا مستمر ومستمر ومستمر. وعن رؤيته إلى الفنانين الجدد يقول: الفنانون الجدد يعيشون في زمن مختلف، تحول العالم فيه إلى قرية صغيرة، وتطورت أدوات التعلم والتلقي والتوصيل، وهناك انفتاح كبير بين الفنانين في مشرق الأرض ومغربها، لذا لا بد لهؤلاء الفنانين من التقدم خطوة، إن لم نقل خطوات كبيرة إلى الأمام، وهذا يعني الانفلات من سيطرة التقليد، أما بالنسبة لي فإنني أحد الأشخاص الذين يساهمون في نهضة التجربة التشكيلية الإماراتية، والحكم على هذه التجربة في بعديها الذاتي والعام يعود للمتذوقين والنقاد. وبالنسبة إلى مشاركة الفنانين الشباب في غاليري إلمينتا بالمنطقة الحرة في مطار دبي، يقول: هؤلاء الشباب عددهم عشرة طلاب، وهم طلبة من الجامعة الأمريكية، وجامعة زايد، وكلية الفنون في الشارقة، وجميع أعمالهم مهمة وجميلة جداً، ولا بد لي من أن أشكر المسؤولة عن هذا المعرض وهي الفنانة التشكيلية مهناز، على اختيارها لهؤلاء الشباب، متمنياًَ من جميع الغاليرات أن تحذو حذوها في أن تتيح للفنانين الشباب فرصة الظهور، والتعبير عن ذواتهم في المعارض الفنية. الغاليرات الفنية ويعتبر شريف أن للغاليرات الفنية دور مهم جداً في إبراز الفنان عن طريق عرض أعماله، ومجرد أن يعرض العمل في الغاليري فإنه يتحول من عمل شخصي إلى ملك جماعي، وبذلك يكون للفنان أثر كبير داخل المجتمع تتيح له المشاركة في صياغة المستقبل وصنع الحياة، وفي الواقع فإن غاليري إلمينتا مهم جداً، ومديرته أيضاً مهمة في ساحتنا، وذلك باختيارها أعمال مجموعة الشباب وعرضها في الغاليري، يوجد في الدولة من 20ـ 30غاليري، لا أحد منها يهتم بالمشاركة الشبابية. ويتحدث شريف عن تجربتي الفنانتين الإماراتيتين فاطمة لوتاه وليلى جمعة، فيقول: فاطمة لوتاه بدأت تشارك في المعارض منذ العام 1972، وهي فنانة مهمة، لها رصيد وافر من الأعمال الفنية المميزة التي أثرت الساحة الفنية، وعبرت عنها على المستوى الدولي، وحالياً موجودة في إيطاليا، حيث تعيش متنقلة بين دبي وإيطاليا. أما ليلى جمعة فقد شاركت في بينالي سنغفورا، وهي مسألة مهمة جداً بالنسبة للإمارات، كما أن الحكومة اليابانية كلفت ليلى جمعة عن طريق شخص مهم جداً هو (فوميونانجو) وهو مدير إحدى المتاحف بطوكيو الذي حضر إلى الإمارات، وزار فلامنج هاوس، حيث اختار ليلى جمعة للمشاركة في بينالي سنغفورا، وقد وافقت الحكومة اليابانية على تنفيذ عمل ليلى الفني في عدة أماكن عامة في اليابان، وهذا رصيد مهم جداً. وأوضح أن ليلى جمعة مهندسة معمارية، تشتغل في وزارة الصحة بقسم الهندسة، وموجودة حالياً في إسبانيا، لأن لجنة من الحكومة الإسبانية ليلى جمعة اختارتها كي تكون موجودة في إسبانيا لمدة ستة أشهر، لإنتاج مشاريع فنية، وكذلك يوجد عدد من الفنانين الإماراتيين. وعندما تطرح مسألة الأصالة والمعاصرة في الفن التشكيلي، يجزم شريف أنه لا بد أن تتغير طريقة الحديث عن قضايا التراث والهوية إلى مفهوم جديد، ذلك أن البحث عن الهوية لا يحتاج إلى نواطير، والمحافظة على تراث الفنان لا يلزمه حراس، لأن هوية الفنان لا يسرقها أحد، والأصالة متأصلة في كينونة الإنسان نفسه، وفي أي فرد يعيش الحياة المعاصرة، وهذا هو المقياس الذي أقيس فيه الفن المعاصر، يحتاج إلى معايير معاصرة، وأعمال الفنانين المعاصرين لها علاقة وثيقة الصلة بهوية الفنانين، وتراثهم، وتقديم هذه العناصر بأسلوب ومعايير معاصرة، فهم لم يبتعدوا عن الهوية، بل يؤكدون على هذه العناصر وهي الهوية، والتراث، والعولمة، حيث وجدتها واضحة جداً جداً في أعمال الفنانين المعاصرين. التسويق الفني ويعرب شريف عن اهتمامه بتسويق الأعمال الفنية، خاصة أن سوق الفن يشهد انتعاشاً ملحوظاً في ساحتنا المحلية، ويجب على الفنان أن ينتبه لهذه الظاهرة، وهي ظاهرة مهمة وإيجابية وحضارية، وفي ضوء ذلك على الفنان أن يكون ذكياً وحذراً ويقوم ببيع أعماله، كي تقتنى من قبل المؤسسات الثقافية والأفراد في المجتمع. وعن توجه دولة الإمارات لإنشاء متاحف فنية خاصة بالفنون الجميلة، يقول: هذا واجب من واجبات الدولة أن تهتم وتعتني وتحافظ على الأعمال الفنية لفنانيها، لأن جميع دول العالم المتحضرة تفعل ذلك، والفن مهم جداً لكل الحضارات، ومن خلال الفن نستطيع التواصل مع الآخر، لأن عدم وجود الفن والفنان والاهتمام بهما معناه أن هذا المجتمع لا يأخذ خطوات سريعة إلى الأمام. ويضيف: الإسمنت والزجاج والحديد والأحجار الكبيرة والألمنيوم وجميع مواد البناء تركض بسرعة كبيرة جداً إلى الأمام، ولا بد أن يتحرك وعي الإنسان في هذا المجتمع من أجل موازاة هذه السرعة الكبيرة والإيجابية في مختلف الميادين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©