الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات صغيرة تعزف على أوتار الذكريات

حكايات صغيرة تعزف على أوتار الذكريات
17 يونيو 2009 02:43
في طفولة كل منا حكاية صغيرة.. طمستها الأيام وأخفت معالمها ظروف الحياة بحلوها ومرها.. إنها قصة الحب الأول.. وتفتح المشاعر الصادقة المفعمة بالأمل والرغبة والطموح.. هكذا أخذنا الفيلم السينمائي الجديد «يوم ما اتقابلنا» إلى قلب الموضوع مباشرة وقبل كتابة الأسماء نرى الولد منهمكا في الرسم واللعب بالطائرة الورقية.. والبنت تسير بجواره على سور الكورنيش فاردة ذراعيها وكأنها تحلم بالطيران.. ويظهر «صندوق الدنيا» ويندفع نحوه الصغيران ليتابعا العالم الخيالي.. وفي لغة سينمائية شاعرية تطير الصورة من يد الولد لتسقط على صفحة النيل وتذوب الشخصيات والذكريات وتبدأ أحداث الفيلم. القصة كتبتها تغريد العصفوري وسيناريو وحوار زينب عزيز وإخراج اسماعيل مراد في رابع أفلامه الروائية الطويلة والبطولة لمحمود حميدة ولبلبة وعلا غانم وغادة ابراهيم وسيف عبدالرحمن وإنعام سالوسة وراندا البحيري وأحمد عزمي ومحمد نجاتي والطفل هادي خفاجي. الفيلم بدأ عرضه الجماهيري بالقاهرة بعد مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة. تحولت الطفلة إلى امرأة ناضجة في منتصف العمر «زينب» لبلبلة زوجة وأم لثلاثة أطفال تبدو وكأنها راضية ومستسلمة لظروفها فهي تشعر بحب زوجها «ابراهيم» سيف عبدالرحمن وتعيش حياتها لتلبية طلبات الجميع التي لا تتوقف ولا تشعر بالضيق لأن شقيقة زوجها «نجوى» غادة إبراهيم انتقلت للإقامة معهم وتتابع بحب إعداد حقيبة «حمادة» محمد نجاتي ابن زوجها الذي يستعد لرحلة مع أصدقائه. ووسط صخب الحياة والابناء تتابع «زينب» عن بعد أخبار «يوسف» محمود حميدة رفيق الطفولة والصبا والذي اصبح نجما سينمائيا شهيرا وعبثا تحاول الحصول على لحظات تنفرد فيها بنفسها فهي لا تتمكن من الاستمتاع بسماع أغنية لفيروز حيث يطغى الضجيج بالمنزل لأسباب عديدة. وتنقلنا الأحداث الى عالم «يوسف» النجم السينمائي الذي تربطه علاقة عاطفية مع شابة هي «راندا البحيري» التي تقترب من عمر ابنه وتكتشف أن «يوسف» يعيش حياته وحيدا بعد تجربتي زواج الأولى من ايطالية هي أم ابنه الكبير والثانية من ممثلة طموحة لم تحقق الشهرة هي علا غانم وهي أم ابنته الثانية. وتبدو حياة «يوسف» باردة حتى علاقته العاطفية يقرر أن ينهيها عندما تطالبه الفتاة بالزواج. ويتوجه «يوسف» ليودع ابنه الشاب الذي قرر السفر للخارج ويحمل له هدية يتصور أنها ستسعده وهي صورة قديمة تجمعهما يأخذها الابن بفتور وهو يردد أنها ليس لها مكان في حقائبه وفي الطريق تسقط الصورة. وبينما يمضي الابن في طريقه يردد «يوسف» حتى لو انت مش محتاج لي.. أنا محتاج لك. ويتلقى «يوسف» رسالة هاتفية تبلغه بموعد تصوير بعض المشاهد في الحي الذي عاش فيه طفولته وبدايات شبابه ويذهب الى مكان التصوير ليستعيد جانبا من ذكريات الماضي ويبدأ تذكر الأشخاص وتتابع «زينب» أعمالها المنزلية وتسقط قطعة ملابس من يدها وهي تضعها على حبل الغسيل وتسرع لاستعادتها وتأخذ معها ميدالية المفاتيح وفجأة تلتقي «يوسف» الذي يراها كطيف في مرآة سيارته ثم ينزل ليصافحها وتشعر «زينب» بالحرج من ملابسها ومظهرها وتحاول العودة سريعا الى منزلها لكنها تكتشف أنها أخذت ميدالية مفاتيح خاطئة ولا تتمكن من دخول شقتها وتقرر الذهاب الى جارتها في المنزل المقابل «ام نصيف» انعام سالوسة والتي أصبحت تقيم بمفردها مع الشغالة الصغيرة بعد ان سافر أولادها وتركوها تعاني الوحدة والشيخوخة. وفجأة يطرق الباب «يوسف» الذي جاء يحمل علبة كعك لجارته القديمة «أم نصيف» ويفاجأ بوجود «زينب» مرة أخرى ويتورط الاثنان في مغامرات «أم نصيف» ويسترجعان معها ذكريات الماضي الجميل ويتعاطفان معها وكأن كلا منهما يخشى على نفسه نفس المصير وينسى «يوسف» و»زينب» نفسيهما ويقضيان اليوم مع الجارة العجوز ويتنقلان معها لزيارة شقيقتها في دار المسنين وهناك تعرف أن شقيقتها ماتت قبل سنوات وأنها حضرت بنفسها مراسم الدفن وبعد يوم طويل مليء بالمشاعر والمواقف الطريفة والتحرر من الالتزامات يعود الثلاثة كل لحياته لكن يبدو أن هذا اليوم ليس ككل الأيام فهو يحدث تأثيرا في حياة كل منهم «زينب» تجد أسرتها كلها ملهوفة عليها ويصبح لديها جديد ترويه لهم بعد أن كانت حياتها تمضي في رتابة وملل كذلك «يوسف» يعيد النظر في حياته ويأخذ بنصيحة «زينب» ليستأنف حياته مع زوجته السابقة «علا غانم» بدلا من الوحدة.. ونجحت السيناريست زينب عزيز في تحقيق اللقاء مع الماضي بلغة شاعرية ومن خلال تسلسل منطقي مقبول حيث تتقابل «زينب» و»يوسف» رغم أن كلا منهما أصبح ينتمي الى عالم مختلف وبعيد عن الآخر. ومن خلال نقلات سريعة وتقطيعات متوازية حققت المونتيرة منار حسني ايقاعا رشيقا متلاحقا للاحداث واستطاع المخرج اسماعيل مراد أن يعبر عن فكرة الفيلم وحنين الشخصيات للماضي بلغة فنية ثرية بالدلالات الدرامية لكنه ركز على «زينب» وجعل باقي الشخصيات تدور حولها. وتناغمت لمسات الديكور لتعبر عن التباين بين المستوى المتواضع والدافئ لمنزل «زينب» ومنزل النجم الشهير «يوسف» الذي يتسم بالفخامة والبرود ولعبت الإضاءة والصورة السينمائية التي رسمها مدير التصوير رمسيس مرزوق دورا مؤثرا في التعبير عن المشاعر المتباينة التي تضمنتها الأحداث وانسجمت الموسيقى التصويرية مع التنقلات وطبيعة الأماكن والشخصيات. أداء» لبلبة» تميز بالصدق، خاصة في لحظات الصمت التي عبرت فيها ببراعة عن معان متعددة واستطاعت أن تعكس بوجهها وصوتها وحركات جسدها أعماق شخصية «زينب». وسجل محمود حميدة بأسلوبه المتميز وأدائه الجذاب الهادئ، دورا مليئا بالمشاعر بلا مبالغة وكشفت علا غانم عن قدراتها كممثلة تجيد كل الأدوار رغم مساحة دورها المحدودة واستطاعت غادة إبراهيم أن تعبر عن معاناة الزوجة المطحونة بين ضغوط الحياة المادية وغياب الزوج أما إنعام سالوسة فقد تألقت في واحد من أجمل أدوارها من خلال دور «أم نصيف» الجارة العجوز المريضة التي تعاني هجرة الأبناء والوحدة. ورغم أن فكرة الفيلم تبدو بسيطة فإن جرعة المشاعر جعلته حالة خاصة كما استطاع المخرج أن يجمع عددا من الأسماء المميزة مثل علا غانم وأحمد عزمي ومحمد نجاتي وراندا البحيري في أدوار صغيرة تذكرنا بأفلام زمن الفن الجميل حيث أضافوا للصورة السينمائية مزيدا من الصدق والجاذبية. «زمن الرفاق» يدخل إلى صراعات الحركة الطلابية المغربية إنجاز منسوج بحرفية وإتقان سكينة اصنيب أثار فيلم «زمن الرفاق» الذي يعرض حاليا في القاعات السينمائية بالمغرب جدلا واسعا بين النقاد بسبب موضوعه الذي يتحدث عن الحركة الطلابية والتيارات الفكرية والسياسية التي أثرت فيها، في فترة التسعينات التي شهدت حراكاً كبيراً وتحولات عالمية مهمة، وأثارت معالجة المخرج محمد الشريف الطريبق للنقاش داخل الساحة الطلابية بين التيار الإسلامي والتيار الماركسي والصراع الخفي بينهما جدلا واسعا بين النقاد الذين اتهموا المخرج بمحاولة فرض رأيه على أحداث واقعية وتمجيد فصيل طلابي على باقي الفصائل والانتصار للتيار الماركسي وانتقاد أطروحات وآراء التيارات الأخرى. وبينما قال بعض النقاد إنه كان ينبغي على المخرج أن يكون أكثر حيادية، اعتبر آخرون أن طرح المخرج جريء وانحيازه للحركة الطلابية الماركسية كان منسوجاً بحرفية وبإتقان، فيما وجد آخرون أن انحياز المخرج جاء على حساب أحداث ووقائع حيث إن الحركة الطلابية المغربية تأثرت في فترة التسعينات بالصراع الحاد بين هذين التيارين وحوّل النقاش حولهما حرم الجامعة إلى حلبة لفرض الوجود واستقطاب الطلبة، فكان التيار الإسلامي أكثر استقطابا وتواجدا من التيار الماركسي الذي انحسر وجوده. لكن النقاد أشادوا بالفيلم باعتباره أحد الأفلام المغربية القليلة التي تتجرأ على التطرق لهذه الفترة الحساسة ولهذا الموضوع من خلال المزج بين الدراما السياسية المباشرة والكوميديا السوداء. حصد الفيلم عدة جوائز أهمها جائزة «سينما تتحرك» بمهرجان سان سبستيان بإسبانيا، وجائزة العمل الأول بمهرجان طنجة المغربي، وجائزة الجمهور بمهرجان تطوان المغربي كما عرض في أفلام المسابقة الرسمية الروائية لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي بأبوظبي. تحولات وصراعات وقصة حب اختار المخرج فترة التسعينات التي شهد فيها العالم تحولات كبرى، جعلت الكثيرين يعيدون النظر في قناعاتهم الأيديولوجية كنقطة انطلاق أحداث الفيلم، وحاول المخرج أن يحيط بجميع أحداث المرحلة ومرجعياتها الفكرية والسياسية وأجوائها النفسية، وكيف حولت هذه الأحداث الجامعات إلى حلبة صراع شهدت سجالا طاحنا تجاوب الطلاب معه وانقسموا إلى تيارات مختلفة. ومن رحم هذه الأحداث تولد قصة حب بين الطالب الجامعي سعيد وزميلته الحسناء رحيل التي اختارت الانخراط في الحركة النضالية للطلاب رغم معارضة عائلتها، أما سعيد فكان سلبيا محبطا ومنعزلا عن كل ما يحدث في الجامعة إلى أن تأثر بالحياة الثورية التي فرضتها عليه حبيبته فتحول إلى شخص آخر وأصبح يلعب دور البطولة في مواجهة التيارات الأخرى التي تحاول السيطرة على الاتحاد العام لطلاب المغرب. وأصبح الحب في حياة سعيد الشعلة التي أوقدت الثورة وشجعته على أن يصبح أحد زعماء الحركة الطلابية، وحاول المخرج أن يرصد تطور شخصية سعيد حيث نتابعه في بداية الفيلم وهو منزو عن الساحة الطلابية ومجرياتها رغم قدراته الكبيرة على السجال الأمر الذي يدفع الطلبة من الحركة اليسارية إلى محاولة استقطابه دون جدوى، لكن بعد أن يتعرف سعيد على زميلته رحيل المنخرطة في الحركة الطلابية وبعد معركة سيخوضها ضد ثلاثة شبان للفوز بقلبها، يبدأ سعيد في التغير والتطور الأمر الذي سيعجل بالتحاقه بالحركة الطلابية وتزعمها من أجل إثارة انتباه رحيل ونيل ودها. وفي خضم الأحداث والأجواء المشحونة بالمواجهات والنقاشات السياسية والأيديولوجية التي سادت الجامعة المغربية خلال تلك الفترة يجد سعيد نفسه وقد تورط في الحياة النضالية الجامعية ورغم أن حبيبته رحيل ستقرر في النهاية مغادرة الجامعة وقطع علاقتها مع سعيد إلا أن هذا الأخير يواصل النضال متحديا زحف التيارات الأخرى وانحصار المد اليساري في الجامعة المغربية. مذكرات طالب تتحول الى فيلم وظف المخرج الكثير من مشاهد الاضرابات والمسيرات التي تؤرخ لأحداث سياسية شهدتها الساحة العربية في تلك الفترة، ونجح في تقديم الجانب الرومانسي العاطفي والمزج بين العام والخاص، بين العاطفي والثوري، بين الصراع على حب فتاة والمواجهات بين التيارات الطلابية. وتدور أحداث الفيلم بمدينتي تطوان ومارتيل وتحديدا في الحرم الجامعي حيث حاصر المخرج شخوصه في إطارات مغلقة بين الكلية والحافلة والمنزل في عالم منفصل تماما عن الحياة الاجتماعية القريبة منهم ,كناية عن الحصار الأمني الذي يطالهم. واقتبس المخرج قصة فيلم «زمن الرفاق» من مذكرات للحركة الطلابية في التسعينيات، وقد دافع عزيز قنجاع صاحب مذكرات الفيلم عن الانحياز لتيار ضد آخر وقال إنه من الطبيعي أن يكون الفيلم منحازا وليس موضوعيا تماما فهو يتكلم من منظور رؤية شخصية أو تجربة خاصة، واعتبر أن الانحياز كان محتما لأن الفيلم يعالج وجهة نظر تاريخية لمسار طلابي معقد لا توجد فيه مواقع الوسط، وأضاف أن «الفترة من 1989 الى 1994 كانت القنطرة التي حملت العالم الى حالته الجديدة الراهنة ففيها كان انهيار جدار برلين وغزو الكويت من طرف نظام البعث بالعراق واكتساح جبهة الإنقاذ الجزائرية والانتخابات البلدية وما رافق ذلك من انقلاب على نتائجها وبداية مسلسل الدم بالجزائر وأيضا تزامنت مع إعلان تفكك الاتحاد السوفييتي وظهور القوى الإسلامية كقوة موحدة تطمح للسيطرة على اتحاد طلبة المغرب بجميع الأشكال وعرفت أيضا مسلسل مدريد الذي سيعطينا أوسلو وتراجع المد القومي ومسلسل المشاورات حول التناوب السياسي بالمغرب وانهيار نظام الابارتايد ودخول الحركات اليسارية بأميركا الجنوبية في المفاوضات حول التداول الديمقراطي للسلطة». ويلعب أدوار البطولة في فيلم «زمن الرفاق» مجموعة من الممثلين الشباب، يقف أغلبهم لأول مرة أمام الكاميرا، لكنهم استطاعوا تجسيد شخصياته بإقناع وتميّز كفرح الفاسي، ومحمد عسو، ونعمة بن عثمان، ومنال الصديقي، وياسين الفرجاني، وفاطنة الخماري، وعقبة ريان وآخرون، ويونس عصاص ونعمة بنعثمان وعزيز بوزكري، سيناريو وحوار محمد الشريف الطريبق وهشام فلاح عن مذكرات عزيز قنجاع اخراج محمد الشريف الطريبق. وحظي الفيلم الذي يعرض حاليا في القاعات السينمائية بالمغرب بعد مشاركته في عدة مهرجانات سينمائية محلية ودولية وتتويجه بعدة جوائز، بإقبال جماهيري كبير حتى أن بعض النقاد اعتبروا أن منح الفيلم جائزة الجمهور في مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط في دورته الخامسة عشرة، وهي الجائزة التي أحدثت لأول مرة في هذه الدورة، جاء لإرضاء الجمهور الذي حضر عرض الفيلم ففسر بعض النقاد ذلك بأن الجائزة استحدثت خصيصا للفيلم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©