الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وصمة التعذيب

17 يونيو 2009 02:55
في الوقت الراهن الذي يحتل فيه ديك تشيني، ومذكرات التعذيب السيئة السمعة، صدارة الصفحات الأولى في الصحف، تواجه أمتنا خياراً صعباً هو: هل تحاكم، أم تحمي، المسؤولين عن تعذيب المعتقلين في مراكز الاعتقال السرية التابعة لـ «السي. آي. إيه»؟. وإذا أراد قادتنا إعادة توجيه بلدنا مرة أخرى إلى الجانب الصحيح من القانون، فيجب عليهم العمل فوراً وبشكل قاطع، على محاكمة هؤلاء المسؤولين. المشكلة هي أن كبار أعضاء مجلس الشيوخ يريدون من لجنة الاستخبارات التابعة للمجلس القيام أولا باستكمال تحقيقاتها المتعلقة بأساليب معاملة واستجواب المعتقلين (تستغرق فترة تتراوح مابين أربعة إلى ستة أشهر)، وتقديم تقرير بذلك قبل الشروع في إجراء أي تحقيق، وهو ما قد يعرضنا لخطر انقضاء الوقت المحدد لإجراء أنواع معينة من المحاكمات. والحقيقة هي أنه لا يوجد ثمة داع للانتظار بدون داع، خصوصاً إذا توافرت أدلة عديدة على أن الإدارة السابقة قد ابتدعت، ووافقت، ونفذت سياسة للتعذيب. وعلى الرغم من أن تقرير لجنة الاستخبارات التابعة للمجلس، قد يتيح في خاتمة المطاف بعض المعلومات القيمة عن هذا الموضوع، فإن تلك المعلومات في حد ذاتها لا تكفي لأن تكون بديلا للتحقيقات الجنائية المطلوبة لتلك المحاكمات. كذلك فإننا إذا أخذنا في اعتبارنا الاحتمال القائل إن اللجنة ذاتها ربما تكون قد تواطأت في موضوع السماح باستمرار التعذيب، فإننا يجب ألا نتوقع في هذه الحالة أن يأتي تقريرها بجديد. وعندما ألغى أوباما مذكرات التعذيب عند تسلمه لمهام منصبه، فإنه في الحقيقة قام بخطوة أولى مهمة نحو إصلاح الضرر الذي تسببت فيه الإدارة السابقة، وبالذات فيما يتعلق بالتزام بلدنا بحقوق الإنسان، وحكم القانون، وإن كان يلزم الإشارة في هذا السياق أيضا إلى أن البيان الصادر عن الإدارة في شهر إبريل الماضي بشأن التنازل عن محاكمة عملاء الـ«سي.آي.إيه» الذين نفذوا عمليات التعذيب يمثل في حد ذاته خرقا للقانون الدولي، ويذهب بعض المنتقدين إلى أن إجراء تحقيق شامل في هذه المسألة قد يجعل الشعب الأميركي يقف مع التعذيب في نهاية الأمر، وهو ما قد يقود إلى احتمال أن تؤدي محاكمة المسؤولين إلى نتائج عكسية من الناحية السياسية. ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن المعاهدة الدولية ضد التعذيب المتبناة من قبل الولايات المتحدة عام 1994، تلزمها بمحاكمة أي شخص مسؤول عن التعذيب، على امتداد سلسلة القيادة بدءاً من القاعدة وصولا إلى مستوى المسؤولين الحكوميين الذين أصدروا التفويض بإجراء التعذيب. ولعلنا نذكر هنا أن أوباما نفسه قد أدلى بتصريح في شهر إبريل الماضي قال فيه:» أنا ممن يؤمنون إيماناً راسخاً بأنه يتعين علينا النظر إلى الأمام لا الخلف، وبأن نذكر أنفسنا بأن هناك تهديدات أمنية حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى في انتظارنا». وفي الفترة نفسها تقريبا قال أوباما»: ليس هناك أحد فوق القانون، وإذا ما كان هناك دليل قوي على وقوع خطأ ما، فإن مرتكبي هذا الخطأ يجب أن يحاكموا مثلهم في ذلك مثل أي مواطن عادي، فليس هناك استثناء في القانون». ولم يكتف أوباما بذلك بل أمر بإجراء تحقيق حول ما إذا كان ستة من محامي إدارة بوش قد أقاموا إطاراً قانونياً يمكن من خلاله السماح بالتعذيب. لقد وعدت إدارة أوباما ببدء عهد جديد من التعاون والاحترام الدوليين، وهي الآن تواجه أول محك حقيقي لصدقية خطابها. فإذا أخفقت في مقاضاة المسؤولين عن التعذيب، فإننا يمكن حينئذ أن نضم أنفسنا إلى قائمة الدول التي طالما انتقدناها لأنها تضع الاعتبارات السياسية فوق اعتبارات العدالة والمساءلة من خلال عدم معاقبتها للجناة وتركهم أحراراً. ويجب علينا ألا ننسى أن سياسات الإدارة السابقة -بالإضافة إلى الضرر الذي ألحقته بمكانة أميركا في العالم - قد جعلت الأميركيين أقل أماناً من خلال توفير المبررات التي يستخدمها الإرهابيون لتجنيد المزيد من الأفراد الجدد، وهو ما يجعل أوباما مطالباً بإظهار ما يثبت أن تلك الإساءات لن تستمر بعد ذلك. لاري كوكس مدير منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©