الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتانياهو و«السلام»

18 يونيو 2009 02:02
أكثر التعليقات والتحليلات السياسية التي سبقت خطاب نتانياهو الذي ألقاه في (معهد السادات - بيجين)، يوم الأحد الماضي لم تكن متفائلة. وكثيرون كانوا لا يتوقعون أن يأتي رئيس الحكومة الإسرائيلية «اليمينية» بجديد يستجيب - ولو قليلا - لأبرز النقاط التي ركز عليها أوباما خلال خطابه التاريخي في القاهرة بخاصة مطالبته الحكومة الإسرائيلية إيقاف بناء المستعمرات في الضفة، والتي اعتبر أن إيقافها سيشكل نقلة جديدة، ويمهد الطريق إلى مشروع إدارته لبداية جديدة على طريق السلام الحقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويدفع المجتمع الإسرائيلي لدعم رؤيته التي تندرج ضمن ما أسماه بحثه على بداية جديدة للعلاقات بين الإسلام والولايات المتحدة وبالتبعية مع الدول الغربية. ولعل أوباما يدرك - حتى قبل انتخابه، وقبل تسلم نتانياهو لرئاسة الوزارة، أن حكومة إسرائيلية برئاسة الأخير سيكون التعامل معها، وفق رؤيته الجديدة للعالم وللعلاقات مع الإسلام والمسلمين والعرب سيكون أمراً صعباً ومحفوفاً بكثير من العقبات والمخاطر. ولعل قناعته تلك (كما جاء له في حديث صحفي أثناء حملة انتخابات الرئاسة الأميركية)، قد زادت رسوخاً بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض الشهر الماضي. والمتخوفون والمتشائمون من عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، يعرفون أن نتانياهو والأحزاب «اليمينية» المتطرفة التي تشكل معه الائتلاف، كانوا دائماً أشد وأكثر الإسرائيليين تطرفاً ورفضاً لقيام دولة فلسطينية «حقيقية» إلى جانب إسرائيل ومن بينهم - مثلا - حزب أرض إسرائيل الذي ما يزال يعيش حتى اليوم في إسار أسطورة تاريخية، لم يعد يؤمن بوجوده حتى الكثير من الإسرائيليين في القرن الحادي والعشرين، لذلك عندما حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه يوم الأحد الماضي شروطاً مسبقة للاعتراف بدولة فلسطينية (لها علمها ونشيدها الوطني كما قال) وضع العقبات والعراقيل أمام المفاوضات التي يجب أن تبدأ بينه وبين الفلسطينيين كما قال باعترافهم - واعتراف العالم من حوله - (بأن إسرائيل دولة يهودية) وأن لا تراجع عن أن القدس هي عاصمة الدولة اليهودية، وأن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح، لأن إسرائيل لا تقبل أن تكون إلى جانبها دولة تشكل قاعدة للإرهاب ولتهديد أمنها الوطني. أما المستعمرات التي طالبه بإيقاف بنائها، فالموقف الغامض حولها أقل ما يقال عنه إنه سيكمل بناءها من دون التزام بعدم زيادة عددها. سيحتاج العالم وخاصة الفلسطينيين والعرب لبعض الوقت لهضم وفهم حقيقة سياسة نتانياهو ورغبته في تحقيق السلام معهم. أما حديثه الذي حاول فيه استعادة حديث السادات قبل زيارة إسرائيل «التاريخية» بأنه مستعد أن يسافر إلى السعودية ولبنان وسوريا... الخ لتحقيق السلام فهو من نوعية التلاعب السياسي بالكلمات. فهو يعلم سلفاً أن ليس هنالك أي من الدول التي ذكرها مستعدة لدعوته والجلوس للتفاوض معه تحت مظلة الشروط التعجيزية التي حددها في خطابه. صحيح أن طريق السلام التاريخي بين العرب والإسرائيليين شاق وطويل، وصحيح أن طريق التفاوض يحتاج إلى زمن ومقدرات بشرية نادرة. لكن ما لم تتغير العقلية التي تتحكم في سياسية وساسة إسرائيل ومواقفهم من العرب حتى مواطنيهم الإسرائيليين العرب من مسلمين ومسيحيين ، فإن روح الأمل التي أحيتها كلمات أوباما في القاهرة، وحلمه الإنساني بالسلام لم يحن أوانهما بعد. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©