الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زكي نسيبة يقدم ملامح من تاريخ القدس في محاضرة بدبي

زكي نسيبة يقدم ملامح من تاريخ القدس في محاضرة بدبي
19 يونيو 2009 00:26
أقامت ندوة الثقافة والعلوم بدبي مساء امس الاول ضمن احتفالها بالقدس عاصمة الثقافة العربية 2009 محاضرة بعنوان «ملامح من تاريخ القدس» قدمها الدكتور زكي نسيبة، المستشار بديوان الرئاسة، نائب رئيس هيئة ابوظبي للثقافة والتراث. وقدم المحاضر بلال البدور المدير التنفيذي لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، الأمين العام لندوة الثقافة والعلوم. وفي بداية المحاضرة عبر نسيبة عن مرارته من أوضاع القدس الراهنة، التي بين للحضور أنها مسقط رأسه وحاضنة التاريخ والتراث لمكونات هويته الشخصية، وتشغله بها ذكريات طفولة لا تزال ماثلة في مخيلته وكأنها مرآة عاكسة لحياته اليومية الحاضرة تعصف به شجونها وتحديدا وهو يراها تضمر في محيط اسرائيلي متسلط يحاول فرض واقع جديد بالقوة عن طريق تفريغ ساكنيها المسلمين والمسيحيين وطمس آثارها ومعالمها الاسلامية والمسيحية والحضارية التي قال انها كانت ولا تزال تشكل جزءا رئيسا من تاريخ الامة العربية والاسلامية. وقال ان القدس ورغم أنها تعد مركزا محوريا بالنسبة للبشرية.. اهل الكتاب فيهم بشكل عام والعالمين العربي والاسلامي بشكل خاص، الا انها لم تتعرض خلال القرون الطويلة القاسية التي مرت عليها التي شهدت تدميرها واعادة بنائها اكثر من 18 مرة، الى محنة وجودية تهدد مكونات ثقافتها وحضارتها وهويتها البشرية بالشكل الذي تتعرض فيه اليوم تحت كابوس الاحتلال الاسرائيلي. لافتا الى محاولات الاسرائيليين بتغيير معالم المدينة المقدسة عبر تهويدها وطرد اهلها العرب مسلمين ومسيحيين واحلال اليهود مكانهم لفرض امر واقع ديموغرافي جديد ينفي تاريخها العربي العريق ويجعلها حكرا على احد الاديان الثلاثة دون غيره من هذه الاديان. واستعرض في هذا السياق تجربة شخصية وصفها بالمريرة والمروعة، وذلك حينما قام للمرة الاولى بعد اربعين عاما، بزيارة الضفة الغربية برفقة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية للمشاركة في احتفالات اعياد الميلاد السنة الماضية. فيقول: «لم أكد أتعرف على أي من معالم المدينة التي تربيت عليها حيث ان المستعمرات ترتفع فوق قمم التلال والهضاب المحيطة بالقدس كغابات من الخرسانة والحديد، محيطة بالسكان العرب في ضواحي القدس والقرى المجاورة كسوار من الشوك، فضلا عن الجدار الشاهق الذي يخترق احياء المدينة ويعزل سكانها عن بعضهم البعض، وعما تبقى من أراضي الضفة الغربية التي يحتاج سكانها الى تصاريح خاصة من الحكومة الاسرائيلية للدخول من خلال البوابات الاربع التي تسد مسالك الطريق امام عرب الضفة الى القدس». ولم يفت نسيبة في سياق محاضرته الإشارة إلى تقصير الكتاب العرب في الاهتمام بتاريخ مدينة القدس، مستعرضا تجربة شخصية اخرى مر بها للتأكيد على ما ذهب اليه وهي حينما تساءل امامه طفل عربي في ابوظبي لا يتجاوز السنوات العشر «أليست القدس فعلا عاصمة اليهود التاريخية؟». وقال «يروعني ما اجده اليوم من جهل بين اطفالنا بتاريخ القدس العربي الحقيقي وبحجم مكانتها عند العرب والمسلمين». ولعل عدم رضا نسيبة عن دور الكتاب العرب في تثقيف وتعريف الاجيال القادمة بتاريخ مدينة السلام هو الذي دعاه للاستعارة في سرده لتاريخ القدس من رواية ايطالية بعنوان «حارس كنيسة القيامة» للروائي «فرانكو ديلا سيتا» التي قال انها تسرد تاريخ القدس في مختلف عصورها بشكل روائي جذاب. وقال ان عدم اهتمام الكتاب العرب بتاريخ القدس، قابله اهتمام واسع من قبل المؤلفين الغربيين الذين لا تزال قصة القدس ومكانتها الخاصة في مسيرة الانسانية، تأسرهم. واشار الى أن تاريخ القدس هو قصة العرب والمسلمين باعتبارها كانت دائما تعكس احداث ووقائع وتجارب التاريخ الاسلامي بمجمله بما شهده من انتصارات وهزائم وما عايشه من فترات سؤدد ومذلة. وقال إن العهود الاسلامية كلها مرت على هذه المدينة وحددت معالمها الاثرية والمعمارية وتركت آثارها في حياة سكانها الذين لفت الى ان الاطلاع على تجربتهم وسيرتهم سيكون بمثابة معرفة بميراث العرب والمسلمين . لهذا تساءل نسيبة «ألا يمكننا إذاً في سنة القدس ان نشجع الكتاب والمبدعين والفنانين على التعريف بقصص مدينة القدس ووقعائها عن طريق الرواية والخيال والاسطورة» ويستكمل نسيبة تساؤلاته «لماذا تغيب قصة القدس بعصورها المختلفة وبما تخللها من احداث شائقة عن الادب والمسرح والسينما وقصص الاطفال العربية بينما نراها لا تزال حية في ذاكرة الغربيين ؟». واسترسل في طرح أسئلته «ألا يمكننا تشجيع كتابة الروايات وانتاج المسلسلات التي تستطيع ان تنقل بأسلوب شائق سردي صورة حية من تجارب سكان المدينة عبر العهود الاسلامية المتعاقبة ؟.. لماذا لا نعيد طباعة اعمال الرحالة العرب التاريخيين كالشريف الادريسي ومحمد المكناسي وابي الحسن الهروي وابن شداد وياقوت الحموي وناصر خسرو وابن بطوطة على سبيل المثال بصورة متجددة وعصرية تنقل ذاكرة مدينة القدس الى مخيلة اطفالنا وتجعلها محفورة في الوجدان العربي كما هي مطبوعة في ذاكرة الانسانية؟». ليصل الى تساؤله الكبير «لماذا لا نعمل على تأسيس «ذاكرة القدس العربية» كمشروع مواز لمشروع «ذاكرة العالم العربي» الذي ينظمه مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي في مكتبة الاسكندرية بحيث يتم توثيق رقمي الكتروني لكل ما يتعلق بتاريخ القدس وميراثها الانسانس العربي ووضع بيانات خاصة بها لتعريف الاجيال بمساهمات القدس في الحضارتين العربية والاسلامية على مر العصور؟». واختتم نسيبة محاضرته بالإعراب عن أمله ان لا يتم اختزال الاحتفال بالقدس كعاصمة للثقافة العربية بمهرجانات خطابية وحفلات فلوكلورية، مطالبا بإيجاد خطة عمل لمساعدة سكان القدس العرب على التمسك بهوية القدس الثقافية والروحية والانسانية وبالموروث العربي الفلسطيني العريق فيها لتدارك الأمر قبل ان تصبح هذه الآثار الخالدة في القدس جزءا آخر من حكايات حزينة تروى للاحفاد كذكريات اندلس جديدة».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©