الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

قصيدة جديدة لـ محمد بن راشد «عن المسؤول».. دعوة لفتح آفاق الحياة والأمل

قصيدة جديدة لـ محمد بن راشد «عن المسؤول».. دعوة لفتح آفاق الحياة والأمل
19 مارس 2018 03:34
محمد عبدالسميع (الشارقة) الحكمة في الشعر تخرج من نار التجربة وحجم المعاناة، فالشاعر المتمرس دائماً ما يخوض غمار الحياة ويتصارع مع الطموحات والتحديات، ويبتلى كثيراً من الناس وينكوي بنار التجربة، فتخرج الحكمة من فمه ومن قلبه حارةً، تنبض مكوية بنار المعاناة ولهيب التجربة. «عن المسؤول»، قصيدة تنتمي لمجموعة القصائد الذهنيّة لصاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث يبرع سموّه في حثّ العقل على النظر، وفي الوقت ذاته يؤكّد له أنّ طول النظر ربّما يجعل المرء يظل يعاضل أبواباً من التفكير، والغاية في هذه القصيدة ذات الأبيات الفلسفيّة هي أنّ أموراً يظلّ يجهلها الإنسان مهما طال به التفكير. الإنسان هو محور القصيدة وفحواها، إذ يتدرّج صاحب السّمو بفكره وآفاقه الواسعة برسم الصورة محل الاستدلال إلى العجز عن إدراك الصّور في أحايين لا يمكن معها الاستدلال، وما ذاك إلا لأنّ المجاهيل تتأبّى على مساندة الناظر في فهم كنه بعض الأمور، فهي أمور «مجرّدة» تحتاج ذهناً متوقّداً واسع الإدراك، فقيم مثل الشرف والشّجاعة لا حدود لها في وصفها أو الوقوف على منتهاها كما يقول صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد، تماماً مثل رسم الوجه لكائن «مجهول»، فوق مستوى الإدراك أو تخيّل صورته على الأقل، ومع أننا نحسّه إلا أننا نجهل العنوان وهو ما يزيد من تعقيد عمليّة رسم الصّورة أو المقدرة على فهم كنه هذه الغيبيّات الخارجة عن قدرة الإحساس. إن مجموعة العلل- الأسباب- والمنطق يعيننا في «أن الشكل له مدلول»، وأن ما لا نراه بالعين نراه بالإحساس الإيمانيّ، وذلك ما يدعو إلى فلسفة الإنسان لوجوده لكي يتقبّل أو يذعن لهذه الأمور، إذ لا معنى للحياة من غير فلسفة، وفي ذلك طمأنة للمرء في حال خانه فكره واستحال عليه فهم أو ملاحقة بعض الأمور، فحار عقله ووقع في شرك اللا دليل أو اللا استنتاج. لكنْ، لأنّ كلّ شيء له نهاية مهما طال، ولأنّ الفكرة تبقى هي الخالدة حتى مع غياب الأبدان- الموت- فإنّ الفكر يبقى طريّاً- نديّاً لم يمت بعد، حتى لو ذهب الجثمان، وهنا يرصد سموه معرفته ويجعلها لنا دليلاً لنستأنس بها، فهو الذي عاش الحياة بكلّ وجوهها، وعلم أسراراً كثيرة يزجيها لنا في قصائده الحكيمة، حيث لم ير في هذه الحياة أقسى من الجهل والحرمان، ولكنّه مع كلّ هذه التجربة يعترف بأنّ الحقيقة ربّما لا تنفتح أقفالها بالسهولة التي نتصوّرها، فلا يزال سموّه على الرغم من كلّ هذه المعرفة والحكمة والاطلاع يحاول أن يفتح الأقفال ويفكّ المشتبك والمعقّد من الأسباب، ويفهم هذا الإنسان الذي هو سرّ عجيب معقّد تنطوي ذاته على ما يذهل ويقلق فيظلّ سرّاً عصيّاً على الفهم والتبيان. إذن، هي دعوة من سموّه للأمل وعدم اليأس، وكأنّ القصيدة نصٌّ تشريحي لهذا المخلوق الضعيف الذي لا تنفكّ مغاليقه بحال. على مستوى الصور الفنيّة، استطاع سموه -ومع ذهنيّة القصيدة- أن يلفت إلى المحسوسات والعقل بصور عذبة خففت من حدّة الفلسفة التي تنطوي عليها القصيدة، فـ«رسم الصّورة» تشبيه، والنظر بالإيمان بديلاً للنظر بالعين أيضاً تعبير فنّي مهم، والدعوة إلى أن يفلسف المرء وجوده لذاته يدعونا إلى ألا نركن إلى الفهم الذي قد لا نستطيعه من دون هذه الفلسفة، «إن خانك الفهم وأمسى العقل بك حيران»، فخيانة الفهم تصوير فنّي مناسب، كما أنّ «الفكر الطّري» تعبير طيّب يدلّ على أنّ الفكر لم يذبل أو يجف أو يموت بعد، وتلك صورة فنّية، أما تعبير سموّه بقوله «شفت الحياة وعشتها بين عرض وطول»، فتصوير قوي يدلّ على الخبرة والمراس في فهم الحياة، فكأنّ سموّه يذرع مساحة الحياة طولاً وعرضاً كنايةً عن فهمه ومعرفته بكلّ تفاصيلها، أمّا فتح قفل الحقيقة وعصيان أبوابها على ذلك، فتعبير قويّ أيضاً كما صوّر ذلك البيت «وحاولت أفتح قفلها ورفضت البيبان». في القصيدة دعوة لفتح الآفاق أمام مسالك المنطق الوعرة والشائكة في الحياة، وسرّ ذلك التعقيد هو الإنسان كهدف تقصّده صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد في فهم ذاته وحقيقته، وكأننا أمام قول الشاعر العربي الذي قال: «أتحسب أنّك جرمٌ صغيرٌ/‏‏ وفيك انطوى العالم الأكبر»!.. بلى إنّه الإنسان، كلٌّ معقّد يظلّ عالماً من المفاجأة والدّهشة بمرور الأيّام، فهو الذي يعمّر الكون كما نقول، وهو من يهدم هذا الكون بقوّته التي عجزت عنها الكائنات لسرٍّ أراده الله. عن المسؤول الصِّورَهْ اللِّي رسَمها العقلْ للمعقولْ فيها أحاسيسْ تاخذْ بالصِّوَرْ برهانْ أمَّا المِجرَّدْ فمشكِلْ ماحصَلْ محصولْ مِثْل الشَّرَفْ والشِّجاعَهْ مالها تبيانْ ياكيفْ نرسمْ وجوهْ لكاينٍ مجهولْ نحنا نحسِّهْ وَلَكِنْ نجهلْ العنوانْ للخيرْ والشَّرْ والعلاَّتْ والمعلولْ تفسيرْ يوضَحْ ويخفىَ ويوزَنْ بميزانْ والمنطقْ إيقولْ أنِّ الشَّكلِ لهْ مدلولْ ولي ماتشوفَهْ بعينكْ شوفَهْ بالإيمانْ فلسِفْ وجودكْ لذاتكْ وإنتهْ المسؤولْ إِنْ خانكْ الفهمْ وأمسىَ العقلْ بكْ حيرانْ ولكلْ شيٍّ نهايِهْ لوُ الزِّمانْ إيطولْ والخالدْ الفِكرْ وماهي خالدِهْ الأبدانْ ومادمتْ حَيْ وتفكِّرْ لي يزولْ إيزولْ بيتمْ فكركْ طري لوُ يختفي الجثمانْ شفتْ الحياهْ وعِشِتْها بينْ عَرضْ وطولْ وماشفتْ أقسَىَ مِنْ الجَهْلْ ومنْ الحرمانْ وردِّيتْ عندْ الحقيقَهْ وبابها المقفولْ وحاولتْ أفتَحْ قفِلها ورفضَتْ البيبانْ وللحينْ وآنا أحاولْ فتحَها وآقولْ أكيدْ في يومْ بقدَرْ أفهَمْ الإنسانْ
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©