الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعادة اعتبار للكتابة التخصصية

إعادة اعتبار للكتابة التخصصية
8 مايو 2008 03:36
تظل الكتابة النقدية في المشهد الثقافي العربي هي الكتابة المتوارية والمنطوية والمنسية دائما، وهناك تهمة جاهزة وملتصقة بالكتابة النقدية، وهي أنها كتابة لاحقة على المنتج الأدبي أو الفني، ولذلك فإن القارئ يؤمن بأنها كتابة تتسوّل وتتغذى من الأصل والمتن والمنبع، وتنتفي عنها صفة موازاة ومجاراة النص البكر والأول، وهي في عرف هذا القارئ، كتابة تعتاش من قوة وشهرة وصيت المنتج الأصلي كي تينع وتثمر وتنوجد وسط حدود وأرض هذا المنتج، وبالتالي لا يمكن للكتابة النقدية أن تتخلق من فراغ، كما لا يمكن لها أن تتشكل دون مرجعية إبداعية تساهم في تكوينها· الأمرّ من ذلك هو أن النقد رغم أهميته القصوى في شرح وإضاءة وتحليل المنتج الأدبي أو الفني، إلاّ أنه يقبع دائما في الصفوف الخلفية من اهتمامات القارئ العربي، وبالتالي فإن مقاييس الذائقة الجمالية عنده تظل مصابة بالعمى والضبابية والقصور والتشويش، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالوعي المعرفي، والخبرة الانتقائية، وتوجيه البوصلة الذهنية والروحية ناحية العميق والمشرق والمتوهج من الإبداعات الفنية والأدبية هنا، وهناك، وفي المقلب الآخر من العالم· القراءة التفاعلية ومناسبة هذا القول تعود لولادة حدث ثقافي مهم في الشارقة وفي الإمارات عموما، وهو تخصيص جائزة للبحث النقدي التشكيلي، والتي بادرت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة متمثلة في إدارة الفنون باحتضان فكرتها ودورتها الأولى، ومن ثم تعميمها في أوساط النقاد والأكاديميين المتخصصين والشغوفين بالنقد التشكيلي، بحيث تتناول كل دورة محورا معينا يتم توجيه معايير التقييم والتحكيم من خلاله· هذه الجائزة وهي في مهدها سوف تعيد دون شك الاعتبار الثقافي والرسمي للكتابة التخصصية، وهي قادرة على المساهمة في ردم الهوة الحاصلة بين المنتج التشكيلي بتراثه الفني والإنساني، وبين القراءة العارفة والمتفحصة والمتغلغلة التي تشرح وتحيي وتبعث هذا المنتج من جديد، والأكثر من ذلك أنها تضيف أنساقا جمالية جديدة كانت غائبة ومنسية ومهملة حتى من قبل الفنان ذاته، فالقراءة النقدية هي دائما قراءة تفاعلية تمارس فعلها الفني المستقل والمبتكر والمتواشج في ذات الوقت مع مرجعيات وأصول علم النقد· وكان رواق الشارقة للفنون على موعد قبل أيام مع تكريم سعادة عبدالله العويس مدير عام دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ـ رئيس الجائزة ـ للفائزين بالمراكز الأربعة الأولى، وكان محور الجائزة في دورتها الأولى هو: ''الريادة في الفنون التشكيلية العربية''، وفاز بها كل من: د· نزار شقرون من تونس وحاز على المركز الأول عن بحثه النقدي حول تجربة الفنان الرائد شاكر حسن آل سعيد، أما الجائزة الثانية فذهبت إلى الدكتور محمد بن حمودة من تونس أيضا عن بحثه حول الريادية الفرنسية ودورها في توطين العمود الأكاديمي التونسي، وذهبت الجائزة الثالثة للدكتور ياسر منجي من مصر عن بحثه حول فكرة الريادة بين ثوابت التاريخ وتقلبات الفضاء البصري العربي، أما الجائزة الرابعة فذهبت للدكتور فريد الزاهي، حيث أوصت لجنة تحكيم الجائزة بطباعة بحثه القيم حول تجربة الانفتاح في الفن العربي المعاصر· وتكونت لجنة تحكيم الجائزة من أسماء مهمة وفاعلة في المشهد التشكيلي العربي وهم: د· شربل داغر من لبنان، ود· مصطفى الرزاز من مصر، ود· سمير التريكي من تونس· نتاجات نوعية وتأتي أهمية جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي كونها الجائزة الأولى على المستوى العربي التي تولي البحث الفني البصري مكانته وتبرز الجهود المبذولة من قبل الكتاب والنقاد والأكاديميين العرب، وتحاول أن تعلي من شأن النقد باعتباره موازيا إبداعيا للعملية الفنية، من خلال تعدد مجالات البحث الفني بتعدد العلوم الإنسانية المتصلة بعلم نفس الفن، وعلم اجتماع الفن، وانثروبولوجيا الفن وتاريخ الفن، وكذلك البحوث التأملية كعلم الجمال وفلسفة الفن، والنقد الفني· وتنظر الجائزة بعين واسعة وشاملة للتواصل مع الباحثين ونقاد الفن التشكيلي العربي، والتعريف بأعمالهم ونتاجاتهم النوعية وتوثيقها، كما تهتم الجائزة بتشجيع المواهب النقدية الشابة والترويج لها، ورصد حركة النقد التشكيلي في المحترفات العربية، وبناء صلة بين المجتمع وفنونه عبر اللغة النقدية· وعن وعود ومنطلقات الجائزة يقول سعادة عبدالله العويس مدير عام الدائرة ورئيس الجائزة: تنبع منطلقات جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي من وعي وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لمتابعة الأفكار المميزة وتحفيز البحث النقدي التخصصي في مجالات الفنون التشكيلية والبصرية بأنواعها المعهودة، ودعم دور النقاد المبدعين، وإضاءة الحركات والاتجاهات النقدية وتوثيقها، كما ترمي لإيجاد لغة مشتركة بين النقاد من جهة وبين القارئ المهتم من جهة أخرى · فن البحث والاستبصار وعن حيثيات وتوجهات الجائزة يقول هشام المظلوم مدير إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ـ الأمين العام للجائزة: ''إن الدورة الأولى للجائزة ما هي إلا نقطة انطلاق نحو آفاق إبداعية وثقافية شاملة، تلك الآفاق المقرونة برؤية صاحب السمو حاكم الشارقة الذي يولي كامل العناية والرعاية للمشاريع الثقافية والفنية الكبرى''· ويضيف المظلوم: ''تتقدم الجائزة ومنذ بدايتها باتجاه تأصيل وترسيخ المعارف النظرية والتطبيقية المرتبطة بفن البحث والاستبصار في مجالات الفنون التشكيلية، وتنويعاتها الموصولة بجدل الواقع والفكر والتاريخ''· وعن آلية عمل الجائزة، يقول المظلوم: ''هي آلية تستمر على مدار العام، فمن مباشرة الخطاب بالإشهار السنوي للدورة الجديدة، ثم التلقي التفاعلي للمداخلات المرشحة للمشاركة، وأخيرا وليس آخرا تتويج الآلية الشاملة بندوة فكرية مكرّسة، يليها إصدار مطبوعة توثيقية رئيسية· ويرى الدكتور شربل داغر عضو لجنة تحكيم الجائزة في دورتها الأولى أن جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي تليق بجهد الناقد الصبور والمتفاني، وهي جائزة سعت لتنشيط التباري والسؤال والإضافة بمختلف المعاني· وعن الأعمال المقدمة للجائزة والمتعلقة بمحور الريادة في الفنون التشكيلية العربية يقول داغر: ''تنوعت الأعمال المقدمة بين كتب وبحوث· ويضيف داغر: ''إن الأعمال الفائزة بالجائزة امتازت بمسعى نقدي في تناول مفهوم ''الريادة''، كما أنها قادرة على الدفاع عن نفسها بنفسها، ولا تحتاج إلا إلى حكم القارئ·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©